جدد الهجوم الذي شنه تنظيم داعش الإرهابي على قصر الرئاسة العاصمة الأفغانية كابول القلق من أن عودة التنظيم الإرهابي، الذي يخطط لتحويل أفغانستان مقرا له، بعد فشل إقامة دولته في سوريا والعراق، كما أثار التساؤلات حول الدول الواقفة وراء التنظيم وأهدافها من تقويته في هذه المنطقة من العالم.

وتتزامن عودة التنظيم بهذا الهجوم الكبير مع الانسحاب الأميركي الجاري من أفغانستان رغم التصريحات الأميركية بأن أفغانستان ستشهد تهديدات عنيفة من تنظيمي داعش والقاعدة خلال العامين المقبلين.

وكان داعش- الذي ظهر في أفغانستان سنة 2015 بعد عام واحد من ظهوره في سوريا والعراق- أعلن ما وصفها بولاية خراسان؛ ليقاتل من خلالها الحكومة الأفغانية ومنافسته لحركة طالبان وما يصفها بمراكز الشرك في البلاد.

لكنه تعرض لنكسات على يد الحكومة الأفغانية شتت شمله، وأفقدته الكثير من القيادات، ما شجّع الحكومة على إعلان هزيمته في 2019، وإن عاد بهجمات أخرى في 2020.

وأثناء صلاة عيد الأضحى الثلاثاء الماضي بكابول شن هجمات صاروخية على القصر الرئاسي في المنطقة الخضراء المحصنة، وتبنى الهجوم في بيان على تطبيق "تليغرام" جاء فيه: "استهدف (جنود الخلافة) القصر الرئاسي الأفغاني والمنطقة الخضراء بسبعة صواريخ من طراز كاتيوشا".

وبالتزامن مع عودة نشاط داعش، تتمدد حركة طالبان فوق الأراضي الأفغانية بسرعة مثيرة للدهشة والتساؤل، حتى قال رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارك ميلي، إن طالبان اكتسبت "زخما استراتيجيا" في هجماتها عبر أنحاء أفغانستان، وتسيطر على نصف المناطق الأفغانية.

وفي حديثه لـسكاي نيوز عربية قال المحلل السياسي والمختص بالشؤون الاستراتيجية، زيد الأيوبي، إن الهجوم الصاروخي الذي شنه تنظيم داعش بالقرب من القصر الرئاسي هو عمل إرهابي متوقع في ظل التطورات بعد اتفاق السلام بين طالبان والولايات المتحدة (المبرم سنة 2020) وبدء انسحاب القوات الأميركية.

أخبار ذات صلة

القبض على أبرز إرهابيي داعش في "جنوب العراق"
العراق يدعو إلى "التنسيق الدولي" لمواجهة داعش

"القوة الخفية" وراء داعش

ويتساءل المحلل السياسي: "من هي القوة الخفية المعنية بتنامي قوة تنظيم داعش ونشاطه الإرهابي في أفغانستان، وكيف استطاع هذا التنظيم الذي تحاربه أكثر من 90 دولة بقيادة أميركا إعادة إنتاج نفسه من جديد؟ وكيف وصل مقاتلوه للأراضي الأفغانية؟ فهل هناك قوى إقليمية أو دولية توظف نشاط هذا التنظيم من أجل تحقيق غاياتها وأهدافها السياسية في أفغانستان؟".

ويعقّب الأيوبي على أسئلته بأنه "بكل الأحوال أعلن وزير الخارجية الروسي قبل فترة ليست ببعيدة عن إمكانية التدخل العسكري الروسي في أفغانستان لضرب قوة تنظيم داعش في ظل محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحصول على اتفاق مع أميركا وطالبان لإدارة مطار كابول وتأمين منطقة السفارات والمؤسسات الدولية".

اتهامات لإيران والولايات المتحدة

وتقدم الحكومة الأفغانية والحكومة الروسية إجابات أيضا على السؤال بشأن من المستفيد من تقوية تنظيم داعش من جديد.

فالحكومة الأفغانية أعلنت رفضها سعي إيران لتشكيل مجموعات مسلحة "شيعية" أفغانية، وإرسالها إلى أفغانستان، خاصة في المناطق التي يكثر فيها الشيعة بحجة محاربة التنظيمات الطائفية مثل داعش وطالبان.

وفي الشهر الجاري، قال المشرف على وزارة الاستخبارات الأفغانية، قاسم وفائي زاده، في تصريحات إعلامية: "يخلق النظام الإيراني بهذه الأعمال أبعادا أكبر للحرب الأفغانية، التي يُمكن أن تكبر نارها وتصل إلى داخل الأراضي الإيرانية نفسها"، وإن الجماعات الأفغانية التي تدعمها طهران "مُجرد مُرتزقة" و"أدوات للأجانب".

من ناحيته، حاول وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، تقليل مخاوف الحكومة الأفغانية بقوله: "إن عدد مقاتلي اللواء لا يتجاوز 5 آلاف، وقد تشكل قوة مساندة للقوات الأفغانية لمكافحة داعش".

أما في موسكو، فوجهت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زخاروف، الاتهام مباشرة إلى الولايات المتحدة بأنها تتعاون مع تنظيم داعش في شمال أفغانستان.

وقالت زخاروف في مؤتمر صحفي نشرته مواقع روسية، الخميس: "أثارت لدينا مروحيات لم تحمل أي علامات تسجيل وتم رصدها منذ العام 2017 داخل مناطق أنشطة مسلحي داعش، خاصة شمال أفغانستان أسئلة كثيرة".

"تنبوءات" أميركية

واللافت أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، سبق ورجح نهاية شهر يونيو أن التنظيمات مثل "القاعدة" و"داعش"، ستبعث بتهديدات عنيفة في غضون عامين قادمين، وذلك في جلسة استماع بالكونغرس، حضرها رئيس هيئة أركان القوات الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي لمناقشة مشروع موازنة الدفاع للعام المقبل.

وقال ميلي: "أعتقد أنه إذا حدثت أشياء أخرى معينة، كانهيار الحكومة الأفغانية أو حل القوات الأمنية الأفغانية، فمن الواضح أن هذا الخطر سيزداد لكن الوقت الحالي يمكن القول إن الخطر متوسط وهو في غضون عامين أو أكثر بقليل".