تسابق المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا الزمن استعدادا لإجراء للانتخابات في موعدها المقرر في 24 ديسمبر المقبل، وسط حالة من التشكيك في إمكانية إنجاز هذا الاستحقاق الدستوري.

وقادت الأمم المتحدة خطة خريطة طريق بغية توحيد ليبيا المنقسمة إلى قسمين منذ عام 2014، وتأمل أن تتوجه المرحلة الانتقالية التي تشرف عليها حكومة وحدة وطنية انتقالية بانتخابات عامة في ديسمبر المقبل.

لكن عددا من الخبراء لا يبادلون الأمم المتحدة ولا مفوضية الانتخابات الاعتقاد بحتمية إجراء الانتخابات.

ويعزز شكوك ؤهلاء تردي الأوضاع الأمنية في البلاد، وعدم الاستقرار على حسم ملف المناصب السيادية الذي بات يهدد إجراء العملية الانتخابية برمتها، وكذلك عامل الوقت الذي يضغط الجميع لسرعة إنجاز ما تستلزمه الانتخابات حتى إتمامها.

مفوضية الانتخابات شبه جاهزة

من ناحيتها، تقول المفوضية العليا للانتخابات على لسان المسؤول فيها، عبد الحكيم بالخير، إنها جاهزة بنسبة 80 بالمئة لإجراء الانتخابات نهاية العام الجاري، موضحا أن الـ20 بالمئة المتبقية شبه مكتملة ومتوقفة على القوانين الانتخابية التي تصدر من مجلس النواب.

وفي السياق ذاته، تواصل المفوضية توفير الدعم اللوجستي اللازم لإجراء العملية الانتخابية، وأعلنت في بيان لها استلام كمية من صناديق الاقتراع، كجزء من الدعم الدولي المقدم لها عن طريق مشروع تعزيز الانتخابات من أجل ليبيا.

وعلى الجهة الأخرى، يرى مراقبون صعوبة إجراء الانتخابات، لاسيما بعد التفجير الذي نفذه تنظيم داعش الإرهابي في مدينة سبها جنوبي البلاد وقتل فيه ضابطان وأصيب آخرون، بما يعكس هشاشة الأوضاع الأمنية في عموم البلاد.

وانتقد المختص في الشأن السياسي والمحلل الاقتصادي الليبي عيسى رشوان في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، الإجراءات التي تنتهجها المفوضية في ظل غياب عضوين ممثلين عن إقليم برقة، وهو ما يعني وفقا لرشوان، عدم دستورية هذه الممارسات.

وأشار رشوان إلى ضرورة أن تتضمن المفوضية في عضويتها ستة أعضاء بواقع اثنين لكل إقليم، بالإضافة لرئيس ليصبح عددهم سبعة أعضاء، موضحا أن آلية اتخاذ القرارات داخل المفوضية تتم عبر التصويت بالإجماع، وهو ما لم يتحقق في ظل غياب ممثلي المنطقة الشرقية.

أخبار ذات صلة

صناعة الفتنة بأيدي الإخوان.. "خطة شيطانية" لعزل الجيش الليبي
مسؤول أمني ليبي: بحث مكثف للقضاء على خلايا داعش في سبها
لدعم المسار السياسي في ليبيا.. 4 ملفات على طاولة "برلين 2"
مؤتمر برلين 2.. ضربة موجعة لـ"معرقلي" استقرار ليبيا

 ماذا عن البنية التحتية؟

وتساءل عن جاهزية مراكز الاقتراع في مختلف المدن الليبية، مؤكدا أن البنية التحتية ليست موجودة في ظل انقطاع الكهرباء، وعدم توفر خدمات الإنترنت بشكل يسهل عملية نقل المعلومات عبرها، وكذلك تدريب كوادر بشرية للإشراف ومتابعة الانتخابات.

ولفت إلى عدم توفير الدعم اللوجستي لإجراء الانتخابات، خاصة المدارس التي سيتم تجهيزها كي تصبح مقارات للاقتراع، مضيفا أن غياب المنظومة الأمنية الموحدة لتأمين الانتخابات سببا كافيا لعدم الجزم بإمكانية إجراء الانتخابات، فالغرب له جهازه الأمني الخاص والشرق أيضا، ومدينة مصراتة منفردة لها أجهزتها الأمنية المنفصلة، أما الجنوب فليس معروفا من يؤمنه.

وحول فشل التوافق على المناصب السيادية، قال رشوان إن الوضع سيبقى كما هو عليه حتى يتم الإطاحة بأحد هذه المناصب على طريقة الكراسي الموسيقية، حتى يتم حلحة الوضع وتحدث انفراجة في المشهد.

وأكد أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد الإطاحة برئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السائح، منبها إلى أن الأخير كوّن بالفعل جماعة ضغط حتى يبقى في منصبه.

وتوقع رشوان خروج المجلس الأعلى للدولة من المشهد السياسي لأنه الحلقة الأضعف باعتباره مجرد مجلس استشاري، على حد تعبيره.

وأردف أن الدول الكبرى المعنية بالملف الليبي لم تتفق على اسم رئيس للبلاد حتى الآن وهو ما يعرقل إتمام الانتخابات، والمشهد يسيطر عليه الفوضى داخليا وخارجيا.

واعتبر رشوان أن هناك "حالة تباطئ متعمدة" من قبل المؤسسات المعنية بالانتخابات للقبول بأي وضع في حال إجرائها.

 تشاؤم بشأن الانتخابات

من جهته، استبعد مختار الجدال رئيس تحرير صحيفة "الحقيقة" الليبية، إجراء الانتخابات في موعدها، قائلا: "وفقا لما يجري في المشهد السياسي الآن، فالمفوضية لم تستلم القاعدة الدستورية وقانون الانتخابات حتى الآن وهي تحتاج لوقت حتى يتم الاستعداد، وهو ما يصعب إنجازه خلال الفترة المتبقية".

وأوضح في تصريحات لموقع"سكاي نيوز عربية"، أن جماعة الإسلام السياسي تعرقل إجراء الانتخابات لمعرفتهم المسبقة لنتائجها بالنسبة لهم، أو موافقتهم عليها في حال تمت ترضيتهم بمناصب في السلطة المقبلة.

وأضاف أن كل المؤسسات الموجودة حاليا، تعرق عملية الاستحقاف الانتخابي كي لا تفقد الامتيازات التي تعيش فيها الآن، وفقا لقوله.

وذكر أن المجتمع الدولي يدفع باتجاه الانتخابات ولكن الوضع الداخلي غير مستعد، مستبعدا إجراء الانتخابات في ظل انتشار السلاح ووجود الميليشيات والمرتزقة الأجانب، وهو ما يعني انعدام الأمن والاستقرار في البلاد.

وأفاد بأنه لو تمت الإطاحة برئيس المفوضية سيتم تعطيل إجراء الانتخابات، وسيتم تكليف آخر موال لتنظيم الإخوان، وهو ما يدفع بالقول إنه في حال إتمام الانتخابات ستشوبها عمليات تزوير واسعة لغرض تمكين التنظيم، وهو مطلبهم للسيطرة على المشهد السياسي من جديد.