يعد الجيش السوري من أكثر جيوش الدول العربية قوة في عدده وعتاده. فهو مؤلف من 200 ألف جندي ونحو 300 ألف مجند وفقا لأرقام تقريبية.

وقد دفع الرئيس السوري بشار الأسد بالجيش النظامي للتصدي للاحتجاجات في الشارع بعد مرور حوالي أربعة أشهر على انطلاقها.

ورغم تماسكها الواضح، فقد شهدت المؤسسة العسكرية في سوريا عدة انشقاقات، وإن كانت محدودة، منذ يونيو الماضي.

ونتجت عن هذه الانشقاقات تشكيل تنظيمات عسكرية، مثل حركتي لواء الضباط الأحرار بقيادة المقدم حسين هرموش، والجيش السوري الحر بقيادة العقيد رياض الأسعد، قبل أن تعلن الحركتان اتحادهما تحت لواء الجيش السوري الحر في أواسط سبتمبر الماضي.

وترجح المصادر أن عدد أفراد الجيش الحر يتراوح بين عشرة آلاف وخمسة عشر ألف فرد. وهم يتخذون من علم الثورة الجديد رمزاً لهم. ويرتدون زياً يشبه ما يرتديه الجيش النظامي، إلا أنهم يضعون إشارة على اليد اليسرى.

وينقسم أفراد الجيش السوري الحر بين ثلاث وعشرين كتيبة أبرزها كتيبة خالد بن الوليد في حمص، وكتيبة العمري في درعا والقاشوش وأبوالفداء في حماة والأبابيل في حلب ومعاوية بن أبي سفيان في دمشق وأبوعبيدة بن الجراح في ريف دمشق.

ويعتمد الجيش السوري الحر على أسلحة خفيفة ومتوسطة، تأتي من منشقين آخرين فضلاً عن الاستيلاء على عتاد خلال الاشتباكات مع قوات النظام، وسط تقارير عن تهريب أسلحة من دول الجوار.

وتعرض الجيش السوري الحر لهزيمتين كبريين على يد قوات الأسد في بابا عمرو وإدلب كشفتا ظهر المقاومة وإمكانياتها المحدودة.

ويصر عناصر الجيش السوري الحر على تحقيق هدفهم المتمثل في الإطاحة ببشار الأسد بالقوة، لكنهم يقرون بأن العقبة الوحيدة التي تواجههم هي نقص السلاح.

وقال منسق العمليات العسكرية بالجيش الحر، أحمد قاسم في مقابلة مع الأسوشيتد برس :"أرسلوا لنا مساعدات مالية، نحن في أشد الحاجة إليها، أرسلوا لنا أسلحة.. لسنا بحاجة لمقاتلين لدينا فائض من الرجال يستطيعون القتال، لكننا بحاجة إلى الأسلحة لحماية أرضنا وشرفنا".

وخلال العام الماضي تمكن الجيش السوري الحر من السيطرة لفترة وجيزة على مناطق محدودة من الأرض كان آخرها حي بابا عمرو بمدينة حمص ومدينة إدلب شمالي سوريا.

وبعد نحو أربعة أسابيع من القصف المتواصل، استعادت القوات الحكومية السيطرة على بابا عمرو مطلع مارس، بعد هجوم أسفر عن مقتل مائة شخص وحول الحي إلى رمز للمقاومة.

وبعد بابا عمرو صوبت القوات الحكومية أسلحتها نحو إدلب، معقل آخر للمقاومة، وسيطرت قوات الأسد على المدينة الثلاثاء الماضي بعد عملية استمرت ثلاثة أيام، وهي مدة أقصر بكثير مقارنة بهجوم بابا عمرو لكن لا تقل ضراوة.

ظهر الجيش السوري الحر كأكثر القوى المسلحة قدرة على مواجهة الأسد. وهو الجيش الذي يتميز بعدم مركزيته فقادته منتشرون في البلدان المجاورة بعيدا عن قبضة الأسد.

