مددت الحكومة المغربية، الخميس، حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء البلاد شهرا إضافيا، للتصدي لكورونا، رغم أنها قررت قبل أيام تخفيف بعض القيود، مما يشير إلى التفاؤل الحذر الذي تتبعه اللجنة العلمية لمكافحة الفيروس.

وقرر مجلس الحكومة المنعقد في العاصمة الرباط، تمديد فترة الطوارئ الصحية حتى العاشر من يوليو المقبل، في إطار الجهود المذولة لمكافحة تفشي الوباء.

وكان المغرب قد قرر بداية هذا الأسبوع تخفيف عدد من القيود التي فرضت منذ 14 شهرا لمواجهة فيروس كورونا، وذلك في ظل التحسن المستمر في الوضعية الوبائية في البلاد، وتزايد عدد المستفيدين من التطعيم.

وفي مقابل تخفيف القيود الاحترازية، لازالت المملكة تفرض التوفر على رخص استثنائية من أجل التنقل بين المدن، إلى جانب استمرار تعليق الرحلات الجوية مع أكثر من 50 دولة، من بينها مصر ولبنان و بريطانيا والهند وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا.

تخفيف القيود

يعمل الشاب جواد فرتات في كراء المظلات والكراسي البلاستيكية في إحدى شواطئ مدينة المحمدية الواقعة على ساحل المحيط الأطلسي بين الرباط والدار البيضاء، وكان ينتظر بفارغ الصبر قرار إعادة فتح هذا المرفق العام الذي يشكل مصدر رزقه.

يقول الشاب البالغ 24 عاما لـ"سكاي نيوز عربية": " لقد تنفسنا أخيرا الصعداء بعد سماعنا لخبر السماح للمصطافين بارتياد الشواطئ، لقد عانينا الصيف الماضي أزمة خانقة بسبب توقف الأنشطة الموسمية المرتبطة بهذا الفضاء، و ما ترتب عن ذلك من أضرار مادية ونفسية".

جواد هو واحد من بين المغاربة الذين عبروا عن ارتياحهم وسعادتهم بعد قرار المملكة، استئناف مجموعة من الأنشطة وفتح المرافق العمومية التي أغلقت منذ  أزيد من عام.

وتبادل رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، عبارات التهنئة بعد انتشار خبر السماح بتنظيم التجمعات والأنشطة والتراجع عن بعض القيود التي استمرت لشهور متواصلة.

يقول جواد إنه بدأ في الاستعداد لاستئناف عمله الموسمي على الشاطئ، وهو متشوق لمقابلة المصطافين الذين كانوا يترقبون بدورهم مثل هذا القرار للاستجمام والتحرر من القيود التي فرضتها الأزمة الصحية المرتبطة بالوباء.

وإضافة إلى السماح بارتياد الشواطئ، فقد قررت السلطات المغربية افتتاح المسارح وقاعات السينما والمراكز الثقافية والمكتبات والمتاحف والمآثر في حدود 50 في المئة من طاقاها الاستيعابية.

كما رخصت السلطات بتنظيم التجمعات والأنشطة في الفضاءات المغلقة لأقل من 50 شخصا والسماح بتنظيم التجمعات والأنشطة في الفضاءات المغلقة لأقل من 100 شخص مع استئناف عمل قاعات الحفلات والأفراح، وفق ضوابط محددة.

وسيشرع المغرب ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل، في إعادة فتح المساجد التي أغلقت لمنع تفشي فيروس كورونا، بشكل تدريجي، وعددها 40 ألف مسجد في مختلف أنحاء البلاد.

أخبار ذات صلة

كورونا زاد فقراء فرنسا.. والطلبة والمهاجرون من الأكثر تضررا
المغرب يعلن تمديد حالة الطوارئ الصحية

التخلص من الضغط

ويشير الأخصائيون في المجال النفسي والاجتماعي إلى أن تخفيف الإجراءات الاحترازية من شأنه أن يعيد الروح الإيجابية لدى عدد من المغاربة الذين عانوا من الضغوط النفسية الناجمة عن الشائعات والأخبار التي رافقت تطور الوضعية الوبائية على مدى أشهر طويلة.

