تكشفت تفاصيل جديدة بشأن اغتيال الروائي العراقي علاء مشذوب، وأسباب مقتله، السبت الماضي، في مدينة كربلاء، بإطلاق مجهولين 13 رصاصة، استقرت في جسده.

ورجح قاسم، شقيق علاء مشذوب، أن تكون التدوينة التي كتبها أخيه قبل أيام من مقتله، على صفحته في فيسبوك عن المرشد الإيراني الراحل الخميني، السبب وراء اغتياله بهذه الطريقة.

وتحدث مشذوب، وهو ناشط علماني في المجتمع المدني، عبر صفحته في فيسبوك عن شارع في مدينة كربلاء، حيث عاش الخميني قرابة 13 عاما قبل أن يغادر إلى فرنسا.

ووجهه مشذوب انتقادات إلى الخميني بسبب معاداته للعراق بعد أن خرج منه، واتخاذه مواقف ضد البلاد التي استضافته فترة طويلة، وهي انتقادات يرجح كثيرون أن تكون السبب وراء اغتياله.

وكان مشذوب، الذي اعتاد استخدام دراجته الهوائية ليجوب أنحاء كربلاء، ناقدا صريحا للتدخل الأجنبي في العراق وتدخل الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران في المجال السياسي للبلاد.

ومقتل مشذوب كان الأحدث في سلسلة اغتيالات طالت شخصيات بارزة في العراق مؤخرا، من بينهم نشطاء مرتبطين بحركة الاحتجاج في مدينة البصرة جنوبي البلاد، فضلا عن ملكة جمال سابقة اشتهرت على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأثارت عمليات الاغتيال الأخيرة المخاوف من العودة إلى نوع الهجمات التي استهدفت شخصيات بارزة، ابتليت بها البلاد في أوج صراعها الطائفي.

وبينما لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن قتل مشذوب أو الضحايا الآخرين، فإن الشبهات في بعض الحالات حامت حول ميليشيات شيعية، بعضها مدعوم من إيران، من بينها ميليشيات الحشد الشعبي.

أخبار ذات صلة

الاغتيالات تعود للعراق.. وميليشيات إيران في الصورة
13 رصاصة تنهي حياة روائي عراقي انتقد "ثورة الكاسيت"

 وكان مشذوب (51 عاما) أبا لثلاثة أولاد وابنة، وأصدر 20 كتابا، من بينها العديد من الروايات ومجموعات قصصية قصيرة حازت على جوائز محلية وإقليمية.

وكتب مشذوب على نطاق واسع عن تاريخ مدينة كربلاء وثقافتها وعن الأقلية اليهودية التي كانت مزدهرة فيها يوما ما.

وقال قاسم مشذوب، شقيق علاء، للأسوشيتد برس، الثلاثاء: "لقد قتلونا بقتلهم علاء، لكننا سنبقيه حيا من خلال قلمه".

وأضاف: "في كتاباته تحدث ضد الفساد وانتقد الدول المجاورة لتدخلها في الشؤون العراقية. الجميع يعلم أن إيران وتركيا حاضرتان في العراق. هذا ليس سرا. أعتقد أن الذين اغتالوه مسلحون غير مدركين لقيمة كتاباته".

وأوضح قاسم أنه قبل أسبوع من مقتله، كشف علاء لعائلته أنه يشعر بأنه مراقب ويخاف أن يقتل.

وفي مساء السبت الدامي، حضر علاء مشذوب فعالية في مركز ثقافي محلي، حيث كان الحاضرون يناقشون أداء منتخب العراق لكرة القدم في بطولة كأس الأمم الآسيوية التي اختتمت قبل أيام في الإمارات.

وقال نوفل الحمداني، عضو اتحاد أدباء كربلاء، إن علاء غادر مبكرا وقال إنه يريد العودة لمنزله.

"قاد علاء دراجته وتوجه إلى المنزل بالفعل. وبعد وقت قصير، اعترضه مسلح يستقل دراجة نارية وأطلق النار عليه من الخلف في البداية مما أدى لسقوطه من على الدراجة. ثم أطلق المسلح 12 طلقة أخرى مما أدى إلى مصرع علاء في الحال"، وفقا لشقيقه.

وقدمت سفارة الولايات المتحدة في العراق تعازيها لعائلة مشذوب وأصدقائه، واصفة حادثة قتله بأنها "عمل عنف لا معنى له".

صدمة وانتقادات

وصدمت الجريمة الكثير من العراقيين، وأثارت انتقادات ضد قوات الأمن لفشلها في حماية الشعب. ولف جثمان مشذوب بعلم العراق وحمله زملاؤه في طريق رئيسية بكربلاء وسط هتافات "الله أكبر".

وقال قاسم: "سنعرف الجناة قبل أن تفعل الحكومة ذلك." ولم تعتقل قوات الأمن أي مهاجم من الذين نفذوا جرائم اغتيالات طوال العام الماضي.

ففي 25 سبتمبر الماضي، قتل مسلح سعاد العلي، الناشطة البارزة في البصرة التي نظمت احتجاجات تطالب بتحسين الخدمات العامة وخلق فرص عمل وتندد بالتأثير المتنامي للميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في المنطقة.

وبعد أيام، قتلت تارا فارس، عارضة الأزياء ووصيفة ملكة جمال العراق السابقة ونجمة مواقع التواصل الاجتماعي (22 عاما)، حيث أطلق مسلحون النار عليها في وضح النهار بأحد شوارع بغداد المزدحمة. كما قتلت خبيرتا تجميل مشهورتين بالعراق العام الماضي.

دور الميليشيات

وكان للميليشيات دور بارز في حرب العراق ضد تنظيم داعش خلال السنوات القليلة الماضية، لكن مع إعلان انتهاء الحرب أواخر العام الماضي، تحول الانتباه إلى ارتفاع معدلات البطالة وتدهور البنية التحتية في العراق.

ويشعر كثيرون الآن بالاستياء من الميليشيات، بسبب تدخلها بالشؤون العامة.

من جانبه، قال وزير الثقافة والسياحة العراقي عبد الأمير الحمداني في بيان الأحد الماضي: "برحيله مشذوب، فقد الوسط الثقافي أحد مبدعيه وكتابه المتميزين".

وذكر مركز "قلم أميركا" (بن أميركا) لحرية التعبير الاثنين، أن اغتيال مشذوب "هجوم بشع على حرية التعبير والإبداع في العراق".

وأضاف في بيان أن "محاسبة مرتكبي هذه الجريمة البشعة أمر ذو أهمية قصوى من أجل الحفاظ على حرية التعبير وحياة مدنية وثقافية نابضة بالحياة في العراق".