بدأ البرلمان المصري ذي الأغلبية المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين الخميس إجراءات سحب الثقة من الحكومة التي عينتها القوات المسلحة، ما أجج الصراع المحتدم بين الإسلاميين وحكام البلاد العسكريين بحسب ماذكرته الأسوشيتيدبرس.

ودخل الإسلاميون أيضا في صراع مع الليبراليين والمنظمات العلمانية بشأن اللجنة المنوطة بصياغة الدستور الجديد، وذلك أعقاب انسحاب 25 من أعضاء لجنة صياغة الدستور بعدما استأثر الإسلاميون بأغلبية واضحة من مقاعد اللجنة البالغ عددها 100 لأنفسهم.

يذكر أن الأزهر كان أخر المنسحبين من اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور الجديد، وفي غضون ذلك، أفاد مراسل سكاي نيوزعربية في القاهرة أن المجلس الملي للكنيسة المصرية اعترض على تشكيل التأسيسية.

ولم يتوصل اجتماع الخميس الذي رأسه المشير حسين طنطاوي بين الليبراليين والإسلاميين إلى أي نتيجة.

ويخشى الليبراليون من أن يفرض الإسلاميون أجندتهم الإسلامية على الدستور، بينما يؤكد الإسلاميون على أن الليبراليين لا يمثلون سوى أقلية ليس لديها أي قاعدة شعبية.

ووصلت العلاقات بين الإخوان والجيش إلى ما يشبه المواجهة خلال هذه الأسابيع القليلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية المصرية، المقرر إجراؤها في مايو، والتي تعهد الجيش بتسليم السلطة بعدها للمدنيين.

وتسعى حركة الإخوان المسلمين لتعيين حكومة جديدة قائلة إنه أمر ملح بسبب تدهور الأمن في البلاد والأوضاع الاقتصادية السيئة.

وانتقد أعضاء البرلمان خلال جلسة ساخنة الخميس أداء حكومة رئيس الوزراء كمال الجنزوري متهمين إياها بإهدار ستة مليارات دولار من الأموال العامة، مع مقاطعة ستة وزراء للجلسة احتجاجا على ما ذكره النواب.

وبدأ الأعضاء أيضا في إجراءات سحب الثقة من الحكومة حسبما قال النائب حسين إبراهيم، مؤكدا أن البرلمان الذي يحظى الإخوان ومن ورائهم إسلاميون آخرون بنحو 75 بالمائة من مقاعده سيصوتون على سحب الثقة خلال أسبوعين.

وقال النائب أسامة ياسين إن اللجان الفرعية الـ19 رفضوا بيان الحكومة، ويطالب المجلس بـ "تشكل حكومة أغلبية جديدة"، موضحا أن لا أحد يستطيع منح هذه الحكومة الميتة "قبلة الحياة".

وبالرغم من أن الدستور المصري المؤقت لا يعطي البرلمان سلطة إقالة الحكومة إلا أن التصويت بحجب الثقة عن الحكومة التي عينها المجلس العسكري سيكون بمثابة ضربة قوية له تجعل من الصعب عليهم مواصلة دعم حكومة الجنزوري.

وطيلة الأشهر الماضية تراوحت مواقف جماعة الإخوان المسلمين مع الجيش بين التعاون والتصارع وهما القوتان اللتان برزتا كأقوى كيانين بالبلاد منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك العام الماضي.

ولكن الإجراء الذي اتخذه مجلس الشعب الخميس يشير إلى ثقة متزايدة بالنفس يشعر بها الإخوان المسلمون، مع إمتلاكها لنحو نصف مقاعد البرلمان وهو ما يجعل منها الكتلة الكبرى بالمجلس كما أن نفوذها يتعاظم حينما تحصل على دعم الكتلة الثانية الكبرى وهي كتلة السلفيين ذوي الاتجاه المفرط في المحافظة.

وفي الأسبوع الماضي اتهم قيادي بارز في جماعة الإخوان الجنزوري بالتهديد بحل البرلمان من خلال أمر قضائي.

ورفض المجلس العسكري تلك المزاعم وأصدر تهديدا مبطنا بشن حملة ضد الإخوان المسلمين إن أصرت على مطالبها بتشكيل حكومة جديدة.

وتعد المواجهة بشأن حكومة الجنزوري مجرد ساحة واحدة من جبهات الصراع المتعاظم في مصر قبيل الانتخابات الرئاسية أواخر مايو القادم، والتي من المفترض أن تكون تلك الانتخابات الفصل الأخير في مرحلة التحول نحو الديمقراطية.

وبمجرد انتخاب الرئيس ستستقيل الحكومة الحالية ليصطفي الرئيس الجديد حكومته.

ولكن مسؤولين من حركة الإخوان المسلمين يؤكدون على ضرورة ملحة للإطاحة بحكومة الجنزوري واختيار أخرى من جانب البرلمان، فترك الحكومة الحالية يعني تحميل الحكومة القادمة بأعباء اقتصاد بائس صنعته الحكومة الحالية.

ويحرص المجلس العسكري على حماية امتيازاته الخاصة، وعلى الأخص عدم إتاحة المجال أمام المدنيين للرقابة على ميزانيته.

ويعترض الجيش أيضا على مساعي الإخوان المسلمين لتغيير النظام السياسي المصري لنظام برلماني، حيث يخشى الجيش أن يفتح ذلك الباب أمام الإسلاميين لإحداث تغييرات شاملة في  مؤسسات البلاد.

وقال سعد عمارة، النائب عن حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان في البرلمان الخميس، إن المجلس العسكري وافق في البداية على أن يشكل البرلمان مجلس الوزراء ولكن بشروط محددة أهمها أن يعين المجلس العسكري بنفسه اثنين من نواب رئيس مجلس الوزراء وعشرة وزراء في الحكومة من بينهم وزيري الدفاع والداخلية، ولكن الإخوان المسلمين رفضوا.