قال رئيس الوزراء التونسي المكلف علي العريض الجمعة إنه يأمل في تشكيل "حكومة لكل التونسيين" غير أن زعماء المعارضة سرعان ما عبروا عن استيائهم بشأن اختياره.
واختارت حركة النهضة الإسلامية، وهي أكبر حركة في البرلمان، وزير الداخلية في الحكومة السابقة العريض، وهو من الجناح المتشدد في الحركة الإسلامية، لشغل منصب رئيس الوزراء خلفا لحمادي الجبالي الذي استقال قبل يومين.
وقال العريض بعد لقائه رئيس الجمهورية منصف المرزوقي: "كلفني رئيس الجمهورية رسميا بتشكيل حكومة جديدة".
وأضاف في كلمة للشعب: "سندخل في مشاورات لتشكيل حكومة جديدة. ستكون حكومة لكل التونسيين".
والنهضة التي فازت في أول انتخابات حرة جرت في 2011 تسيطر على 89 مقعدا في المجلس التأسيسي الذي يبلغ عدد مقاعده 217.
وتأمل الحركة استقطاب أحزاب علمانية للحكومة المقبلة لكن حتى الآن لم يعلن أي حزب - باستثناء حزب المؤتمر من أجل الجمهورية العلماني وهو حزب المرزوقي - مشاركته في الحكومة المقبلة.
ودعا العريض الأحزاب السياسية والنقابات ورجال الأعمال والصحفيين لدعم حكومته لتحقيق أهداف الثورة وبناء ديمقراطية في البلاد.
وطلب المرزوقي الجمعة من العريض تشكيل حكومة جديدة خلال أسبوعين.
وقال عدنان منصر المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في مؤتمر صحفي إن الرئيس تلقى ترشيح النهضة للعريض لمنصب رئيس الوزراء وأن الرئيس سيعطيه مهلة أسبوعين لتشكيل حكومته.
ويمثل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية العلماني الذي يتزعمه المرزوقي ثاني أكبر كتلة في المجلس التأسيسي ويشغل 29 مقعدا، وأعلن الحزب بالفعل أنه سيشارك في حكومة ائتلافية جديدة بقيادة حركة النهضة.
وأثار اختيار العريض غضب العلمانيين في تونس الذين يتهمونه بالتساهل مع عنف متشددين ضد فنانين ومعارضين وصحفيين.
والعريض (58 عاما) هو مهندس بحرية وسجين سابق قضى 15 عاما في سجون النظام السابق قبل أن يعين في ديسمبر 2011 وزيرا للداخلية، ثم عين الآن على رأس الحكومة.
واستقال الجبالي الأمين العام لحركة النهضة من منصب رئيس الوزراء قبل يومين، بعد فشله في تكوين حكومة كفاءات واعتراض حزبه ورئيس الحزب راشد الغنوشي الذي يؤيد مقترح حكومة ائتلاف وطني.
وتسبب اغتيال المعارض شكري بلعيد في السادس من فبراير في دخول تونس في أسوأ أزمة سياسية منذ الثورة التي أطاحت قبل نحو عامين بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وأدى اغتيال السياسي اليساري العلماني إلى احتجاجات في الشوارع ليكشف عن فجوة عميقة بين حكام تونس الإسلاميين وبين معارضيهم الليبراليين والعلمانيين.
وينظر إلى العريض على أنه من الجناح المتشدد للنهضة الذي يرفض عودة الأحزاب المقربة من النظام السابق إلى الحياة السياسية.
وواجه العريض انتقادات بقمع الاحتجاجات عندما كان وزيراللداخلية، وتنتقد المعارضة العلمانية تساهله مع العنف خصوصا مع المتشددين السلفيين ما ساهم في تفشي العنف السياسي في البلاد وانتهى بمقتل بلعيد على يد مجهول.
المعارضة تنتقد اختيار العريض
وبسرعة انتقدت المعارضة العلمانية في تونس تعيين العريض رئيس اللوزراء.
وقال زعيم الحزب الجمهوري العلماني نجيب الشابي إن العريض "ليس رجل وفاق وهو شخصية خلافية"، مضيفا أنه "يتحمل إخفاقات كبيرة أثناء عمله على رأس وزارة الداخلية".
وأضاف القيادي في التحالف الديمقراطي محمود البارودي: "العريض عنوان للفشل وهو يتحمل مسؤولية التسامح مع العنف ضد الحقوقيين وإفساد اجتماعات المعارضة واغتيال بلعيد".
وحذر من أن تعيين العريض "يزيد تأزم الأوضاع ويرفع حالةالاحتقان"، معتبرا أن "السياسة الفاشلة للنهضة انتصرت".
وانتقدت الجبهة الشعبية التي ينتمي لها بلعيد تعيين العريض رئيسا للوزراء.
وقال زياد لخضر القيادي بالجبهة: "القرار يعمق الأزمة لأن العريض ترأس وزارة تتحمل مقتل بلعيد وتتحمل مسؤولية العنف الذي انتشر في البلاد".
لكن تونسيين يقولون إنه أظهر صرامة كبيرة في مواجهة تنظيمات إرهابية تابعة للقاعدة.
وبدأت تونس بعد الإطاحة ببن علي في يناير 2011 التحول الديمقراطي وانتخبت المجلس التأسيسي، ثم اتفق حزب النهضة مع منافسيه العلمانيين على اقتسام السلطة.
لكن الخلافات عطلت وضع الدستور وأدت الشكاوى بشأن البطالة والفقر في بلاد تعتمد على السياحة إلى اضطرابات متكررة.