تعمل مصر وتركيا على تقييم نتيجة جولة المشاورات الاستكشافية التي انعقدت أخيراً في القاهرة، من أجل الاتفاق على الخطوات المقبلة، في سبيل تطبيع العلاقات بينهما، وسط جملة من الملفات الخلافية العميقة التي تجمع البلدين، بعد أن أخذت تركيا خط العداء لمصر منذ يونيو 2013 وبعد الإطاحة بتنظيم الإخوان، الذي احتضنت قياداته ومنصاته الإعلامية المختلفة.

وتطرح تساؤلات عدة نفسها حول مصير تلك المشاورات، والفترة الزمنية التي تستغرقها من أجل التوصل لعلاقات طبيعية، وضمانات التزام الطرفين بما يتم الاتفاق عليه، وجهود بناء الثقة، فضلاً عن تساؤلات مرتبطة بتأثير ذلك التقارب على ملفات بعينها، من بينها مدى تأثيره على الوضع في ملف شرق المتوسط، وتحديداً على تحالفات مصر والتزاماتها مع اليونان وقبرص.

وتُعول تركيا على تحقيق مكاسب واسعة من ذلك التقارب الذي تسعى إليه مع مصر، بينما لا يرى محللون أن ذلك التقارب من شأنه التأثير على مواقف القاهرة الثابتة والتزاماتها الواضحة شرق المتوسط، وفيما يتعلق بمنتدى غاز شرق المتوسط، وكذا في أي من الملفات الأخرى مثل الملف الليبي.

أخبار ذات صلة

تصريحات أردوغان تعرض المناقشات الأولية بين مصر وتركيا للفشل

 

أخبار ذات صلة

ما بعد "المباحثات الاستكشافية".. جولات مرتقبة بين مصر وتركيا

 

أخبار ذات صلة

أردوغان: نسعى لاستعادة الوحدة التاريخية مع شعب مصر

 

أخبار ذات صلة

كيف تنظر واشنطن لمساعي أنقرة لإصلاح العلاقات مع دول عربية؟

 الكاتب المتخصص في الشؤون الدولية أسامة الدليل لا يعتقد أن أي تقارب مصري تركي سيؤثر بصورة سلبية على تحالفات مصر شرق المتوسط، على اعتبار أنه في "حال حدث أي اتفاق بين البلدين، فإنه سيكون مبنياً بالأساس على أسس لابد أن تتناغم وعلاقات مصر ودول شرق المتوسط"، مؤكداً التزام القاهرة بالتزاماتها المختلفة في هذا الملف.

مطلب تركي           

ويشير الدليل لدى حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" من العاصمة المصرية، إلى أن "السعي إلى مصر مطلب تركي بالأساس، فتركيا تريد إصلاح ما أفسده الزمن بينها وبين مجموعة الدول المشتركة في منتدى غاز شرق المتوسط".

ويعتقد الكاتب المختص بالشؤون الدولية، أن "التعاون المصري التركي في مجمله لن يشكل منفعة ضخمة لمصر بقدر ما هو مصلحة كبيرة وضخمة للطرف التركي، الذي لديه الكثير من المشكلات، سواء كانت في الدائرة الأوروبية وفي دائرة العلاقات مع العالم العربي وكذا فيما يتصل أيضاً بعلاقات أنقرة بدول شرق المتوسط، بعد أن وصلت إلى طريق مسدودة، ولم يعد أمامها إلا التعاون مع مصر".

ويردف قائلاً: "لكن مصر، ورغم أن هناك مصالح كثيرة نتحدث عنها، فهي مصالح روتينية خاصة بعلاقة الدول وبعضها، لن تستفيد كثيراً بمسألة التقارب المصري التركي"، موضحاً أن "الظروف الدولية المحيطة تجعل من مثل هذا التقارب عقدة، لأن هناك إشكاليات ضخمة بين تركيا واليونان وقبرص ومصر التي أسست منتدى غاز المتوسط، ومسألة أن يضم هذا المنتدى تركيا فيه هي مسألة صعبة".

منتدى غاز شرق المتوسط

ومنتدى غاز شرق المتوسط  (EastMed Gas Forum)، تأسس في يناير 2019، ومقره الرئيسي في العاصمة المصرية القاهرة. ويهدف إلى إنشاء سوق غاز إقليمية في منطقة شرق المتوسط، وتحسين العلاقات التجارية وتأمين العرض والطلب بين الدول الأعضاء.

