بسقوط حركة النهضة في تونس، تهاوى أخر ما تبقى للتنظيم الدولي للإخوان، بعد أن فقد ذراعه الوحيد الذي تبقى في السلطة بعد سقوط الإخوان عن الحكم تباعاً، في عدة دول عربية بدأت من مصر إثر الثورة الشعبية في عام 2013.

ويرى المراقبون أن الوضع الحالي للإخوان لا يمكن وصفه إلا بأنه "السقوط الأخير"، للجماعة التي تعاني من ضربات متلاحقة على مدار الأشهر الماضية خاصة في ظل التضييق الأوروبي الغير مسبوق عليها وحظر أنشطتها في عدة دول أخرها ألمانيا والنمسا.

ولا يستبعد المراقبون أن يضطر التنظيم الدولي للإخوان لتجميد نشاطه بشكل مؤقت لمواجهة "الطوفان الكاسح"، خاصة أن القرارات الأخيرة في تونس أفقدته أهم أذرعه السياسية وقضت على مخطط "التمكين" الذي سعت الجماعة لتحقيقه منذ عقود.

تطويق التنظيم الدولي

ويؤكد الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي، عمرو فاروق، أن سقوط الإخوان في تونس يعد ضربة قاتلة للتنظيم الدولي الذي يشهد أزمات غير مسبوقة خاصة بعد الإجراءات الأوروبية الأخيرة ضده، وما ترتب عليها من فقد أهم ملاذات التنظيم التاريخية.

وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، يقول فاروق إن التنظيم يمر بمرحلة حرجة من الهشاشة والضعف، مشيراً إلى أن قياداته يبذلون محاولات مستميتة للحفاظ على ما تبقى من هيكله، لكن ما حدث في تونس سيلقى بظلاله بشكل كبير على تلاشي قدرة التنظيم على صد الضربات المتلاحقة ضده.

ويرى فاروق أن الإخوان في تونس "حالة خاصة" لما يمثله وجود التنظيم هناك من قدرة على التواصل مع قياداته في محيطه الإقليمي ببلاد المغرب العربي، لكنه يشير إلى أن سقوطهم في تونس كان أمرا متوقعا مع تردي الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية ووصول البلاد إلى حافة الهاوية.

وأشار الباحث المصري إلى أن العقيدة الراسخة لدى الإخوان هي الحكم بـ"المغالبة لا المشاركة"، بمعني تفردهم بالقرارات وعدم قدرتهم على الاندماج والتعاون مع القوى السياسية أو الشركاء في الحكم، وهو ما أدى في النهاية لسقوطهم سياسياً ورفضهم شعبياً في معظم الدول العربية.

أخبار ذات صلة

عقب قرارات سعيّد.. ميليشيات إخوانية ليبية تتجه نحو حدود تونس
بعد قرارات سعيّد.. احتفالات في تونس وحرق مقار النهضة

 هل تدعم بريطانيا الغنوشي مجددا؟

من جانبه، يقول مدير السياسات بمركز الإنذار المبكر للدراسات، الدكتور أحمد الباز، إن التنظيم سيكثف محاولاته للبحث عن راعي دولي آخر بالتوازي مع الخروج النسبي من تركيا وما سيتبعه ف تونس.

وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" يقول الباز إن الجماعة باتت ملفوظة محلياً، وللبقاء على قيد الحياة ستعمل على ايجاد هذا الراعي وحيث أنه لا يوجد راعي مناسب في المنطقة العربية فإن الراعي سيكون أوروبيا، وبالخصوص بريطاني.

وأشار إلى أن راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة كان يعيش في لندن، وهي رعاية لن تكون رسمية بشكل كامل بقدر ما ستكون تغاضي عن الوجود الإخواني والسماح بمساحة للحركة الإخوانية المدعومة بأموال رجال الأعمال من الإخوان والقنوات الإعلامية التابعة لهم.

ويرى الباز أن حل الإخوان لنفسها في كافة أشكالها بمصر وخارج مصر هو ضرب من ضروب الخيال، ليس لأن الجماعة ترى نفسها حاملة لدعوة ربانية ويقع على عاتقها مهمة إصلاح الأرض والحفاظ على التجارب الديمقراطية، بل لأن الجماعة مرتبطة عميق الارتباط بأنظمة وقوى إقليمية ودولية وشبكات أموال عالمية ومؤسسات سياسية.

وأعرب عن اعتقاده أن الحل يكمن في الاستمرار بتجفيف منابع الجماعة كلما كان ذلك ممكناً، وقطع الطريق على أي محاولة من الجماعة للبحث عن موطأ قدم.

ورأى أن "الجماعة بالفعل عبء على نفسها وعبء على أي بلد توجد فيه، وشوكة في ظهر أي بلد، وتنظيم قابل للعِمالة بشكل مخجل".