دخلت دولة الإمارات بقوة في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، محققة حضوراً بارزاً كمركز مبتكر واستثماري للشركات الناشئة في القطاع. ومع إطلاق شركتي شروق وبريسايت الإماراتيتين لصندوق استثمار عالمي مشترك بقيمة 100 مليون دولار، تتعزز مكانة الإمارات في منظومة الابتكار العالمي، ليس كمستثمر فقط، بل كمحفز للنمو وريادة المستقبل التقني.

صندوق عالمي للابتكار بين الشرق والغرب

يهدف صندوق بريسايت-شروق إلى دعم الجيل القادم من ابتكارات الذكاء الاصطناعي، عبر الاستثمار في الشركات الناشئة حول العالم، وتوفير منصة لربط رواد الأعمال في الشرق بالغرب. ويركز الصندوق على قطاعات حيوية تشمل المدن الذكية، الطاقة، التكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي، وهي القطاعات التي تشكل أساس اقتصاد المستقبل.

يقول محمود عدي، الشريك المؤسس لشركة شروق، في حديثه لبرنامج "بزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية:

"صندوق بريسايت وشروق، ومقره في مركز أبوظبي المالي العالمي، يركز على الاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي في مراحلها المبكرة، مع توفير البنية التحتية والدعم الاستراتيجي لتوسيع نطاق أعمالها عالمياً."

ويضيف عدي أن الهدف الرئيسي للصندوق هو البحث عن أفضل الشركات ورواد الأعمال في مجال الذكاء الاصطناعي، والمشاركة معهم في رأس المال، حيث تتراوح قيمة الاستثمار الفردي بين نصف مليون دولار و2 مليون دولار.

شروق وبريسايت تمهدان الطريق لشركات الذكاء الاصطناعي

دعم شامل للشركات الناشئة

الصندوق لا يقتصر على التمويل فقط، بل يقدم مجموعة من الموارد الحيوية تشمل الوصول إلى البنية التحتية الحاسوبية الضخمة، شبكات توزيع المنتجات، وخبرات شركات جي 42 المرتبطة ببريسايت. ويشير عدي:

"اليوم، التحدي الحقيقي ليس تطوير التقنية، بل بناء البنية التحتية اللازمة لرفع المنتجات إلى مستوى السوق العالمي. شراكتنا مع بريسايت ومجموعة جي 42 توفر هذا الدعم الحيوي للشركات الناشئة."

ويبرز عدي أن الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاصطناعي عالمياً، مثل استثمار إنفيديا وأوبن آي آي بقيمة نحو 100 مليار دولار، تشكل فرصة للمستثمرين الإقليميين لتعظيم العوائد، خصوصاً في الأسواق الناشئة التي تشهد نحو 60 بالمئة من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع 50 بالمئة من مستخدمي الإنترنت، بينما لا تتجاوز نسبة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي فيها 15 بالمئة.

تركيز على التطبيقات وحل المشكلات الحقيقية

يركز الصندوق على تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تحدث فرقاً ملموساً في حياة المستهلك، مثل الصحة، التعليم، التمويل، والمدن الذكية. ويقول عدي:

"أهم ما نقدمه اليوم هو التطبيقات التي تسهّل الخدمات والمنتجات على المستهلك النهائي، ونمكن الشركات الناشئة من التوسع وتحقيق عوائد عالية للمستثمرين."

بريسايت وشروق.. شراكة في مستقبل الذكاء الاصطناعي

ربط الأسواق العالمية بالخبرة الإقليمية

من خلال وجودها في أبوظبي، تمكنت شروق من بناء شبكة علاقات عالمية على مدى ثماني سنوات، تشمل مستثمرين من الشرق والغرب، مما يتيح للصندوق توسيع نطاق الاستثمار في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، مع التركيز على الشركات ذات الفرق المؤسسي المتميز والحلول التقنية الفريدة.

ويؤكد عدي أن اختيار الشركات يخضع لعدة معايير رئيسية: الفريق المؤسس، الخبرة التقنية، سجل النجاح السابق، والحلول المبتكرة التي تقدم قيمة مضافة للسوق.

الاستفادة من مشاريع البنية التحتية الضخمة

يربط الصندوق استثماراته بمشروع ستارجيت العالمي للذكاء الاصطناعي في أبوظبي، الذي يوفر قدرات حوسبة ضخمة لمساعدة رواد الأعمال في بناء شركات تعتمد على الذكاء الاصطناعي، خصوصاً تلك التي تحتاج قدرات عالية في معالجة البيانات الضخمة والنماذج اللغوية.

ويضيف عدي: "ستارجيت يمثل فرصة لأي رائد أعمال يرغب في إنشاء شركة ذكاء اصطناعي، حيث يمكنه الوصول إلى الموارد الحاسوبية والتوزيع العالمي مع دعم استراتيجي كامل."

أخبار ذات صلة

بريسايت وشروق تطلقان صندوقا عالميا لتسريع ابتكارات الـ AI
"جي42" تجمع 100 ملیون دولار من طرح 2% من حصتها في "بريسايت"

أرقام تشير إلى مستقبل واعد

تشير تقديرات السوق إلى نمو هائل في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث بلغ حجم السوق العالمي نحو 280 مليار دولار في 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 4.8 تريليون دولار بحلول 2030، مع مساهمة الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد العالمي تصل إلى 15.7 تريليون دولار. وفيما تستثمر الصين نحو 119 مليار دولار مباشرة في الذكاء الاصطناعي، تصل الاستثمارات الأميركية إلى 471 مليار دولار، مع توقع توفير حوالي 97 مليون وظيفة جديدة بحلول نهاية هذا العام.

منصة للتمكين طويل الأمد

يؤكد عدي أن الصندوق ليس مجرد تمويل، بل منصة لتمكين رواد الأعمال عالمياً، مع التزام بالإرشاد الاستراتيجي والشراكة طويلة الأمد، حيث يربط بين رأس المال الإقليمي والخبرة العالمية. ويختتم قائلاً:

"رسالتنا واضحة: أي شركة تستخدم الذكاء الاصطناعي لحل مشكلات بطريقة قابلة للتوسع وتحقيق فرق ملموس، سنستمع إليها وندعمها استثمارياً واستراتيجياً."

يمثل صندوق بريسايت-شروق I لحظة فارقة في تاريخ استثمارات الذكاء الاصطناعي، ويؤكد قدرة الشرق الأوسط على أن يكون قوة دافعة في الثورة الرقمية العالمية. من خلال الجمع بين رأس المال والخبرة التقنية والبنية التحتية المتقدمة، يقدم الصندوق نموذجاً متكاملاً لدعم الشركات الناشئة، وفتح آفاق جديدة للابتكار، وتحقيق عوائد استثمارية مستدامة. الإمارات اليوم ليست فقط مستثمراً، بل منصة عالمية للربط بين المبدعين ورواد الأعمال في كل أنحاء العالم.

بريسايت وشروق.. شراكة إماراتية ترسم مستقبل الذكاء الاصطناعي