رغم أن تركيا لم تصل إلى النتائج الكاملة التي استهدفتها من وراء هجمات عمليتها العسكرية "نبع السلام" التي بدأت في 9 أكتوبر الماضي شمالي سوريا، إلا أن أنقرة تتحرك بنفس أسلوب ما جرى إبان الغزو التركي لقبرص والذي خلف انقسام الجزيرة لشطرين أحدهما موالي لتركيا.  

فتركيا بدأت في اتخاذ خطوات ترمي إلى بقائها بشكل دائم في تلك المناطق بما يتناسب مع هدفها الاستعماري من اكتساب أراض جديدة واستعادة الأراضي المفقودة، والذي تسعى لتحقيقه منذ السنوات الأولى لاندلاع الأزمة السورية، وفقا لصحيفة "أحوال" التركية.

ففي الحسكة وتل أبيض، شرعت تركيا في إنشاء جدار حدودي على غرار ما قامت به في عفرين، مع سعيها الدؤوب لتغيير الديمغرافية السكانية من خلال توطين النازحين السوريين في مناطق الأكراد.

ولم تكتف أنقرة بذلك بل قامت بفتح عدد من المدارس، مع جعل اللغة التركية لغة التعليم الإلزامي، وتعيين مسؤولين في المنطقة، في حين تم طرح الزيتون وزيت الزيتون المزروع في عفرين في السوق المحلي التركي وكأنه بضاعة تركية محلية.

كما كشفت الخرائط التي تعرض مؤخرا في وسائل الإعلام التابعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم أن تركيا تمددت خارج حدودها، التي كان تم ترسيمها بموجب معاهدة لوزان، وأنها توسعت بحيث تضم حلب والموصل بل وجزء من أراضي اليونان وبلغاريا.

ووفقا لهذه الخرائط فإن هدف تركيا الرئيسي والأساسي ليس إقامة "منطقة آمنة مؤقتة"، وإنما الاستيلاء على جزء معين من الأراضي السورية، وضمه إليها، وهذا لا يقتصر على الإدارة فحسب إذ من الوارد احتلال المنطقة من الناحية الاقتصادية والثقافية أيضا.

أخبار ذات صلة

تركيا تسعى لتوطين مليون لاجئ في شمال سوريا
أوروبا وأردوغان.. معضلة سياسية و"عددية"
أردوغان في واشنطن.. انقلاب ديمغرافي وانفصال عن الناتو
إعدامات وجرائم شمالي سوريا.. منطقة تركيا الآمنة "ليست آمنة"

خطاب أردوغان في جنيف

واللافت للنظر، أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، صرح في خطابه أمام قادة العالم في الأمم المتحدة في جنيف مؤخرا بأنه يريد حصة من النفط المستخرج في المنطقة، وأنه سيمول بهذه الحصة المساكن التي يريد إنشاءها في المنطقة الآمنة وعودة اللاجئين.

فأردوغان يرغب ليس في توطين اللاجئين السوريين فقط في المنطقة الآمنة كما يزعم، بل واللاجئين القادمين من دول مثل تركمنستان وأوزبكستان وطاجيكستان وأذربيجان وأفغانستان، ليحدث بذلك تغييرا سكانيا جذريا، وفقا لتقرير أعدته الاستخبارات التركية.

ووفقا للصحيفة التركية، فإنه من الواضح أن السكان الأكراد، الذين كانوا يشكلون الأغلبية في المنطقة منذ مئات السنين، يتم ترحيلهم منها بشكل ثابت، ويجري تنفيذ مراحل مشروع تركيا في المنطقة؛ حيث باتت أسماء الشوارع والقرى والأحياء والمدارس باللغة التركية.

ومن الخطوات التي اتخذتها تركيا في المناطق، التي احتلتها إنشاء المدارس وتأسيس الجامعات وإظهار الاحتلال وكأنه "حملة توعية" وتجميل وجهه.

فبعد قرار إنشاء كلية في عفرين تابعة لجامعة غازي عنتاب، سميت مدرسة في تل أبيض باسم "نبع السلام" وفقًا لمقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الوطني لأغراض دعائية.

ففي هذه المدرسة الابتدائية التي اسمها الكامل "نبع السلام مشرفة الحاوي" تأتي اللغة التركية كواحدة من اللغات الإلزامية التي سيتعلمها الأطفال.

ذلك أن الأكراد ليسوا أصحاب المنطقة الحقيقيين وفقًا لمفهوم الاحتلال التركي، بل العرب والأتراك، لذلك كان الإبعاد القسري للسكان الأرمن والآشوريين والمسيحيين والأكراد من هنا وتوطين العرب والأتراك بدلا منهم، والتعليم الإلزامي للغة العربية والتركية نتيجة "طبيعية" لهذا الفهم.