يعتبر الباحث في علم الاجتماع، علي الشعباني، أن "حصر الشخص أو تقيده باتباع إجراءات صارمة  لتفادي الأوبئة أو تحت أي ظرف استثنائي كان، يجعله يبحث عن وسائل يتجاوز بها تلك الوضعية  ويدفعه للإقبال على الحياة".

ويضيف الشعباني في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، أنه " وقبل أزيد من سنة ومع بداية الحجر الصحي في المغرب اضطر الكثير من المغاربة إلى الاعتماد على وسائل ذاتية ساعدتهم نسبيا على تجاوز تلك المرحلة الصعبة". 

ويشير الباحث في علم الاجتماع إلى أن مثل هذه الأزمات التي يمر منها المجتمع المغربي، تساعد على تنمية الحس الوطني لدى الفرد من خلال تغليب المصلحة العليا للبلاد، وهو ما يعود بالنفع على الشخص والمجتمع في مختلف مناحي الحياة سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية.

استقرار الوضعية واستمرار الحذر

وقد قرر المغرب تخفيف إجراءات الإغلاق، تبعا لتوصيات اللجنة العلمية والتقنية، وبفضل التحسن المستمر للوضعية الوبائية بالمملكة وتخفيف الضغط على أقسام الإنعاش، وأخدا بعين الاعتبار التقدم المحرز في الحملة الوطنية للتلقيح ضد الوباء.

يقول البرفسور مولاي مصطفى الناجي، عضو اللجنة العلمية للتلقيح، إن الوضعية الوبائية الحالية في المغرب مستقرة ولا تدعو للقلق، وذلك استنادا إلى انخفاض مؤشر التوالد الفيروسي والتراجع المسجل في منحى الإصابات المسجلة في مختلف أنحاء البلاد. 

ويشير البروفيسور الناجي، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، إلى أن السلطات المعنية وقبل اتخاذها أي قرار لتخفيف الإجراءات الاحترازية، تقوم بدراسة دقيقة للمعطيات الوبائية، وفي حال سجل أي تطور سلبي في الوضع الوبائي يتم فورا التراجع عن القرار.

وعن إمكانية التخفيف الشامل وإعادة فتح الحدود الجوية، يشدد الخبير المغربي في علم الأوبئة، على أن هذه الخطوة يجب أن تسبقها مجموعة من الضمانات التي يمكنها أن تكفل عدم عودة المواجهة مع الفيروس إلى "نقطة الصفر".

وأمام تخفيف الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا، دعا البرفيسور الناجي، وهو أيضا مدير مختبر علوم الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، المواطنين إلى ضرورة التقيد بأقصى درجات الحيطة والحذر، والالتزام بشروط السلامة الصحية.

ويشير البروفيسور الناجي إلى أن المغرب يسير بوثيرة جيدة في ما يتعلق بالحملة الوطنية للتلقيح، حيث بلغت نسبة الأشخاص الذين استفادوا من التطعيم حوالي 40 في المئة ، فيما تراهن المملكة على تلقيح 30 مليون شخص لبلوغ نسبة 70 في المئة من سكانها، وهو الرقم الذي يخول لها تحقيق المناعة الجماعية.

وتلقى أزيد من 5.7 ملايين شخص في المغرب الجرعتين اللازمتين من اللقاح المضاد لـ(كوفيد-19)، منذ انطلاق حملة التطعيم الوطنية في يناير الماضي، بينما استفاد أكثر من 8.9 ملايين شخص من الجرعة الأولى.

وحتى مساء الخميس، بلغت إصابات كورونا في المملكة 52 ألف و423 إصابة، بعد تسجيل 395 حالة جديدة، كما سجلت 5 حالات وفاة ليصل إجمالي الوفيات إلى 9165 وفاة.