لا تزال مسألة منع الآباء والأمهات من تسجيل أبنائهم ببعض الأسماء غير المتداولة بكثرة في المغرب تراوح مكانها، وتثير حفيظة النشاطين الحقوقيين.

فقبل أيام، رفض ضابط الحالة المدنية في نواحي مدينة بني ملال (وسط)، توثيق مولود جديد باسم "سيفاو"، وهو اسم أمازيغي معناه بالعربية "المنير".

وتتعالى في كل مرة أصوات تستنكر استمرار رفض تسجيل المواليد المغاربة الجدد بأسماء أمازيغية أو أسماء أخرى يختارها آباؤهم وأمهاتهم، في تعارض تام مع المواثيق الدولية ودستور المملكة.

ويقول المحامي وعضو منظمة "تماينوت" حسون الكتمور، إن "المواطن المغربي يخضع بشكل رهيب لمزاجية ضباط الحالة المدنية في تقييد الأسماء"، مضيفا أن "هذا المنع يمس حقا أساسيا من حقوق الإنسان".

مفاجآت القاهرة السينمائي.. وجدل الفيلم المغربي

وتابع المحامي الأمازيغي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "أغلب الأسماء التي يتم رفضها في المغرب أمازيغية، وهذا يشكل نوعا من التمييز المقصود ضد المواطنين الأمازيغ".

ومن جهة أخرى، كشف الناشط الحقوقي ومنسق الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية أحمد أرحموش، أنه "في ظرف 9 سنوات، أي منذ دستور 2011، سجلت الحكومة التي يترأسها حزب العدالة والتنمية رقما قياسيا في منع تسجيل مواليد جدد بأسماء كلها أمازيغية، إذ بلغ عددها حوالي 57 حالة منع صادرة عن مصالح الحالة المدنية بالداخل والخارج".

لذلك، فـ"الأمر في حالتنا من جديد يتعلق بتواتر المساس بالحق في الشخصية القانونية من قبل مرافق عمومية مختلفة، وهو ما يمكن وصفه بأنه تمييز عنصري وفق المقاربة الحقوقية المقررة بالمادة 2 من اتفاقية القضاء على التمييز العنصري"، حسبما يؤكد الناشط الحقوقي الأمازيغي.

ويرى أرحموش، أن المنع الجديد الذي طال اسم "سيفاو"، هو "استهتار بمسؤولية الحكومة وتراجعا منها عن مذكرة وزير الداخلية الصادرة تحت رقم 3220 بتاريخ 9 ابريل 2010".

أخبار ذات صلة

جوبا نتوجا.. فرقة مغربية تطوع "الروك" لخدمة الشعر الأمازيغي
الصدفة تحوّل شابا مغربيا مغمورا إلى بطل فيلم مرشح للأوسكار

"لا عنصرية"

وفي المقابل، نفت مصادر مسؤولة لموقع "سكاي نيوز عربية" أن يكون رفض تسجيل الأسماء الجديدة له علاقة بـ"العنصرية والتمييز"، موضحة أن "الأمر راجع إلى عدم تحيين معلومات ضباط الحالة المدنية، خصوصا بعد القوانين الصادرة سنة 2010".

وقال مصدر إن "لائحة الأسماء الممنوعة أو المسموح بها قد ألغيت سنة 2003، وصدر منشور في 2010 ينص على عدم منع أي اسم إلا ما يخالف المادة 21 من قانون الحالة المدنية".

وتنص هذه المادة على أنه "يجب أن يكتسي الاسم الشخصي الذي اختاره من يقدم التصريح بالولادة قصد التقييد في سجلات الحالة المدنية طابعا مغربيا"، دون تحديد المقصود بهذا الشرط.

ونفى ذات المصدر أن يكون الأمر يتعلق بمنع قطعي للأسماء الشخصية ذات المرجعية الأمازيغية، بل هو "احترام للإجراءات التي يتقيد بها ضباط الحالة المدنية، كلما استعصى عليهم الأمر في تحديد معنى اسم ما عند التسجيل بالحالة المدنية طبقا للقوانين الجاري بها العمل".

"لا يسري على الجميع"

لكن الناشط الأمازيغي هشام أفولاي المستوري يرى أن مبررات الحكومة "تكتسي طابعا تمييزا خطيرا، عندما يتحجج مسؤولوها أن ضباط الحالة المدنية لا يمتنعون ولا يرفضون تسجيل المواليد الجدد بهذه الأسماء الأمازيغية، بل يلزمهم بعض الوقت للتحقق من معنى الأسماء".

وطالب الناشط الأمازيغي في اتصال مع موقع "سكاي نيوز عربية"، وزارة الداخلية "بإدراج تكوينات في اللغة والثقافة الأمازيغيتين لكل موظفيها وأطرها".

كما دعا أرحموش الحكومة إلى "اتخاذ الإجراءات والتدابير القانونية الكافية لإعمال إرسالية وزارة الداخلية بشأن اختيار وتسجيل الأسماء، خاصة الأمازيغية، مع إلغاء اللجنة العليا للحالة المدنية وتعويضها بآليات ديمقراطية وتشاركية تضمن حقوق المواطنات والمواطنين".

كما طالب الكتمور بـ"تعديل قانون الحالة المدنية لكي يتضمن مادة تجيز استخدام الأسماء الامازيغية للمواليد الجدد دون قيد أو شرط".

"إلى القضاء"

وفي انتظار تفعيل هذا المطالب التي يرددها الفاعلون والناشطون الحقوقيون في كل مناسبة، يطرق الآباء والأمهات باب القضاء لتسجيل مواليدهم الجديد بأسماء اختاروها لهم ومنها الأسماء الأمازيغية.

وفي هذا السياق، أكد الكتمور أن "القضاء تفاعل بشكل إيجابي مع القضايا المطروحة أمامه فيما يخص تسجيل الأبناء بأسماء أمازيغية".

وتعد "الحالة المدنية" الإطار المنظم لتسجيل المواليد الجدد في المغرب، الذي لا يشمل استثناءات تشير إلى أنه لا يجب أن يكون الاسم الشخصي بالأمازيغية أو ببعد أمازيغي.

غير أن هذا الإطار، يشترط في الاسم الشخصي "ألا يكون مخالفا للنظام العام"، أو أن يكون اسما ثلاثيا مركبا، أو يحمل اسم مدينة مثلا.