يقول منيف الزعيم أحد المتحدثين باسم الجيش السوري الحر والمقيم في الأردن :" لو كان لنا ملاذ آمن ننطلق منه داخل سوريا لكنا انتصرنا على بشار منذ زمن".

الهزائم كان لها أثرها على عزيمة الثوار، لكن المقاتلين يقولون إنهم يتحينون الفرص لإعادة التجمع. وقال فايز عمرو أحد عناصر الجيش السوري الحر الذي انشق عن الجيش النظامي قبل شهر ويقيم الآن في تركيا: "لا نشعر أننا هزمنا ، مطلقا".

لكنه صب غضبه على المجتمع الدولي، قائلا: إن أعنف الانتقادات الشفهية الموجهة للأسد لن تفيد أولئك الذين يواجهون دبابات النظام، داعيا الجميع لإمداد المقاتلين بالسلاح.

وقد بحثت السعودية وقطر والكويت تقديم مساعدات عسكرية للجيش السوري الحر، غير أن الولايات المتحدة ودولا أخرى تعارض فكرة تسليح الثوار، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى إراقة المزيد من الدماء وإطالة أمد الحرب.

وبحسب تحليل حديث للصراع السوري أجرته مجموعة الأزمات الدولية، فإن "المتطوعين في هذا الجيش يشملون آباء يدافعون عن أسرهم وشباب فقد أهله ومنشقين يقاتلون ذودا عن أرواحهم ".

النظام يقول إنه يحارب إرهابيين أجانب وعصابات مسلحة، مؤكدا في كل خطاباته على أن تلك الاضطرابات المتواصلة منذ عام كامل، ليست ثورة.

لكن المعارضة ترفض ذلك وتقول إن المناهضين لحكم الأسد أجبروا على حمل السلاح بعد أن استخدمت القوات الحكومية الدبابات والبنادق الآلية لدحر متظاهرين مسالمين.

المقابلات التي أجريت خلال الأشهر القليلة الأخيرة مع أكثر من عشرة أشخاص ينتمون للجيش السوري الحر أوضحت أن أسلحتهم تأتي من العراق ولبنان وأيضا من المنشقين عن الجيش الذي يحتفظون بأسلحتهم عندما يغادرون مواقعهم.

يقول أحد مقاتلي الجيش السوري الحر، والمقيم في تركيا، إن تهريب الأسلحة من العراق هو أسهل سبل الحصول عليها لكنها مع الأسف تكون أسلحة رديئة.

وقال أيضا إن التكاليف تزداد بسرعة الصاروخ ، فالبندقية الهجومية طراز "ايه كيه-47 " أصبح سعرها في أي مكان ألف إلى ألف وخمسمائة دولار.

ضباط الجيش السوري أنفسهم باعوا أسلحة للمتمردين أحيانا، فهم يرون أنه لا ضير من كسب بعض المال، حسبما أكد كثيرون ومنهم محمد القداح وهو مسؤول بالجيش السوري الحر يساعد في وضع الخطط العسكرية للثوار.

وفيما يكافح الثوار للحصول على السلاح، تغدق روسيا على دمشق بما تريد وبشكل منتظم. وقد أعلنت روسيا في وقت سابق هذا الأسبوع أنها ستلتزم بالتعاقدات المبرمة والتي تنص على توريد السلاح لسوريا رغم حملة الأسد الدموية.

حتى هذه اللحظة لا يشكل الجيش السوري الحر خطورة حقيقية بالنسبة للجيش السوري المنظم والمحصن بترسانة أسلحة متطورة.

لكن منيف الزعيم، الناطق باسم الجيش الحر في الأردن تعهد بمواصلة القتال. وقال "إننا ننصب كمائن موجعة لجيش بشار وحلفائه.. ونعده بأنها ستكون أكثر إيلاما".