شكلت سياسية الحوار الإيجابي التي انتهجتها بعض دول المنطقة مؤخراً، أداة جديدة للتقارب السياسي والدبلوماسي والحد من تفاقم الأزمات.

ويرى خبراء ودبلوماسيون أن قمة بغداد أو قمة "الحوار الإقليمي" التي شهدت تمثيلا رفيعا من الدول المعنية بأمن واستقرار العراق والمنطقة دشنت محطة مهمة في طريق الحوار الإيجابي ضمن إطار تصالحي، وهو ما يمثل أحد أهداف القمة.

وأوضح دبلوماسيون تحدثوا إلى موقع "سكاي نيوز عربية" أن نهج الحوار واللقاءات الثنائية من شأنها أن تخفف حدة الأزمات الراهنة وإذابة تلال الخلافات الممكن تجاوزها والتمهيد لمسار جديد من العلاقات بين الدول ذات الثقل بالمنطقة، خاصة في ظل تحديات دولية جديدة يواجهها كافة الأطراف.

ولفت الخبراء إلى أن هناك تطورات مباشرة ترافقت مع قمة بغداد، أبرزها التقارب المصري القطري والتقارب الإماراتي القطري وصولا إلى الإعلان، الثلاثاء، عن جولة محادثات استكشافية مرتقبة بين مصر وتركيا.

طريق المصالح المشتركة

"لا عداوة دائمة، لكن توجد مصالح مشتركة"، بتلك الكلمات استهل اللواء دكتور محمد الشهاوي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية والخبير الاستراتيجي، حديثه عن حالة الحوار الإيجابي التي تشهدها المنطقة العربية والشرق الأوسط.

وأوضح الشهاوي، في حديث لموقعنا، أن من مصلحة كافة الأطراف عدم إطالة أمد الخلافات المستمرة منذ سنوات وتسببت في خسائر هائلة، خاصة على صعيدي الأمن والاقتصاد، ومن ثم تسعى كافة الدول للوصول لنقاط اتفاق تُخفض حدة الاضطرابات وتجعلها في حدها الأدنى.

ويضيف عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن تصاعد خطر الإرهاب، خصوصا بعد سيطرة طالبان على أفغانستان دفع دول المنطقة للبحث عن صيغ تعاون، ومن ثمّ تسعى الدول العربية ودول الإقليم إلى دعم استقراراها في المقام الأول وتنحية الخلافات جانبا في سبيل ذلك التعاون.

تعزيز الاستقرار بالحوار

ويلفت الشهاوي إلى دور قمة بغداد في إنضاج حالة حوار بناء، بما شهدته من تواصل مباشر ومباحثات مكثفة، فضلا عن لقاءات ثنائية لممثلي دول ذات ثقل إقليمي ودولي.

أخبار ذات صلة

استئناف المباحثات بين مصر وتركيا.. هذه أبرز الملفات
مصر: تغليب الحلول السياسية يحفظ وحدة الدولة الليبية

وتركز دول المنطقة جهودها حالياً لتعزيز استقرارها وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، حسب الشهاوي، لكن استمرار التناحر والخلاف لا يدعم هذا التوجه، بل يدعمه العمل المشترك القائم على احترام كل طرف للآخر، وعدم التدخل في شؤونه.

ومن بوادر الانفراجة المحتملة للعلاقات المصرية التركية المتأزمة، إعلان مصر الاستجابة لدعوة من تركيا لإجراء جولة ثانية من المحادثات الاستكشافية بين البلدين، والتي يُنتظر أن تتناول العلاقات الثنائية بين الجانبين، وعدد من الملفات الإقليمية.

تهدئة التوترات

ويرى السفير أشرف حربي، مستشار مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن التحركات الأخيرة في المنطقة تعبر عن جهود لرأب الصدع في الجسد العربي، ومنها جهود حكيمة لقيادات عربية، وعلى رأسها قيادات "الرباعي العربي"، مصر والإمارات والسعودية والبحرين، بالتقارب مع دولة قطر.

وقال حربي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إن هناك جهودا دبلوماسية حقيقية تسعى لتهدئة التوترات الراهنة، سواء بين الدول العربية وبعضها البعض، أو مع الدول المجاورة للدول العربية مثل إيران وتركيا.

ويوضح مستشار مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، أن المنطقة تشهد حاليا بداية لمرحلة جديدة من تطور العلاقات بين الدول العربية ودول الجوار، والسعي لإنهاء التوترات أو تهدئتها بحد أدنى، وهو ما عكسته محادثات قمة بغداد والتمثيل عالى المستوى الذى حظيت به.

ويشدد حربي على أن الآمال معقودة على أن يسفر التقارب العربي وعودة العراق إلى محيطه الطبيعي إلى هدئة التوترات، وصولاً إلى تعزيز العلاقات وتوجيهها لمصلحة التنمية والتعاون الاقتصادي.