مر الأسبوع الأول من العام الدراسي الجديد في الجزائر، مطبوعا بمخاوف بسبب تزامنه مع عودة ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا.

هذا الأمر زاد من خشية العاملين في القطاع التربوي وأولياء الأمور من أن تكون هذه العودة المدرسية عاملا آخرا من عوامل تفشي فيروس كورونا خلال الأسابيع المقبلة، في ظل تحذيرات الأطباء من أي تهاون في التعامل مع وباء كوفيد-19 مستقبلا.

فتحت المدارس التربوية التابعة للمرحلة الابتدائية في الجزائر أبوابها للتلاميذ يوم 21 أكتوبر، بعد إغلاق دام 7 أشهر كاملة، أي منذ مارس الماضي، وتأتي هذه العودة في ظل ظروف استثنائية تعرفها البلاد بسبب تفشي فيروس كورونا.

وعرفت المؤسسات التربوية المعنية التحاق أكثر من 5 ملايين تلميذ مسجلين في المرحلة الابتدائية بمقاعد الدراسة، موزعين في أزيد من 19 ألف مؤسسة تربوية على مستوى البلاد.

وكان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، كتب في حسابه على "تويتر" ليلة العودة إلى الدراسة، قائلا: "دخول مدرسي موفق لكل بناتنا وأبنائنا إن شاء الله، متمنيا للأسرة التربوية كل النجاح في تنظيم ناجع للوقاية من الوباء، مع التأكيد على مرافقة الدولة لكم بكل ما تتطلبه هذه الوقاية من إمكانيات.. وفقكم الله جميعا".

أخبار ذات صلة

رئيس الجزائر يغرد من حجره الصحي: أنا بخير وأواصل عملي عن بعد
الجزائر.. ارتياح وحذر مع العودة إلى المدارس

تباين حول تطبيق البروتوكول الصحي

برزت مظاهر العودة المدرسية في الشارع الجزائري خلال الأسبوع الأخير بعد أكثر من نصف سنة من إغلاق المؤسسات التربوية اضطراريا بسبب وباء كورونا وبقاء الأطفال بعيدا عن مقاعد الدراسة، وتتجلى هذه المظاهر في صفوف التلاميذ المتوجهين كل صباح إلى مدارسهم سواء لوحدهم أو مرفوقين بأوليائهم وحتى محلات بيع الأدوات المدرسية التي أعادت طرح سلعها أخيرا.

وأكد العديد من الأولياء أن البرتوكول الصحي الذي أقرته وزارة التربية الوطنية بمعية اللجنة العلمية لمتابعة تفشي كورونا، في إطار العودة إلى مقاعد الدراسة بسبب كوفيد-19، ليس محترما بالقدر الكافي في مؤسسات تربوية مقارنة بمؤسسات أخرى.

وتحدث كمال م.، ولي تلميذ يدرس السنة الخامسة بابتدائية شرقي الجزائر العاصمة، لموقع "سكاي نيوز عربية"، وقال إنه "لمس في الأيام الأولى وجود إرادة لتطبيق هذا البروتوكول الصحي، عندما تم تقسيم التلاميذ وإبعادهم عن بعضهم البعض داخل الأقسام"، لكنه طرح تساؤلات حول إمكانية صمود هذا البروتوكول خاصة في حال بقاء الفيروس لأشهر أخرى وارتفاع عدد الإصابات.

 فيما أبدت ولية تلميذ كانت ترافق ابنتها إلى المدرسة خلال الفترة المسائية خشيتها من تكرار سيناريو بعض الدول التي أعادت غلق مدارسها بعد مدة قصيرة من فتحها، بسبب ارتفاع عدد الإصابات بكورونا، خاصة أن الطفل، كما يؤكد الأخصائيون قد يعتبر ناقلا لفيروس كوفيد-19 من دون أن تظهر عليه أية علامات للمرض.

من جهته، أبرز مدير مؤسسة تربوية ابتدائية من إحدى ولايات غرب البلاد في اتصال مع "سكاي نيوز عربية" أنه من "حق الأولياء التخوف على صحتهم وصحة أبنائهم لكن هذا لا يعني ألا نثق في الإجراءات المتخذة في سبيل الحد من انتشار هذا الفيروس الذي يثير الرعب في العالم بأسره".

