سلطت حادثة إطلاق النار على محتجين في منطقة حدودية بين الجزائر ومالي، الضوء مجددا على مناطق الطوارق الحدودية بين البلدين، حيث تعيش عائلات وأسر في مناطق شبه مشتركة.

وفي سعي من السلطات الجزائرية إلى إحكام السيطرة الأمنية عليها بعد إقامة سياج شائك للسيطرة على المنطقة، وقعت الحادثة التي أسفرت عن مقتل شخص، بعد سماع إطلاق كثيف.

أسباب الحادثة

وقالت وزارة الدفاع الجزائرية في بيان أمس الاثنين، إن الأمر يتعلق "بمحاولة لتخريب الجدار الحدودي العازل في المنطقة، بين الجزائر ومالي، وتحريض السكان على التظاهر من طرف أشخاص معروفين بأنشطتهم في مجال التهريب".

وأوضحت أن أحد المتجمهرين في المكان أصيب بعد تعرضه "لإطلاق نار من مصدر مجهول من منطقة إخرابن المالية بينما تدخل حرس الحدود الجزائريين لتهدئة الأوضاع قبل أن يلقى حتفه نتيجة خطورة الإصابة.

غير أن سكان محليين يقولون إن الاحتكاك مع الجيش في منطقة تين زواتين وقعت بسبب وضع أسلاك شائكة بمحاذاة السد الترابي الفاصل بين حدود الجزائر ومالي لحماية الحدود، وأدى ذلك إلى عدم استفادة سكان تلك المناطق من مصادر المياه في المنطقة كما حال الحاجز دون تنقلهم ورعي ماشيتهم في المنطقة الحدودية.

وخلال العامين الماضيين شهدت المناطق الحدودية بجنوب الجزائر أعمال عنف متتالية راح ضحيتها 13 شخصا، بحسب بيان صدر الاثنين عن الحادث يحمل توقيع "منظمة إيموهاغ الدولية" المعنية بحقوق الطوارق.

أخبار ذات صلة

الجزائر تكشف "حقيقة" إطلاق نار على بلدة حدودية مع مالي
الساحل والصحراء.. ضربة موجعة للإرهاب بعد قطع "رأس الأفعى"
مقتل جندي جزائري في هجوم انتحاري قرب الحدود مع مالي
مقتل دروكدال.. من هو "صانع المتفجرات" الذي روع شمال إفريقيا؟

 وتسعى السلطات الجزائرية إلى إحكام السيطرة على المنطقة الحدودية هذه، خاصة بعد تفشي فيروس كورونا حيث تم تقييد الحركة في عموم البلاد، إضافة إلى كون المنطقة منفذ تهريب طالما تم استغلاله من قبل مهربي السلع والمخدرات فضلا عن كونه معبر هجرة من الجنوب للشمال.

وعلت أصوات في منطقة أزواد شمالي مالي المحاذية للحدود الجزائرية، بعد إغلاق الدول المطلة على الصحراء لحدودها منذ بدء تفشي وباء كورونا، الأمر الذي بات له تأثير كبير على منطقة معزولة يعتمد اقتصادها على المنافذ الحدودية المشتركة مع هذه الدول وعلى رأسها الجزائر وموريتانيا على وجه الخصوص.

ودعت قيادات الطوارق في منطقة أزواد إلى فتح الحدود المشتركة بعد نضوب السلع وارتفاع الأسعار الذي صاحب الإجراء المتخذ من دول الجوار بحسب تصريحات أدلى بها الرئيس الدوري للحركات الأزوادية، ورئيس الحركة الوطنية لتحرير أزواد بلال أغ الشريف لموقعنا في وقت سابق.

وطالب حقوقيون وساسة في المنطقة إلى وضع اعتبار لطبيعة سكان المنطقة الملحقة مركزيا بمالي، حيث لا تزال مفاوضات معقدة مستمرة منذ سنوات هدفها انتزاع اعتراف بسكان منطقة شمال مالي الذين أعلنوا دولة من طرف واحد في العقد الماضي، إلا أن مفاوضات سياسية انتهت بتفاهمات من شأنها إقرار حقوقهم دون انفصال.

الإرهاب يعقد الوضع

وفي السنوات الماضية، أدت الأعمال الإرهابية إلى تعقيد المشهد، بعد اتخاذ عدد من المنظمات المسلحة للمنطقة ملاذا لها، الأمر الذي انتهى بتدخل دولي بقيادة فرنسا لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل.

وارتفعت وتيرة الأعمال الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء بغرب أفريقيا ما عزز الفوضى وانفلات الأمن بشكل غير مسبوق في المنطقة التي أصبحت مسرحا لعمليات عدد من الجماعات الإرهابية، ومافيا المخدرات والسلاح.

وتواجه القوة المدعومة لوجيستيا أيضا من الولايات المتحدة وشركاء أوروبيين، نقدا لاذعا في المنطقة بسبب تنامي العنف وخروجه من السيطرة، ما أدى إلى تهجير مئات الآلاف من سكان الصحراء إلى دول الجوار وعلى رأسها موريتانيا والجزائر وبوركينا فاسو.

ومنذ اندلاع ثورة الطوارق الأخيرة عام 2012 بقيادة الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وجدت الجماعات الإرهابية فرصة سانحة للاندفاع بقوة واستغلال الفوضى وفراغ السلطة في صحراء أزواد شمالي مالي، ولتتمدد إلى بقية دول المنطقة عبر حزام الساحل وحتى بحيرة تشاد.

وكرس تعطيل اتفاقيات السلام وتقاسم السلطة بين الطوارق ومالي، أزمة سكان المنطقة ومعاناتهم، حيث ارتفعت الهجرة والفقر ووجد الإرهاب موطئ قدم له، ما يلقي في الطوارق باللائمة على رعاة السلام، وعلى رأسهم الأمم المتحدة وفرنسا ودول الجوار.

ومنذ ذلك الحين، يلقي سكان المنطقة باللائمة على شركاء الجوار وعلى رأسهم الدولة الجزائرية التي يعولون فيها الآن على التحول السياسي الذي يقوده الرئيس عبد المجيد تبون، حيث وجه نواب الجنوب (منطقة الطوارق) رسالة مفتوحة حول المناطق الحدودية، دعوا فيها إلى وضع اعتبار أمني واقتصادي لسكان المنطقة.

ودعا الخطاب المفتوح الحكومة إلى مراعاة طبيعة سكان المنطقة وفتح المعابر وتسهيل حركة الرعاة والتجار، وإلى عدم الخلط بين التجار العاديين والمهربين، إضافة إلى التعاون مع سكان المنطقة للسيطرة على الوضع الأمني في الحدود، وإلى توجيه التنمية الاقتصادية التي من شأنها ضمان استقرار حقيقي للسكان.