يستمر المرشحون للانتخابات التشريعية المقررة يوم 12 يونيو الجاري بالجزائر، في تسويق خطابات "تغازل" المواطن البسيط، وتحاول استمالته بكل الطرق للذهاب إلى صندوق الاقتراع، حيث تأمل الدولة في أن تتجاوز نسبة المشاركة حدود الـ50 في المئة.

وتعتبر الطبقة الفقيرة والمتوسطة، واحدة من أهم الأصوات في الانتخاب، وعادة ما يتم استمالتها بخطاب تحسين القدرة الشرائية، أو بما يعرف في اللهجة المحلية الجزائرية "الخبرة" أي لقمة العيش.

غير أن أكثر ما يميز هذه الحملات الانتخابية هو غياب الرؤية المتكاملة للوضع الاقتصادي والسياسي الذي تعيشه البلاد فيما يخص إصلاح البنوك وقيمة الدينار، والإصلاح الاقتصادي، وإعادة النظر في طبيعية الاقتصاد الجزائري الذي يأخذ شكل "الاقتصاد الريعي".

أخبار ذات صلة

"الأغلبية الصامتة" رهان السلطة والمترشحين بالجزائر..فمن هي؟
"الأزمة تلد الهمة".. كفيف جزائري يدخل سباق انتخابات البرلمان

خطابات بالية أمام أزمة عميقة

ويأتي هذا الخطاب السياسي في ظل استمرار ارتفاع معدلات البطالة، وغلاء المعيشة وانخفاض قيمة الدينار الجزائري، وهي مشاكل كبيرة وضعت الاقتصاد الجزائري في أزمة كبيرة في السنوات الأخيرة.

ويصف الخبير الاقتصادي الجزائري حميد علوان خطاب بعض المترشحين في بـ"استغباء الشعب"، نظرا لارتباط القدرة الشرائية بالواقع الاقتصادي المعقد للبلاد.

وأوضح علوان في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "عندما تتوقف آلة الإنتاج وتنهار قيمة العملة الوطنية (الدينار الجزائري تراجعت قيمته في الفترة الأخيرة، حيث بلغت قيمته أمام الدولار 150 دينار)، فإن الخطاب السياسي لا معنى له".

وقامت الجزائر في الثلاثة سنوات الأخيرة بطباعة ما قيمته 90 مليار دولار، وهو إجراء يراه الخبراء على أنه يهدد السياسية الاقتصادية للبلاد، وذلك لكونها عاجزة على استرداد هذا الدين للخزينة العمومية، خاصة في ظل استمرار ارتفاع معدل التضخم الذي تجاوز 8 في المئة بحسب تقديرات المحللين.

ويقدّر الخبير الاقتصادي علوان معدل البطالة بـ18 في المئة، ويضيف قائلا: "لا توجد إحصائيات رسمية لمعدل البطالة، ولكن جائحة كورونا تسببت في ارتفاع كبير بأعداد العاطلين عن العمل، بسبب توقف المشاريع وتسريح العمال".

وفي مقابل ذلك لا يتعدى معدل النمو في الجزائر 2 في المئة، الأمر الذي خلق أزمة اقتصادية كبيرة خاصة في ظل المشاكل التي تعاني تعانيها الشركة العمومية الجزائرية سوناطراك" لاستغلال الموارد البترولية، والتي لم تعد قادرة على إنتاج أكثر من 250 ألف برميل يوميا، في الوقت الذي تطمح فيه البلاد أن يصل الرقم إلى 900 مليون برميل يوميا.

وفي ظل هذا المناخ الاقتصادي المعقد، يرفع المرشحون للانتخابات شعارات للإصلاح الاقتصادي، ويقدمون حلولا تبدو خيالية، مثل حل أزمة السكن والعمل والمياه وغيرها من المشاكل الاجتماعية في غضون عامين.

أخبار ذات صلة

الجزائر .. انتخابات برلمانية على صفيح ساخن
الجزائر.. الحملة الانتخابية تبدأ بمرحلة "جس النبض"
الجزائر.. انطلاق حملة الانتخابات التشريعية

جهل لدور ومهام البرلمان

وفي ظل استمرار أزمة السيولة المالية، رسخ هذا الخطاب حالة من الصدمة والخيبة لدى المواطن، وذلك على حد تعبير المحامي نجيب بيطام، والذي قال لموقع "سكاي نيوز عربية": "القوائم الحرة أفرزت أسماء غريبة وخطابا بعيدا كل البعد عن دور البرلمان ودور النائب للبرلمان. يقدمون وعودا بعيدة عن مهام النائب، وهي وعود تندرج ضمن أدوار الحكومة وليس البرلمان".

غير أن أستاذة علوم السياسية بجامعة الجزائر أمل حاجة والمترشحة عن قائمة تجمع أمل الجزائر، ترى أن معرفة محتوى خطاب كل المرشحين في هذا الإطار أمر غير سهل، لأن الأمر يتعلق بأكثر من 1200 قائمة، تجمع حوالي 24 ألف مرشح.

وبيّنت أمل لموقع "سكاي نيوز عربية": "تحسين ظروف العيش فيما يتضمن الحصول على عمل وسكن لائق وحياة كريمة، أحلام مشروعة يحملها معه كل مواطن، ومن الطبيعي أن يركز المرشحون عليها من زوايا مختلفة".

وتضيف أمل: "هناك مبالغة لدى بعض المرشحين في رفع سقف الطموحات، سواء عبر الشعارات أو الخطابات الجوفاء، التي تجعل من المرشح يفقد مصداقيته".

استمرار لواقع قديم

ويؤكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر زهير بوعمامة، أن ما تبقى للجزائر من احتياطي للصرف لا يتعدى ما قيمته 29 مليار دولار.

وأوضح بوعمامة أن: "الاحتياطي يكفي لعام واحد إضافي، حيث يلزم الجزائر أن يتجاوز سعر برميل ما قيمته 135 دولار حتى تتمكن من السيطرة على الأوضاع الاقتصادية في السنوات القادمة".

أخبار ذات صلة

أحزاب الجزائر.. عين على الصندوق وأخرى على المسيرات
أقدم أحزاب المعارضة في الجزائر يقاطع "انتخابات يونيو"
الجزائر.. قانون انتخابات جديد تمهيدا لانتخابات تشريعية مبكرة

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد وضع ضرورة تحسين القدرة الشرائية للمواطن في خانة أولياته، وتجسد ذلك في برنامجه الانتخابي عام 2019.

وحاول أن يخطو عدة خطوات في ذلك الاتجاه، حيث رفع الحد الأدنى للأجور إلى 20 ألف دينار، (نحو 120 يورو بسعر الصرف الرسمي) مع تحديد المدة القانونية لساعات العمل بـ40 ساعة عمل أسبوعيا.

وتأتي هذه الحملات الانتخابية على صفيح ساخن من الاحتجاجات التي عرفتها البلاد في الأشهر الماضية، وهي احتجاجات مسّت كل القطاعات كالصحة والبريد والمواصلات والتعليم، وسط توقعات أن يكون شهر سبتمبر القادم ساخنا، ذلك بالتزامن مع عقد البرلمان الجديد لأولى جلساته.