"بعد طلاقي مباشرة حصلت على حق حضانة ابني، وظل تحت رعايتي لمدة ثماني سنوات، غير أنه ما إن وصل إلى علم والده خبر زواجي أنتزع مني حق رعايته وحرمني من فلذة كبدي"، بهذه الكلمات وبكثير من الحسرة والغضب تحدثت سناء عن سقوط حقها في حضانة ابنها لمجرد إقدامها على الزواج مرة ثانية.

تقول سناء لـ "سكاي نيوز عربية": "في سن 19 عاما تزوجت زواجا تقليديا من أحد أقاربي، وبعدها بسنتين حصل الطلاق لأجد نفسي امرأة مطلقة، وحيدة في مواجهة المجتمع، و تحمل على عاتقها مسؤولية رعاية طفل رضيع، في غياب والده الذي كان لا يعيره أي اهتمام و لا يسأل عنه و عن أحواله سوى في المناسبات و الأعياد".

تعتبر الشابة البالغة من العمر 33 عاما، أن طليقها تعمد إسقاط حقها في حضانة ابنها بداعي الانتقام فقط، بعد إقدامها على الزواج مرة أخرى، لتعوض ما فاتها خلال تجربتها الأولى التي انتهت بالطلاق.

ويكفل القانون لسناء ولجميع النساء المغربيات، حق الاحتفاظ بأبنائهن بعد انحلال رابط الزواج، وهو الحق ذاته الذي يمكن إسقاطه عنهن لصالح الأب لأسباب مختلفة ومتعددة تنص عليها مدونة الأسرة في المغرب (قانون الأحوال الشخصية).

تجنيب الأطفال تداعيات الطلاق.. ومتطبلات شراكة الزواج

 

معاناة الأمهات

وبغرض الوصول إلى حق الاعتراف الكامل بولاية الأمهات على أبنائهن أثناء العلاقة الزوجية أو بعد الانفصال، أطلقت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة ومجموعات نسائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حملة للمطالبة بتغير قانون الأسرة المغربي، تحت شعار "أطفالنا بجوج..الولاية من حقنا بجوج".

وتعتبر سناء أن مبادرات مدنية، من هذا القبيل، تساهم في لفت الانتباه إلى معاناة فئة عريضة من الأمهات بسبب منح الولاية الشرعية للأب، أو جعل حضانتهن لأبنائهن تخضع لقيود وشروط لا تخدم مصلحة الأم، في حال وقوع الطلاق.

تقول رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بشرى عبدو في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الحملة التي أطلقتها جمعيتها، تنبع من واقع معاناة النساء مع موضوع الولاية الشرعية للأبناء سواء فترة الزواج أو بعد انحلال العلاقة.

وتقدم عبدو نماذج من حالات تعاينها بشكل يومي، قائلة: "لا يمكن للأم الحصول على شهادة مغادرة لابنها من مؤسسة تعليمية إلى أخرى، دون موافقة الأب بالرغم من تحملها مسؤولية رعايته لوحدها".

تضيف المتحدثة، أن "هناك حالات أخرى تبرز مدى الإجحاف الممارس على الأمهات، من بينها تكفل الأم بمصاريف علاج ابنها عند وقوع حادثة، دون أن يكون لها الحق في الاستفادة من تعويض من لدن شركات التأمين إلا بحضور الأب".

أخبار ذات صلة

"ماما الشنا".. حاضنة الأمهات العازبات وأطفالهن في المغرب
مقترح قانون يعيد الجدل حول تزويج القاصرات بالمغرب
المغرب "يشيخ".. نسبة المسنين في المملكة تصل إلى 35 %
المغرب.. "الطفلة الحامل" تؤجج نقاش الاعتداء الجنسي

ورقة للانتقام

وترى الناشطة المدنية، أن "إسقاط حضانة الطفل عن الأم، يمكن أن يتحول إلى وسيلة ابتزاز وانتقام لا يتردد بعض الرجال في إشهارها في وجه طليقاتهم، وتوظيفها متى ما نسبهم ذلك، دون مراعاة لمصلحة الطفل".

وتشدد عبدو على أنه "لا ينبغي تصفية الحسابات الشخصية على حساب الأطفال، الذين يشكلون الحلقة الضعيفة في العديد من الحالات، جراء نزاعات بين الوالدين". وعلى العكس من ذلك تدعو إلى ضرورة توفير الظروف الملائمة والبيئة الصحية لتربية الأطفال حتى بعد وقوع الانفصال.

وتلفت المتحدثة، إلى أن مدونة الأسرة في فصلها الرابع تعتبر أن رعاية الأطفال هي مسؤولية الأب والأم معا، إلا أن الفصل 231 من ذات المدونة يمنح كامل المسؤولية عن الأسرة للرجل بمفره.

وتطالب عبدو، بضرورة الاعتراف الكامل وبشكل منصف وعادل بولاية الأمهات والآباء معا على أبنائهم، بما يضمن مصلحة الطفل، مشددة على ضرورة تسهيل المساطر الإدارية من أجل تمكين الأم من تدبير شؤون ابنها القاصر.

تعديل قانون الأسرة

وإذا كانت مدونة الأسرة المغربية تنص في فصلها الرابع على أن الغاية من الزواج هو إنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين، فإن المادة 231 تنص على منح الولاية الشرعية للأب، ولا تعود الولاية للأم إلا في حال غياب الأب أو فقد أهليته، فيما تخول المادة 171 من المدونة حضانة الأطفال للأم مع إمكانية إسقاطها من قبل الاب لأسباب مختلفة.

في السياق تشير المحامية بهيئة الدار البيضاء زاهية عمومو إلى "غياب الانسجام بين فصول قانون الأسرة الذي تنص مادته الرابعة على المساواة بين الأب والأم في رعاية الأسرة، فيما يتضمن ذات القانون فصولا تمييزية في مسؤولية رعاية وتربية الأطفال بين الزوجين".

من جهة أخرى، تؤكد المحامية في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن القانون المغربي يمنح الحضانة للأم مباشرة بعد الطلاق والنيابة الشرعية للأب، ويمكن للأم التنازل عن هذا الحق، بتقديم تنازل مكتوب ومصادق عليه أثناء مسطرة الطلاق.

وتلفت المتحدثة، إلى أن للأب الحق في تقديم دعوى لإسقاط الحضانة عن الأم في حالات معينة من ضمنها زواج الأم حين لا يتعدى سن الطفل 7 سنوات، كما يمكنها أن تخسر حضانة ابنها عند متابعتها في قضايا مرتبطة بجرائم أخلاقية، أو عندما تسعى الطليقة لمنع الأب من اللقاء بأطفاله وفق جدول زمني محدد مسبقا.

وتطالب المحامية، بضرورة العمل على ملائمة قانون الأسرة لجعله منسجما مع مضامين دستور سنة 2011، ومواكبا للتطور التشريعي، والمواثيق الدولية واتفاقية حقوق الطفل التي وقع عليها المغرب.