تزامنا مع الأزمة التي أثارتها زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للشطر الشمالي المحتل في قبرص، وإعلانه قرب افتتاح منتجع فاروشا القبرصي، والتوتر الذي خلفته بين أنقرة والمجتمع الدولي، زار وزير داخليته سليمان صويلو المناطق الشمالية المحتلة في سوريا من قبل بلاده، وتحديدا منطقتي عفرين وأعزاز، بمناسبة عيد الأضحى، كما أعلنت أنقرة.

وبحسب وكالة الأناضول الرسمية التركية للأنباء، فإن صويلو زار الثلاثاء مدينتي أعزاز وعفرين بريف حلب الشمالي، ورافقه خلال الزيارة القائد العام للدرك التركي الفريق أول عارف جتين، ووالي كلس ووالي هاتاي وعدد من المسؤولين الأتراك.

وأكثر ما يثير الجدل حول الأمر، انتشار صور وفيديوهات الزيارة، والتي أظهرت أن المقرات التي زارها صويلو ترفع كلها العلم التركي، بل تنتشر فيها صور كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، كما هو الحال في المقرات والدوائر الحكومية التركية.

واعتبره مراقبون الأمر رسالة واضحة من تركيا مفادها أنها تعتبر هذه المناطق السورية المحتلة جزءا من أراضيها، إذ إن اختيار وزير الداخلية للقيام بهذه الزيارة غير الشرعية والمنافية للقانون الدولي، هو اختيار مقصود وليس اعتباطيا، على قاعدة أن هذه المناطق هي أيضا تدخل ضمن نطاق صلاحياته، ومهامه وزيرا للداخلية.

أخبار ذات صلة

أزمة فاروشا القبرصية.. الكونغرس يشن هجوما لاذعا على تركيا
فاروشا.. مدينة "الأشباح" التي تختصر مأساة قبرص وأطماع تركيا

وتعليقا على ذلك يقول المحلل السياسي العراقي طارق جوهر، في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "تركيا باتت تمارس سياسة توسعية خطيرة جدا، ولننظر الآن للمشهد خلال هذين اليومين فقط، لنرى كيف أن أنقرة باتت عامل توتير واضطراب إقليمي واسع، من حوض المتوسط والمنطقة العربية، وصولا للقوقاز وأفغانستان، وهي لا تخفي هنا نزعاتها الهادفة للسيطرة بالقوة على المنطقة العربية والإسلامية ككل".

ويتابع: "الوزير التركي كان واضحا تماما في حديثه، حين أشار إلى أن سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان، وكامل المنطقة الإسلامية، تقع ضمن نطاق مسؤولية تركيا، فالمستمع لهذا الكلام يتبادر له لوهلة، كما وأننا لا زلنا في العهد العثماني، حيث السلطان التركي الذي يحكم مختلف الولايات والشعوب، في المنطقة بالحديد والنار".

ويضيف جوهر: "يبدو أن أردوغان بصدد الإيغال مرة أخرى في سياسات التوسع والعنجهية وحافة الهاوية، مستغلا الأوضاع المضطربة في سوريا والعراق وليبيا وقبرص، ومحاولا فرض أمر واقع الاحتلال التركي في تلك البلدان، والتي رغم ما تعانيه من ظروف عصيبة، فإنها دول مركزية ومحورية في الشرق الأوسط والعالم العربي، ما يجب أن يشكل مدعاة تحرك عربي وأوروبي ودولي عاجل، لكبح جماح العدوانية التركية".

أخبار ذات صلة

تسارع بنقل المرتزقة من سوريا لليبيا.. ما خطة تركيا والإخوان؟
قصف "مفاجئ" على إدلب.. هل يحمل رسائل من روسيا إلى تركيا؟

بدروه، قال مصدر سياسي سوري، في لقاء مع "سكاي نيوز عربية": "مع الأسف بلادنا أصبحت ساحة مفتوحة لكل من هب ودب، لكن الأطماع التركية في سوريا هي الأخطر، وأنقرة تعمل صراحة على تكرار السيناريو القبرصي ليس في سوريا فقط بل في العراق وليبيا، وهذا ليس تحليلا أو توقعا، إنما توصيف لما يحدث على الأرض".

ويضيف: "تمكنت تركيا من فرض احتلالها لقسم واسع، من بلد أوروبي كقبرص منذ نحو نصف قرن، وها هي تمضي في ذلك، رغم ما يتمتع به القبارصة من دعم يوناني وأوروبي وحتى أميركي وأممي، فما بالك بنا نحن السوريون".

ويردف: "مجرد نظرة سريعة على ما ممارسات الاحتلال التركي في شمال سوريا، تؤكد أن هذه المناطق اقتطعت من سوريا وقضي الأمر، أقله لسنوات عديدة، وأنه لا بوادر لعودة قريبة لها ولا حتى على المدى المتوسط".

هذا وكانت الغزوات العسكرية التركية  لسوريا، قد توالت من  "درع الفرات" في العام 2016، و"غصن الزيتون" في العام 2018، و"نبع  السلام" في العام 2019، وعلى وقعها بدأت وتيرة عمليات التتريك الممنهجة لشمال سوريا في التصاعد، ويشير المراقبون في هذا الصدد لحقيقة صادمة، وهي أن مظاهر التتريك تطال مختلف مناحي الحياة وأطرها شمال سوريا، لدرجة فرض اللغة والعملة التركيتين في المدارس والأسواق في تلك المناطق، بغية تحويل التتريك لأمر واقع ملموس وبشكل يمس حياة الناس اليومية، وبما يكرس مع مرور الوقت الاحتلال التركي للشمال السوري على غرار  الشمال القبرصي.