عادت أسعار النفط لتتحدد استنادا إلى أساسيات السوق من عرض وطلب، بعد فورة التفاؤل باجتماع الجزائر نهاية الشهر المقبل بين المنتجين من أوبك وخارجها للاتفاق على ضبط السوق، وسط توقعات باستقرار الأسعار في نطاق 40 إلى 50 دولارا للبرميل في المدى القريب.

ورغم استمرار زيادة العرض مقابل الطلب في السوق، إلا أن الأسعار لا تتعرض لضغوط شديدة للهبوط بسبب نقص الانتاج الكبير من نيجيريا وشبه غياب النفط الليبي عن السوق.

وإذا كانت التقديرات غير الدقيقة تفيد بأن فائض العرض من الخام في السوق بحدود مليوني برميل يوميا، فإن الفاقد من نفط نيجيريا وغياب نفط ليبيا يتجاوز هذه الكمية ما يبقي على توازن فعلي إلى حد ما.

وما لم تحدث تغيرات كبيرة في الطلب تستقر الأسعار عند معدلاتها الحالية، إلا في حالات زيادة الانتاج من قبل كبار المصدرين كما حدث منذ أشهر من جانب غيران والعراق وربما روسيا في مرحلة ما.

وما يساعد كبار المنتجين والمصدرين على تفادي أي تخفيضات في الانتاج لتقليل تخمة المعروض ووقف هبوط الأسعار أن انتاج النفط في ليبيا تراجع من 1.6 مليون برميل يوميا عند بدء الاضطرابات قبل سنوات إلى نحو 200 ألف برميل يوميا حاليا.

ورغم الاتفاقات السياسية برعاية دولية إلا أن الصراعات المسلحة في ليبيا قد تحول دون عودة البلاد للإنتاج بمعدلات قريبة من السابقة في المستقبل المنظور.

وكانت مرافئ التصدير في موانئ ليبيا الثلاثة الرئيسية في الشرق ـ راس لانوف والسدرة وزويتينة ـ تعطلت عن العمل لفترة بسبب القتال بين الميليشيات وبين الجيش الوطني والجماعات الإرهابية.

2+
أزمات ليبيا ونيجيريا وأسعار النفط
1 / 3
تراجع إنتاج النفط في ليبيا ونيجيريا إلى أقل من النصف
2 / 3
النزاعات المسلحة تسهم في تراجع الإنتاج
3 / 3
ليبيا ونيجيريا أعضاء في أوبك

ونتيجة قتال الميليشيات تضرر مينائي راس لانوف والسدرة بشدة ما يستدعي إصلاحات كبيرة ستأخذ وقتا وتكلفة.

ثم هناك خطر جديد يهدد آبار النفط ذاتها جنوب ساحل البلاد، حيث بدأت تتجه جماعات إرهابية مسلحة تتعرض لضغط الجيش في بنغازي ودرنة وغيرها وضغط ميليشيات في سرت.

أما في نيجيريا، فرغم محاولات الحكومة التوصل لتسوية مع متمردي منطقة دلتا النيجر ـ حيث يوجد النفط ـ إلا أن الفاقد من الانتاج نتيجة هجمات جماعة "منتقمي دلتا النيجر" على خطوط الأنابيب والمنشآت النفطية يقدر في المتوسط بثلاثة ارباع مليون برميل يوميا.

وقبل يومين قال وزير النفط النيجيري إن انتاج البلاد تراجع بنحو 900 ألف برميل يوميا بسبب هجمات المتمردين في دلتا النيجر.

ومنذ فترة طويلة، تراجع انتاج نيجيريا من 2.3 مليون برميل يوميا إلى ما يقل عن مليون ونصف المليون برميل يوميا.

ولا تبدو في الأفق ملامح تسوية مع في نيجيريا، وتستعد الجماعة المتمردة لإعلان انفصال الجنوب (حيث منطقة دلتا النيجر النفطية) مطلع شهر أكتوبر القادم كما ذكرت في بيان اخير لها.

يضاف إلى تراجع انتاج نيجيريا وتوقف انتاج ليبيا تقريبا أن أغلب الدول الرئيسية المنتجة لم تعد لديها طاقة انتاج إضافية تمكنها من ضخ مزيد من الخام في السوق.