باستثناء حدوث أمر غير متوقع، ستكون انتخابات الرئاسة الأميركية، المحطة الرئيسية التي يترقبها العالم أجمع في عام 2024، فنتيجة هذه الانتخابات، يمكن أن تقلب مسار الكثير من الأحداث التي يشهدها العالم حالياً، والمرتبطة بالاقتصاد والسياسة وحتى الحروب.

ورغم أنه لا تزال تفصلنا نحو عشرة أشهر عن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، في 5 نوفمبر 2024، فقد بدأ العالم بالاستعداد من الآن للانعكاسات المحتملة لنتائج هذه الانتخابات، مع الإجماع المتزايد بين النقاد ونخبة رجال الأعمال، على أن دونالد ترامب هو المرشح الأوفر حظاً، لمواجهة الرئيس الحالي جو بايدن في صناديق الاقتراع.

اضطرابات في سوق عمليات الاندماج والاستحواذ

من الناحية الاقتصادية، يتوقع الخبراء أن تحدث انتخابات بايدن-ترامب التي ستمتد فعالياتها على مدى 300 يوم، قدراً غير عادي من التقلبات في الأسواق، كما أنها ستؤدي إلى حصول اضطرابات في سوق عمليات الاندماج والاستحواذ خلال عام 2024.

ووفقاً لتوقعات مؤسس شركة PJT Partners الاستشارية، بول توبمان، فإن هامش الأصوات بين الفائز والخاسر، في انتخابات الرئاسة الأميركية سيكون ضئيلاً، وهذا ما يدركه العملاء ويستعدون للاضطرابات التي قد تنتج عنه، مشيراً في حديث لبلومبرغ، إلى أن العديد من عمليات الاندماج والاستحواذ سيتم إيقافها مؤقتاً في 2024، حيث سيراقب المشترون والبائعون اتجاه الولايات المتحدة، عندما يتعلق الأمر بالصين والتعريفات الجمركية والسياسة الحمائية.

أخبار ذات صلة

عودة ترامب.. كيف يستعد العالم إليها؟
بعد تسارع التضخم الأميركي.. هل تتبخر آمال خفض الفائدة قريبا؟

عدم اليقين يعيق الصفقات

ويرى توبمان أن عام الانتخابات المتقلب، قد يؤدي إلى إضعاف الحالة المزاجية بين صانعي الصفقات الذين كانوا يأملون في حدوث انتعاش قوي، في عمليات الاندماج والاستحواذ، بعد الانكماش الذي حصل في عام 2023، والذي نتج عن ارتفاع تكاليف الاقتراض.

وكانت آمال صانعي الصفقات معلقة على الإشارات الصادرة عن محافظي البنوك المركزية في العالم، والتي تدل على أن أسعار الفائدة ستبدأ الانخفاض في 2024، ما عزز الثقة في إمكانية استئناف موجة من الصفقات مع إمكانية تراجع تكاليف الاقتراض، ولكن عدم اليقين المرتبط بانتخابات الرئاسة الأميركية قد يعيق هذا الأمر.

أدنى مستوى في عقد

ويقول كبير محللي الأسواق في XTB MENA هاني أبو عاقلة، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن عمليات الاندماج والاستحواذ في العالم، انخفضت إلى أدنى مستوى لها في عقد خلال عام 2023، مسجلة صفقات بقيمة 2.9 تريليون دولار، وهو مستوى منخفض لم يره العالم منذ عام 2013، مشيراً إلى أن عمليات الاندماج والاستحواذ في العالم خلال 2023 تراجعت بنسبة تقارب الـ 23 بالمئة، مقارنة بعام 2022، حيث تعود أسباب هذا التراجع إلى عناصر عدة أبرزها، التضخم، ارتفاع أسعار الفائدة، القيود التنظيمية، عدم اليقين الاقتصادي والرؤية الضبابية لناحية حقيقة تخلص العالم من الركود، إضافة إلى عامل التوترات الجيوسياسية، سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في آسيا.

أخبار ذات صلة

ترامب يعلّق على انسحاب ديسانتيس من سباق الجمهوريين الرئاسي
شبح ترامب يطارد دافوس.. لماذا يخشى العالم من عودته؟

الفائدة العنيفة تلجم عمليات الاندماج

وبحسب أبو عاقلة فإن ارتفاع أسعار الفائدة والذي نتج عنه ارتفاع كبير في تكاليف الاقتراض، لعب دوراً كبيراً جداً، في تراجع عمليات الاندماج والاستحواذ في العالم خلال 2023، فالاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبهدف محاربة التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوى له في 40 عاماً، بدأ ومنذ مارس 2022 برفع الفائدة بشكل عنيف، ولم يتوقف عن ذلك حتى في بداية عام 2023، وهذا ما جعل مستويات الفائدة ترتفع خلال 16 شهراً من 0.25 نقطة، إلى 5.50 نقطة وهو أعلى مستوى لها في 22 عاماً، مشيراً إلى أن الأسواق رأت أن هذا الارتفاع جنوني، وأحجمت عن عمليات الاندماج والاستحواذ، فمع الفائدة المرتفعة جداً تجد الشركات صعوبة في الحصول على تمويل، عبر قروض بأسعار فائدة جيدة.

