أثار قرار الحكومة المغربية، بإغلاق الحمامات، مطلع الشهر الجاري، استنكارا واسعا في صفوف العاملين في القطاع ممن يقولون إن قيود جائحة كورونا حرمتهم من موارد عيشهم.

وأدى القرار الذي شمل أيضا قاعات الرياضة وقطاع الحفلات، إلى احتقان كبير، بسبب عدم توفير الحكومة لدعم أو بدائل مؤقتة تضمن للمهنيين مصدر دخل بديلا.

ولم يكن إدريس الذي يعمل "كسالا" (الشخص الذي يساعد الزبون على الاستحمام) منذ 18 عاما في حمام تقليدي بمدينة سلا، شمالي العاصمة، يعتقد أن يوما سيأتي فيجد نفسه بدون عمل.

وألقى قرار الحكومة المغربية بإغلاق الحمامات بكل ثقله على عشرات الآلاف من العمال بهذه القطاعات.

وقال إدريس في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"،"لا حيلة لي، الإغلاق دفعني لبيع بعض من أثاث منزلي لأوفر الطعام لأبنائي. فأنا لا أتوفر على ضمان صحي ولا تأمين. كما أن الحكومة لم تمنحنا أي دعم لسد حاجياتنا الأساسية."

وتعليقا على الموضوع، عبرت فاطمة فدواشي، رئيسة مجموع جمعيات أرباب الحمامات، عن استغرابها لقرار الحكومة، وعدم جلوسها إلى طاولة الحوار مع مهنيي القطاعات المتضررة.

واسترسلت في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، "لقد جف الحبر في أقلامنا من كثرة المراسلات والمطالب التي رفعناها إلى الحكومة. هذا القرار غير مفهوم، لا سيما أن الأسواق مكتظة ووسائل النقل تعرف هي الأخرى ازدحاما كبيرا. نحن لم نفهم المغزى من استهداف الحمامات بهذا الإغلاق. لا سيما أنه لم يثبت تسببها في انتشار الفيروس".

وكانت الحكومة، قد قررت بداية أغسطس الجاري، تشديد الاجراءات الاحترازية، معلنة إغلاق الحمامات والقاعات الرياضية والمسابح، التي بالكاد فتحت أبوابها بعد أشهر من الإغلاق.

"لا حياة لمن تنادي"

من جانبه، قال عبد الرحمن حضرمي، الكاتب العام للاتحاد الجهوي لأرباب الحمامات والرشاشات بجهة الدار البيضاء سطات، إن “قرار الإغلاق الذي اتخذته الحكومة بشكل مفاجئ، قد ورط مهنيي قطاع الحمامات في مشاكل مالية كبيرة لا يستطيعون مواجهتها في الوقت الراهن."

وأضاف في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "القطاع تضرر كثيرا من قرارات الحكومة، حيث تم فرض الإغلاق على الحمامات منذ منتصف شهر مارس 2020 وسُمح لها بفتح أبوابها مجددا بعد سنة من ذلك. وكان ذلك بمثابة فخ سقط فيه الكثير من مهنيي القطاع، لأنهم أخدوا على عاتقهم التزامات جديدة ومنهم من اقترض من البنوك لإصلاح محلاتهم، إلى أن فوجئوا بإغلاق جديد مطلع أغسطس الماضي. لقد حاولنا مرات عديدة التواصل مع الحكومة، لكن لا حياة لمن تنادي".

حضرمي أوضح أن "أزيد من ربع الحمامات التقليدية بجهة الدار البيضاء وهي العاصمة الاقتصادية للمملكة، لم تفتح أبوابها نهائيا في مارس الماضي، وذلك بسبب عدم قدرتها على توفير الإمكانيات اللازمة لإصلاح المحلات".

وأكد أن "القطاع يضم أزيد من 4000 حمام بمدينة الدار البيضاء ، فيما يتجاوز عدد اليد العاملة 40 ألفا يعانون من التهميش، مطالبا الحكومة بإيجاد حل ملموس لهؤلاء العمال ومنح القطاع حلولا ضريبية تخفف من حدة الأزمة التي تعصف به."

في غضون ذلك، قال مصدر لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الفترة الحالية تشهد التركيز على الانتخابات، وليس ثمة من يولي أهمية للهواجس التي يعبر عنها العاملون في الحمامات التقليدية، حتى وإن كان وضعهم صعبا.

غرق في الديون

أعرب الاتحاد العام للمقاولات والمهن عن قلقه الشديد من القرارات "العشوائية والغير محسوبة العواقب التي تتخذها الحكومة بسبب تفشي ظاهرة كورونا والتي لن تساهم إلا في تأزيم وضعية المقاولة المغربية
خصوصا الصغيرة جدا والصغيرة وحتى المتوسطة."

وتابع الاتحاد في بلاغ له صدر بتاريخ الرابع من أغسطس، اطلعت عليه "سكاي نيوز عربية": "إذا كنا مع أي إجراء الهدف منه إنقاذ أرواح وصحة المغاربة وحمايتهم من هذا الوباء الفتاك، فإننا ضد أي قرار غير مدروس ويتخذ بشكل ارتجالي وانفرادي من طرف الحكومة تحت غطاء حالة الطوارئ."

أخبار ذات صلة

"ألف صانع وصانعة"...مبادرة تدعم حرفيي مراكش

وسجل الاتحاد "أن جل أرباب الحمامات كانوا مضطرين عند استئنافهم للعمل إلى القيام بمجموعة من الإصلاحات وتغيير مجموعة من الآليات التي تعطلت أو تعرضت للتآكل بسبب التوقف الطويل
والذي تطلب منهم استثمارات جد مكلفة."

واستنكر البلاغ أيضا "ما تعرض له العاملون بهذا القطاع من "كسالة وطيابات" -ويُقصد بها العاملون والعاملات الذين يعتنون بالزبناء داخل الحمام- من عدة مشاكل طيلة مدة الإغلاق حيث إن مصدر قوتهم اليومي انقطع بشكل مفاجئ دون أن يتمكنوا من الحصول على أية إعانة من الجهات المسؤولة وذلك رغم وعود الحكومة التي ذهبت أدراج الرياح."

مقترح "جواز التلقيح"

اقترح مهنيو مجموعة من القطاعات بالدار البيضاء المتضررة من قرار الإغلاق، على الحكومة السماح لهم باعتماد "جواز التلقيح" كشرط أساسي لإعادة فتح فضاءاتهم من جديد في وجه الأشخاص المتوفرين على تلك الوثيقة، إلى جانب احترام كافة التدابير والتقيد بالإجراءات الاحترازية المعمول بها في مواجهة تفشي فيروس كورونا.

أخبار ذات صلة

المغرب.. جدل "اختبارات كورونا السريعة" مستمر

وأوضح مهنيو القاعات الرياضية، والحفلات والأعراس والحمامات التقليدية والرشاشات العمومية بمدينة الدار البيضاء، المنضوون تحت لواء الاتحاد العام للمقاولات والمهن، أنهم وجهوا ملتمسا إلى الحكومة من أجل السماح لهم باستئناف نشاطهم، مشددين في رسائل رسمية على أنهم مستعدون لفرض "جواز التلقيح" كشرط أساسي على كل شخص أراد الولوج إلى تلك الفضاءات العمومية بهدف الاستفادة من خدماتها.