وجاء الاتفاق على تأسيس المنتدى خلال قمة ثلاثية جمعت (الرئيس القبرصي نیکوس أنستاسیادس، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء اليوناني أنطونيس ساماراس)، على جزيرة كريت اليونانية، ليضم المنتدى الدول المنتجة والمستوردة للغاز ودول العبور بشرق المتوسط.

مصر وتركيا.. أول اجتماع بعد قطيعة 8 سنوات
مصر.. أول محادثات مصرية تركية لبحث تطبيع العلاقات

 ويضم المنتدى إلى جانب مصر وقبرص واليونان، كلاً من (فلسطين والأردن وإيطاليا وفرنسا وإسرائيل)، إضافة إلى (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والإمارات) كمراقبين.

وهو المنتدى الذي سبق ووصفه المتحدث باسم الخارجية التركية، حامي أقصوي، بأنه "تكتل معادٍ لأنقرة".

وتشهد الدبلوماسية التركية في الآونة الأخيرة نشاطاً ملحوظاً، تعكسه الزيارات والاتصالات التي تمت أخيراً بين تركيا وعدد من الدول المؤثرة في المنطقة والعالم، من بينها زيارة وزير الخارجية التركي إلى برلين، فضلاً عن زيارته المرتقبة للسعودية، وغيرها من الاتصالات التي تعكس سعي أنقرة للتغلب على عزلتها ومحاولة تطويع سياساتها الخارجية مع الواقع الجديد الذي تشهده المنطقة.

ترتيب أوضاع

وفي هذا السياق يتحدث وزير خارجية مصر الأسبق محمد العرابي، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية". ويقول إن "تركيا تسعى إلى أن تعيد صورتها للمنطقة عن طريق تحسين علاقاتها بدول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وترى أن تحسين العلاقة مع مصر في حد ذاته يعطيها قدراً من الراحة الاستراتيجية في المنطقة، لأن مصر هي التي كانت تقف أمام التوسع والتمدد التركي الذي ليس له أي مبرر أو أي أساس قانوني أو سياسي".

ويشير إلى أن الجانب التركي يرى أن تهدئة الوضع مع مصر سيكون مفيداً له استراتيجياً وفي إطار عمل دبلوماسي واسع تقوم به أنقرة.

لكن العرابي، الذي يعتقد بأن مسألة تحقيق تقارب مصري تركيا تحتاج لوقتٍ طويل، يرى أنه "في جميع الأحوال لن يكون ذلك (التقارب) على حساب العلاقات المصرية اليونانية، أو العلاقات المصرية القبرصية، تحت أي ظرف من الظروف"، موضحاً أن "تركيا لديها وهم أن ذلك سوف يحقق لهم موقفاً أفضل مع مصر، بينما مصر من جانبها ملتزمة بتعهداتها واتفاقياتها وبالمنتدى وأهدافه، بالتالي هذا الملف (التحالفات المصرية شرق المتوسط) ليس له علاقة بما يجري حاليا من اتصالات.. مصر لا تغير ثوابتها".

ووقعت مصر واليونان في السادس من أغسطس 2020 اتفاق ترسيم الحدود البحرية، وهي الاتفاقية التي سارعت أنقرة بانتقادها ووصفها بالباطلة. وذلك في ضوء عدم اعتراف تركيا باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 التي تحدد المناطق الاقتصادية الخالصة للدول على أنها تمتد 200 ميل من شواطئها.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الوقت الذي أكد فيه اهتمام بلاده باستعادة "الوحدة ذات الجذور التاريخية مع شعب مصر"، قال بموازاة ذلك إن "تركيا دولة صامدة بكل شموخ وليست دولة يحدد الآخرون ما تفعله في السياسة الخارجية"، وهي التصريحات التي اعتبر مراقبون أنها "تعرض المناقشات الأولية بين مصر وتركيا للفشل".

ويرى وزير خارجية مصر الأسبق في ختام حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية": "هم (تركيا) لديهم حالة من الغرور تظهر في الخطاب السياسي ناحية مصر، وهذا غير مقبول شعبياً هنا في مصر".