ويعتقد رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، علي بن زينة، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أنه "رغم التفاوت الطفيف بين المدارس لكن أغلبها توفرت لديها القليل القليل من البروتوكول الصحي رغم حساسية الموضوع وكان من الأجدى لو أن الوزارة رتبت العمل مع الجماعات المحلية بمبدأ التنسيق".

وأشار بن زينة إلى أن "المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ تدعوا إلى فتح تحقيق حول الدخول المدرسي وتداعياته خوفا من على المدرسة الجزائرية ودورها في بناء المستقبل".

ولا بد من الإشارة إلى أن بعض الصحف المحلية أفادت بأن أولياء الأمور في بعض المناطق الداخلية منعوا أبناءهم من الالتحاق بمقاعد الدراسة بسبب عدم تطبيق البروتوكول الصحي من تعقيم للأقسام والساحة وانعدام النظافة وخلو مدارسهم من أدوات التعقيم.

أخبار ذات صلة

عودة "حذرة" لمقاعد الدراسة بالجزائر.. بعد 7 أشهر من الإغلاق
معدل النجاح في البكالوريا يثير جدلا واسعا في الجزائر

ضرورة مواصلة الدراسة

في المقابل، ترى عدة أطراف تربوية أن مواصلة التلاميذ لدراستهم أمر حتمي، بعد 7 أشهر من "عطلة اضطرارية" بسبب كورونا، إضافة إلى أن مترشحي شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا اجتازوا امتحاناتهم بسلام، وتم الإعلان عن نتائجهم وبالتالي فإن البقاء بعيدا عن أجواء الدراسة لأطول فترة ممكنة أمر غير مقبول.

وشدد الناشط التربوي، كمال نواري، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه من الضروري الإبقاء على الدراسة رغم تواصل خطر الفيروس، مبرزا أن "ابتعاد التلاميذ لفترة أطول عن مقاعد الدراسة أخطر من كورونا" على حدّ تعبيره.

وأوضح كمال نواري العارف بواقع المؤسسات التربوية في الجزائر، أنه "حقيقة هناك بعض المدارس لم تطبق البروتوكول الصحي لغياب الوسائل"، مرجعا ذلك إلى أن "المدارس الابتدائية الجزائرية تابعة إداريا للجماعات المحلية، ومن الملاحظ أن أغلب البلديات فقيرة ماديا وليس باستطاعتها توفير مواد تطبيق البروتوكول الصحي من مواد تعقيم وماء جافيل إلى آخره".

وأفاد كمال أن هناك بعض الجهات تدخل فيها أولياء التلاميذ وجمعيات المجتمع المدني من أجل توفير وسائل الوقاية في المدارس بمبادرات ذاتية للمحافظة على نهج تدريس أبنائهم، ما يوضح رغبة الأولياء في مواصلة الدراسة.

وأكد، في السياق ذاته، أن "الجزائر قادرة على توفير مستلزمات البروتوكول الصحي ولا تنطبق عليها دعوة منظمة الصحة العالمية بخصوص ضرورة غلق المدارس لمواجهة الجائحة".

في انتظار مرحلتي المتوسط والثانوي

ويأتي رجوع تلاميذ المرحلة الابتدائية إلى مدارسهم كخطوة أولى، قبل تلاميذ المرحلتين المتوسطة والثانوية، الذين من المنتظر التحاقهم بمقاعد الدراسة يوم 4 نوفمبر المقبل.
وكان بيان لمجلس الوزراء، في 4 أكتوبر، قد حدد يوم 21 من الشهر الجاري، موعدا للدخول المدرسي بالنسبة للمرحلة الابتدائية في كافة أنحاء الجزائر، و4 نوفمبر للمتوسط والثانوي، فيما حدد الدخول الجامعي يوم 15 نوفمبر المقبل.

وهذه المرة الأولى في الجزائر التي يعرف فيها الدخول المدرسي مرحلتين وليس مرحلة واحدة مثلما كان عليه الأمر في المواسم السابقة بسبب جائحة كورونا التي عطلت العودة المدرسية "مرتين" وأجلتها إلى شهري أكتوبر بالنسبة للمرحلة الابتدائية ونوفمبر للمرحلتين المتوسطة والثانوية، بعدما كانت في السابق مرتبطة عادة ببداية شهر سبتمبر من كل سنة.