شهدت شبكات التواصل الاجتماعي موجة تضامن واسعة مع والدة الناشط العراقي إيهاب الوزني، بعد أن أزالت الأجهزة الأمنية العراقية خيمة الاعتصام التي نصبتها في مدينة كربلاء جنوب بغداد.

وكان مسلحون مجهولون قتلوا بسلاح كاتم للصوت إيهاب الوزني في مدينة كربلاء في مطلع مايو الماضي. 

ورغم تعهد السلطات العراقية بتعقب قتلة الوزني، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، باستثناء توقيف قيادي في ميليشيات سرعان ما تم الإفراج عنه بحجة  عدم كفاية الأدلة.

ولذلك، نصبت والدة إيهاب خيمة أمام محكمة الاستئناف في كربلاء، للمطالبة بالقصاص من قتلة ابنها إيهاب المعروف بتنسيقه للاحتجاجات الشعبية ضد نفوذ الميليشيات الموالية لإيران.

ومثّل اعتصام المرأة السبعينية بثياب الحداد لأيام عدة مأزقا للسلطات المحلية التي رفضت في بادئ الأمر إدخال خيمتها إلى موقع الاعتصام، وبقيت ليومين تحت الشمس اللاهبة، مع رفيقاتها اللاتي يساندنها للمطالبة بكشف قاتلي ولدها.

وأكدت أم إيهاب في أحاديثها للإعلام بأنها تسعى للكشف عن قتلة ولدها، واتصلت أمام كاميرات الإعلام بقائد شرطة المحافظة، والمحافظ، وقائد العمليات، للاستيضاح بشأن حقها، لكنها لم تلق جوابا.

 إزالة خيم أم إيهاب

وشهد يوم الثلاثاء، اعتصام الوزني، تطورا أفجع قلوب العراقيين، وأثار غضبا واسعا، عندما أقدمت قوة أمنية، يترأسها ضابط برتبة عميد، على إزالة خيمتها الصغيرة بالقوة، بعد مفاوضات معها بشأن رفعها، لكنها رفضت.

وبحسب مقطع مصور فقد اندلع جدال بين والدة الوزني ومؤيديها من المحتجين مع القوة الأمنية التي قدمت من أجل رفع الخيمة من أمام محكمة كربلاء.

وفي النهاية قام شخص "ملثم" ضمن قوة أمنية حضرت إلى موقع الخيمة بقيادة ضابط برتبة عميد بالاعتداء على شقيق الوزني، وجر الخيمة بقوة في محاولة لإنهاء الاعتصام.

وأصبح هذا المشهد حديث الساعة في العراق؛ حيث أطلق ناشطون ومدون حملة واسعة على موقع "تويتر" تحت وسم "#كلنا_ أم_ إيهاب" للتنديد بسلوك القوات الأمنية ضد المحتجين.

وأكدوا تضامنهم مع والدة الوزني، واتهموا الأجهزة الأمنية والسياسية بالتخاذل، وشددوا على استمرار مواجهة النفوذ الإيراني.

وبعد الدعوى القضائية التي رفعتها والدة الوزني، ضد مصلح، بدا بالنسبة إليها أن القضاء "متواطئ" مع الفصائل المسلحة، والقوى الأمنية في إخفاء الحقيقة، وهو ما دعاها إلى حمل حزنها ومرضها وصورة ابنها والاعتصام أمام محكمة كربلاء، حتى معرفة حقيقة من قتل ولدها.

أخبار ذات صلة

العراق.. اعتقال قائد في "الحشد" على خلفية اغتيال الوزني
وزير الدفاع العراقي "غاضب": لن تخيفنا أسلحة الفصائل
اغتيال ناشط مدني ونجاة آخر وسط كربلاء.. وفيديو للواقعة
"من قتلني؟".. انطلاق احتجاجات واسعة في العراق

 نكسة كبيرة

قريب للوزني ومرافق لأمه قال إن "ما حصل يوم الثلاثاء، شكل نكسة كبيرة لنا؛ إذ أن الاعتصام موجه للجميع وليس لطرف على حساب الآخر، فنحن هدفنا معرفة قتلة إيهاب لا غير ذلك، لكننا واجهنا سلوكا غير مفهوم من القوات الأمنية، التي رفعت الخيمة عنوة، وهذا مخالف للقوانين والدستور، الذي كفل حرية التعبير".

ويضيف المتحدث، الذي رفض الكشف عن هويته لـموقع "سكاي نيوز عربية" أن "الضغط الحاصل سيولد تطورا في القضية، وبالتأكيد سيكون هناك تغيرا في عمل الشرطة المحلية التي تعودت على طمطمة القضايا دون تطوير أجهزتها وأدواتها لتعقب تلك الجرائم، التي تستهدف الشعب العراقي، بأكمله".

وعُرف القتيل إيهاب الوزني بأنه من أبرز الأصوات المناهضة للفساد وسوء إدارة الدولة والمنادية بالحد من نفوذ إيران والجماعات المسلحة.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم مثلما حدث مع هجمات سابقة اختفى بعدها الفاعلون تحت جنح الليل، في بلد تنتشر فيه فصائل مسلحة وتسيطر على كثير من أموره.

 "موغلون في الجريمة"

وفي وقت سابق، تعهد رئيس الوزراء مصطفي الكاظمي، بملاحقة قتلة الوزني، حيث وجه أجهزة وزارة الداخلية بسرعة الكشف عن المتورطين.

وقال الكاظمي حينها في بيان حكومي مايو الماضي: "إن قتلة الناشط الوزني موغلون في الجريمة، وواهم من يتصور أنهم سيفلتون من قبضة العدالة، سنلاحق القتلة ونقتص من كل مجرم سولت له نفسه العبث بالأمن العام".

وعن استهداف الوزني، أضاف "المجرمون أفلسوا من محاولات نشر الفوضى واتجهوا إلى استهداف النشطاء العزّل، لكن القانون سيحاسبهم مثلما سقط آخرون في قبضة العدالة من قبل".

وعلى رغم الخطوات التي اتخذها الكاظمي في تعديل مسار المؤسسة العسكرية، وتحسين أدائها، إلا أن مراقبين ومحللين يرون أن تلك المؤسسات بحاجة إلى إصلاحات أكبر على المدى البعيد.

المحلل السياسي وائل الشمري، يرى أن "سياسية الإفلات من العقاب، ساهمت في تكريس حوادث القتل والتصفية، وهذا يعود في بعضه إلى الأدوات والتقنيات التي تمتلكها الشرطة العراقية، ومدى مواكبتها للتقدم التكنولوجي الحاصل في مجال التقنيات الأمنية، غير أن ذلك ليس هو السبب الوحيد".

أما عن الأسباب الأخرى فيقول في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "الخطوات الحكومية في هذا الملف كانت أسرع مع وصول الحكومة الحالية، لكنها أيضا اصطدمت بعقبات أخرى، مثل القضاء والكتل السياسية والبرلمان".

ومنذ أكتوبر 2019 قُتل 560 من المحتجين العراقيين بحسب بيانات الحكومة، فيما يرفع نشطاء العدد لأكثر من ذلك.