انتقلت "كرة" مواجهة فيروس كورونا المستجد في المغرب إلى "ملعب المواطنين"، حيث أعلنت السلطات توسيع إجراءات تخفيف الحجر الصحي بهدف إعادة تحريك عجلة الاقتصاد الوطني.

وابتداء من 24 يونيو الجاري، يصبح بإمكان المقاهي والمطاعم استقبال الزبائن، كما سيجري إعادة فتح المراكز والمجمعات ومحلات الترفيه، إلى جانب استئناف النقل العام بين المدن.

في المقابل، تقرر الإبقاء على جميع القيود الاحترازية الأخرى، مثل إغلاق المتاحف وقاعات السينما والمسارح والمسابح العمومية، ومنع التجمعات وحفلات الزواج والجنائز.

وبمجرد إعلان القرارات الجديدة، سادت حالة من البهجة والراحة النفسية في صفوف المغاربة، إذ سيعانقون الحرية من جديد ويعودون لحياتهم الطبيعية بعد نحو 3 أشهر من إجراءات الإغلاق المشددة.

وتأتي هذه الخطوات لتأطير المرحلة الثانية من "مخطط تخفيف الحجر الصحي"، حسب ما كشف بلاغ مشترك لوزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي.

وأوضح البلاغ أن التدابير المقررة سترافقها عدة شروط وقائية لضمان استقرار الوضعية الوبائية الحالية.

وسجل المغرب، إلى حدود اليوم، 10344 إصابة بفيروس كورونا المستجد، من بينها 214 حالة وفاة. أما الحالات التي تماثلت للشفاء فبلغت 8407، حسب معطيات وزارة الصحة.

ما أعلنته السلطات المغربية يعني أن كل فرد سيصبح مسؤولا على حياته وحياة الآخرين، الأمر الذي يتطلب وعيا مجتمعيا لإنجاح جهود مكافحة "كوفيد-19".

أخبار ذات صلة

المغرب.. عودة "حذرة" للسياحة وسط رهان على الداخل
المغرب يستأنف الرحلات الجوية الداخلية.. ويحدد الموعد

البلاغ المشترك للوزارات الثلاثة أشار إلى هذه النقطة بالقول "لإنجاح تنزيل مختلف هذه التدابير، تهيب السلطات العمومية بجميع المواطنات والمواطنين مواصلة التزامهم الكامل والتقيد الصارم بكافة التدابير الاحترازية المعلن عنها، من تباعد جسدي وقواعد النظافة العامة وإلزامية ارتداء الكمامات الواقية".

وسيكون "وعي المغاربة" محط تقييم واختبار خلال هذه الفترة، التي بات فيها التعايش مع الفيروس التاجي إلزاميا، إلى حين إيجاد لقاح فعال ضده.

وسيتجلى هذا الوعي في الالتزام بالتدابير الوقائية والحرص على سلامة الآخرين، خصوصا الأكثر عرضة للخطر، مع ضرورة عدم الاستهتار بالفيروس.

كورونا المغرب

في غضون ذلك، ذكر الدكتور سمير بودينار، رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، أن الوصول لهذه المرحلة من تخفيف الحجر الصحي "غير مرتبط فقط بتطور الحالة الوبائية لكنه أيضا متعلق بما أبانه الشارع المغربي عموما من مستوى وعي ومن تجاوب مع الإجراءات السابقة".

وأوضح بودينار لموقع "سكاي نيوز عربية" أن المجتمع المغربي أبان عن "قدر متميز من الوعي خاصة في ضوء الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية"، مضيفا "إذا حللنا تطور الوعي عند المغاربة في المرحلة الماضية سنجد أن هناك مستوى جيدا جدا من الوعي مع تسجيل بعض التجاوزات".

وعن الفترة المقبلة، يقول بودينار "نحن على أعتاب مرحلة جديدة تتميز بمزيد من التخفيف، أتصور أن الحاسم فيها هو وعي المغاربة، الذي ستظهر آثاره من خلال الحالة الوبائية".

وأردف قائلا "أعتقد أن المرحلة المقبلة سيطبعها المزيد من الانخراط الجماهيري في الإجراءات الوقائية، لاسيما وأن هذا التخفيف يظل حذرا ومرتبطا بإكراهات الحياة الاقتصادية".

من ناحيته، أوضح سعيد بنيس، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بمدينة الرباط، أنه "فيما يتعلق بأهمية الوعي عند المغاربة بعد تخفيف الحجر الصحي، فيمكن المراهنة على منسوب من الانضباط المواطناتي الذي أظهره المغاربة في الثلاثة أشهر من الحجر الصحي وحالة الطوارئ".

وأبرز بنيس، الحاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية، في حديثه لـ"موقع سكاي نيوز"، أن "هذا الانضباط المواطناتي يمكن قياس مستواه من خلال تمثل مجتمعي يرتكز على أن التخطيط الفردي للأنا أضحى مرتبطا بالتخطيط الجماعي للنحن".

وفسر حديثه بالقول إن "رغبات الفرد صارت ترتبط أساسا برهانات وتحديات الجماعة".

وتابع "في هذا السياق ومع راهنية ما بعد جائحة كورونا وفي خضم رابط مجتمعي يتماهى فيه الفرد مع الجماعة وتتماهى الجماعة مع الفرد، يمكن استشراف منسوب من الوعي يمكن أن يرفع من مستوى الثقة بين المواطنين والمؤسسات وأن يدخل المغاربة في بيئة مجتمعية جديدة تقارب في مكوناتها مجتمع الثقة".

مع التحديات الاقتصادية التي فرضها "عدو العالم الجديد"، يبقى إذن الوعي المجتمعي السلاح الوحيد لعبور هذه المحنة بأقل الخسائر المادية والبشرية.