على كراسي متحركة أو مبتوري الأطراف وحتى برصاصة أصبحت جزءا من الجسد، هكذا عاش عدد من جرحى ثورة الياسمين في تونس ويعيشون ما بعد الربيع العربي؛ غير أنهم لم يكلوا ولم يملوا من إعادة قضيتهم للواجهة كلما فترت المطالبات بحقوقهم أمام الأزمات السياسية التي تطغى على الوضع العام في البلاد.

مازالت احتجاجاتهم مستمرة من أجل نشر القائمة النهائية للشهداء والجرحى في المجلة القانونية الرسمية لتونس بما يسمح بتمكينهم من حقوقهم المادية والمعنوية وعلى رأسها الحق في العلاج والعيش الكريم.

مسلم ورشاد ووائل وغيرهم من الشباب الذي آمن بـ"ثورة الياسمين" فتركت علامات على جسده وكادت تودي بحياته أو خلفت لديه آثارا لا تنمحي مع مرور السنوات.. يعتبرون أن الثورة لم تنجح بعد ما دام حق عائلات الشهداء والجرحى قد تمت مصادرته، فرغم تعاقب الحكومات لا شيء تغير في نظرهم؛ الجميع خذلهم حتى أنهم عادوا للاعتصام بمقر الهيئة العامة للمقاومين وشهداء وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية وللاحتجاج في شوارع البلاد للتذكير بمطالبهم بعد مضي 10 سنوات من الثورة.

يحدثنا "وائل قراب" بأن وضعية جرحى الثورة التونسية بائسة، فالبعض لا يحصل على الأدوية التي يحتاجها كرد فعل من السلطات على احتجاجه ويضيف" الحكومة لا تحترم جرحى الثورة فثمة جرحى يعيشون دون أرجل حتى اللحظة وينتظرون تركيب أطراف اصطناعية وآخرون على كراسي متحركة دون شغل أو تامين صحي وفي المقابل نجد أن الدولة قدمت التعويضات لأشخاص آخرين"؛ في إشارة للتعويضات التي حصل عليها منتمين لحزب حركة النهضة.

أخبار ذات صلة

في ذكرى بلعيد.. احتجاجات غاضبة بالعاصمة التونسية
تونس.. طوق أمني تحسبا لـ"احتجاجات بلعيد"
تونس.. اتحاد الشغل يقدم "وصفته" لإنهاء الأزمة السياسية
تونس.. دعوات للتظاهر تزامنا مع ذكرى اغتيال شكري بلعيد
تونس.. محتجون يطالبون بإطلاق سراح المعتقلين

  ويواصل وائل حديثه "لدي مشكل في الحصول على العلاج ولكن تبقى وضعيتي أفضل من جرحى آخرين مازالوا يحملون الرصاص في أجسادهم".

ويستطرد متذكرا "أصبت في احتجاجات يناير 2011 في محافظة القصرين ومنذ ذلك التاريخ تغيرت حياتي، لقد رأيت أصدقائي يموتون بالرصاص أمام عيني وعانيت نزيفا مدة تسعة ساعات كاد يودي بحياتي ومع ذلك لا أشعر بالندم فكل ما فعلته كان من أجل وطني فقد خرجنا ضد نظام بن علي في وقت كان فيه التظاهر جريمة كبرى".

وأضاف وائل "ما يؤلمني حقا أن الشعب أخطأ خياراته الانتخابية طيلة العشر سنوات الماضية وعلى التونسيين اليوم أن يغيروا من يختارونهم عبر صناديق الانتخابات".

أما رشاد بالعربي فيقول "مطلبنا الوحيد اليوم هو تفعيل القائمة المعطلة والتي تضم 153 شهيدا و634 جريحا وعليها يتوقف حق الجرحى في العلاج غير أن الحكومة لا تحرك ساكنا إزاء هذه المطالب".
ويضيف "بالنسبة لي أتنقل على كرسي متحرك ولكن سأستمر في الاحتجاج والضغط من أجل نشر القائمة وأعتبر أن كل الساسة اليوم يتحملون مسؤولية هذه المماطلة التي انجر عنها وفاة عدد من الجرحى بسبب الإهمال ونقص الرعاية وتأخر فرص العلاج".

ويرى بالعربي أن هناك جهات استخدمت سياسيا ملف جرحى الثورة وقامت بعرقلة تقدمه لأنها حسب تعبيره "عملت على الالتفاف على الثورة ونسبها إلى نفسها كما تتجاهل حركة النهضة من ضحى من أجل الديمقراطية في تونس".

وبدوره مازال "مسلم قصد الله" يذكر جيدا لحظة خروجه في احتجاجات منطقة الوردانين بمحافظة المنستير منذ عشر سنوات للمطالبة بإسقاط النظام يومها أصيب بالرصاصة التي أفقدته ساقه وقد انتظر بعدها سنوات طويلة قبل أن يحظى بساق اصطناعية بعد أن تكفلت منظمات المجتمع المدني بعلاجه.

أخبار ذات صلة

معضلة تونس مستمرة.. والغنوشي يصب الزيت على النار
تونس.. احتجاجات تطالب بـ"إسقاط النظام والنهضة"
بالفيديو.. نائب مقرب من "النهضة" يتهجم على عبير موسي
تونس.. الحكومة مرّت والأزمة مستمرة
تونس.. احتجاجات في وسط العاصمة

 ويقول مسلم "رغم كل الألم لم أندم أنني قدمت جزءا من جسدي فداء للوطن؛ يومها سقط أمامي 6 شهداء كانوا من خيرة الشباب ولم يدفعهم للتظاهر غير الوضع الاجتماعي والاستبداد والظلم والتهميش غير أن الحكومات المتعاقبة لم تهتم بمن أهداها الحرية وتماطل في منح حقوق الجرحى وإنصاف عائلات الشهداء".

هذا ولم تنشر"الهيئة العامة للمقاومين وشهداء وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية" بعد القائمة النهائية بشكل رسمي ما يراه جرحى الثورة المحتجون ضرب من المماطلة السياسية وإصرار على مخالفة القانون ويتهم الكثيرون منهم حركة النهضة بتعطيل نشر القائمة لإضافة أسماء بعينها.

ويقول الناشط الحقوقي عادل بنغازي إن "عائلات الشهداء وجرحى الثورة هم ضحايا الرصاص الغادر وإهمال الدولة وإن المتبجحين بالثورة دون أن يشاركوا فيها من الأحزاب والشخصيات يعطلون القائمة من أجل إضافة أسماء أخرى بما فيه من تزييف للتاريخ واستهزاء بدماء الشهداء والام الجرحى".