تجذب المظاهرات المستمرة في الشارع الجزائري أنظار الدول العربية والمغاربية المجاورة، التي تترقب مآل هذا الحراك، وما إذا كان سيحقق مطالبه وينجح في خلق نظام جديد، يكسب ثقة الجزائريين.

والجمعة، واصل الجزائريون التظاهر في الجمعة السادسة على التوالي من الاحتجاجات المطالبة بتنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والمقربين منه.

وكان الجزائريون قد رفضوا تراجع بوتفليقة عن قرار الترشح لولاية خامسة وتنظيم "ندوة وطنية شاملة" لمراجعة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، معتبرين أن الأمر "لا يعدو كونه مناورة لربح الوقت وضمان استمرارية النظام".

وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، دعا رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، إلى تفعيل المادة 102 من الدستور، التي تنص على إعلان شغور منصب الرئيس بسبب المرض، على أن يكلف المجلس الدستوري رئيس البرلمان بتولي الرئاسة مؤقتا إلى حين تنظيم الانتخابات، وهي دعوة تواجه تواجه انقساما بين مؤيدين ومعارضين.

الشارع التونسي يتحدث عن الحراك الجزائري

واستطلع موقع "سكاي نيوز عربية" آراء بعض أبناء الشعب التونسي، ليجس نبض المواطنين والمواطنات بشأن التطورات الحاصلة في الدولة المجاورة لهم، الجزائر، لاسيما وأن التونسيين كانوا سباقين للتظاهر عام 2011 في "ثورة الياسمين"، التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي.

وبالإجماع، أيّدت عينة التونسيين، التي حاورناها، احتجاجات الجزائريين، مشددة على أن "حل النجاح هو السلمية".

وقالت لطيفة النجاري، طالبة في كلية العلوم القانونية والسياسية، إن "الأشقاء الجزائريين أظهروا قدرا كبيرا من الوعي والمسؤولية، من خلال احتجاجاتهم السلمية"، مضيفا: "على النظام أن يتعامل هو الآخر بنفس الوعي وأن يدرك أن الأمور قد تنقلب عليه في حال واصل استهتاره واستخفافه بالاحتجاجات".

ورفض شعيب، الذي يعمل مسؤولا في أحد البنوك، الخوض في النقاش، بدعوى أن "ما يحدث في الجزائر يجب أن يبقى في الجزائر"، لكنه عاد ليتحدث بصفة عامة عن فكرة الحراك، موضحا أن الأمر يحتاج "لنفس طويل، ويتطلب قدرا كبيرا من العقلانية في تحديد المطالب، إلى جانب ضرورة تجنب العشوائية في الاحتجاجات".

وأضاف: "ما حدث في فرنسا خير مثال.. بدأت السترات الصفراء مظاهراتها بشكل عقلاني وتفاعلت معها الرئاسة بشكل إيجابي، لكن العشوائية طغت في النهاية، والنتيجة لا شيء إلى حدود الساعة".

فيما قدم إبراهيم لغضف، تاجر في الآلات الكهربائية المنزلية، ما وصفها بـ"النصيحة الذهبية لإنجاح الحراك الجزائري"، قائلا: "الحل هو السلمية.. أي انفلات أو شغب أو تهور قد يكون في صالح النظام، ليمسك بقبضة من حديد بزمام الأمور".

وأضاف: "خضنا التجربة نفسها قبل سنوات.. ورأينا كيف تستغل السلطات خروج أي متظاهر عن السيطرة وتحوله إلى ورقتها الرابحة لمنع الاحتجاجات".

أخبار ذات صلة

تظاهرة ضد ترشح بوتفليقة خارج الجزائر
الجزائر.. انقسامات متفاقمة في أحزاب الائتلاف الحاكم
الأمن الجزائري يرد على رقم "المسيرات المليونية"
بعد دعوة الجيش لعزل بوتفليقة.. المجلس الدستوري "لم ينعقد"

الحراك الجزائري "الحاضر الغائب"

وتساءل عدد من المتابعين عن عدم طرح الحراك الجزائري على طاولة الاجتماعات العربية، لاسيما في القمة التي ستعقد يوم الأحد، معتبرين أن ما يحصل في الجزائر "يمس كل الدول العربية"، فيما قال آخرون إن الأمر "شأن داخل،ي وحله لا يحتاج أي تدخل خارجي".

وفي هذا الصدد، أوضح الدبلوماسي التونسي السابق والمبعوث الحالي للجامعة العربية في ليبيا، صلاح الدين الجمالي، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن عدم طرح موضوع الجزائر على الطاولة العربية هو "قرار صحيح".

وأضاف: "يكمن بيت القصيد في عدم تدخل أي منظمة أو إطار خارجي في احتجاجات الجزائر باعتبارها أمرا داخليا، كما أنها لم تتطور بعد لتصل إلى مرحلة الأزمة".

وتابع: "هو حراك طبيعي وسلمي وديمقراطي. أتمنى أن تتواصل الاحتجاجات بهذا الشكل إلى حين تحقيق المطالب المطروحة".

وشدد الجمالي على ضرورة "ترشيد" المظاهرات في هذه الدولة المغاربية "حتى لا يقع استغلالها من طرف جهات خارجية"، مضيفا: "الأهم هو أن الأشخاص الكبار في الجزائر فهموا أن مرحلتهم انتهت وأن الوقت حان لتسليم الشعلة".

لا تدخل بشؤون الجزائر

من جانبه، ذكر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر، زهير بو عمامة، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن عدم إدراج الجامعة العربية موضوع الحراك الجزائري ضمن جدول أعمال القمة الثلاثين يمثل "رسالة إلى الجزائر"، مفادها أنه "لا أحد سيتدخل في شؤون الجزائر الداخلية".

وتابع: "يبدو أن الجامعة تفاعلت بإيجابية مع طمأنة السلطة في الجزائر دول الجوار بشأن الاحتجاجات"، مشيرا إلى أن المسؤولين الجزائريين "عملوا على إقناع العالم بأن الأزمة ستجد طريقها إلى الحل قريبا، وهو الأمر الذي لن يحتاج تدخل أي طرف خارجي".

أما الخبير في العلاقات الدولية والمتحدث السابق باسم الاتحاد الأفريقي، نورالين المازني، فأوضح أن الوضع الجزائري سيغيب عن طاولة القمة العربية، لكنه "سيكون حاضرا في المشاورات الجانبية والثنائية بين مسؤولي الدول الحاضرة".

وأضاف لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن ممثل الجزائر في القمة، رمطان لعمامرة، التقى الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي وقدم له عرضا مفصلا بشأن ما يحدث في الجزائر، "كما نقل له رسالة شفوية من الرئيس بوتفليقة".

واستطرد قائلا: "الوضع في الجزائر مهم جدا لكل دول الجوار، وينبغي أن يسترعي انتباه واهتمام العالم العربي، على اعتبار أن استقرار الأوضاع هناك يهم المنطقة بأكملها".

وكان الناطق الرسمي باسم القمة العربية، محمود الخميري، قد صرح لوسائل الإعلام، أن التطورات الأخيرة الحاصلة في الملف الجزائري "غير مطروحة" على طاولة القمة، مشيرا إلى أن جدول الأعمال محدد مسبقا ولن يتم تغييره على ضوء ما يحدث في الجزائر.