أكثر عمليات الاندماج والاستحواذ في 2023

ويشرح أبو عاقلة أن أكثر عمليات الاندماج والاستحواذ في العالم خلال 2023، حصلت خلال النصف الثاني من العام، وخصوصاً خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة منه، وذلك من قبل شركات النفط والغاز، حيث تمت عمليات استحواذ كبيرة جداً، ولأول مرة منذ سنوات في هذا القطاع، مع استحواذ شركة إكسون موبيل على بايونير ناتشورال، إضافة إلى استحواذ شركة شيفرون على هيس كورب، دون أن ننسى الصفقة الضخمة التي حصلت في قطاع التكنولوجيا، والتي استحوذت من خلالها سيسكو على شركة سبلانك للأمن السيبراني مقابل مبلغ 28 مليار دولار تم دفعه "كاش"، لافتاً إلى أن قيمة عمليات الاندماج والاستحواذ في منطقة أميركا الشمالية، وصلت إلى 1.46 تريليون دولار في 2023 وهي منخفضة قرابة 12 بالمئة مقارنة بعام 2022.

أخبار ذات صلة

2024.. عام مليء بالفخاخ الاقتصادية
قفزة مرتقبة للاستحواذات والاندماجات خلال 2024

عودة ترامب سوف تغير الكثير

ويكشف أبو عاقلة في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن آراء ترامب معروفة في السوق واحتمال عودته إلى البيت الأبيض سوف يغير الكثير، فترامب صرح بأنه لن يكون هناك دولار رقمي يصدره الاحتياطي الفيدرالي، وكان دائماً يريد المزيد من الوظائف في السوق، وهذا الأمر يحتاج الى مزيد من التيسير في الاقتصاد، فبفوز ترامب يمكن أن نرى الفائدة بدأت تتدحرج بصورة أكبر في عام 2025، ما سيؤدي الى أثر كبير في الأسواق، معتبراً أنه مع ازدياد حظوظ ترامب بالفوز، فإن الشركات يمكن أن تعيد حساباتها في الكثير من الخطوات، فالأسواق ذكية لأنها ستسعر احتمال عودته الى البيت الأبيض مسبقاً، خصوصاً مع تأكيده مراراً، أنه قادر على إيقاف الحرب الروسية الأوكرانية، ما سيخفف من عامل التوترات الجيوسياسية، إضافة إلى النهج المختلف في سياسته تجاه إيران، والأحداث الدائرة في الشرق الأوسط والبحر الأحمر، فكل هذا ممكن أن يؤثر بشكل بشكل أو بآخر، على الاقتصاد ككل وعلى أسواق المال وعلى ارتفاعاتها، وهذا يمكن أن يؤدي إلى انتعاشة بسوق الاستحواذ والاندماج بعد فوزه.

عمليات الاندماج والاستحواذ لن تتراجع

ويرى أبو عاقلة أنه صحيح أن عام 2024 هو عام انتخابات في أميركا، ولكن هذا لا يعني حتمية حصول تراجع في عمليات الاندماج والاستحواذ، متوقعاً أنه مع أخبار خفض الفائدة خلال هذا العام، وانتهاء الفيدرالي الأميركي من الحديث عن رفعها، ستزيد عمليات الاندماج والاستحواذ، وهذا ما أظهره أيضاً استبيان، أجرته شركة ديلويت مع 1500 قيادي في شركات متخصصة بالاندماج والاستحواذ، حيث تبين أن 83 بالمئة من المستطلعين، توقعوا حدوث ارتفاعات وليس انخفاضات في عمليات الاندماج والاستحواذ في 2024.

ترامب ممتاز للاقتصاد الأميركي

من جهته، يقول الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات الاستراتيجية طارق الرفاعي في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن دونالد ترامب وخلال فترة رئاسته لأميركا، كان جيداً وممتازاً للاقتصاد الأميركي ولأسواق المال، بسبب خفضه للضرائب وإزالته للكثير من الحوجز من أمام للشركات، وحتى الصفقات كانت إيجابية جداً، معتبراً أنه بسبب الفرق السياسي بين ترامب وبايدن سنرى أن التقلبات سترتفع وتيرتها ما سيضع ضغوطاً على أسواق المال، التي سيكون اتجاهها إلى الأسفل أكثر مما هي إلى الأعلى، على أن يستمر هذا الوضع حتى تتضح صورة الفائز في الانتخابات.

عاملان للخطر خلال 2024

وبحسب الرفاعي فإنه بالنسبة للبنوك المركزية، فإن الخطر لأسواق المال هو خفض سعر الفائدة، فخفض الفائدة هو سلبي لأسواق المال، عكس الاعتقاد السائد في الأسواق اليوم، فالملاحظ أن الكثير من المؤشرات المالية لأسواق المال في الولايات المتحدة، انتهت بتسجيلها لأرقام قياسية في 2023، بغض النظر عن أنه خلال تلك الفترة، كانت نسبة الفائدة تشهد ارتفاعات قياسية، مشيراً إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يلجأ عادة إلى تخفيض أسعار الفائدة أثناء الأزمات، والمثال على ذلك هو ما حصل أثناء أزمة كوفيد-19 وأيضاً خلال الركود السابق للاقتصاد الأميركي.

ويرى الرفاعي أن الخطر في أسواق المال خلال 2024 سببه عاملان، الأول عدم اليقين والتقلبات المتوقعة بسب الانتخابات الرئاسية الأميركية، والثاني هو احتمال خفض الفائدة من قبل البنك المركزي، والذي يعني أن الفيدرالي شعر أن الاقتصاد في حال تباطؤ، معتبراً أن أداء الاقتصاد الأميركي جيدٌ في 2023 وأفضل من المتوقع.

حاكم فلوريدا ينسحب من سباق الترشح عن الحزب الجمهوري