تستمر الهجمات على السفن في البحر الأحمر في دفع أسعار الشحن البحري إلى الارتفاع بشكل جنوني، مما يثير تحذيرات من عودة التضخم وتأخر البضائع.

ولتجنب الهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن، قامت شركات الشحن بالفعل بتحويل أكثر من 200 مليار دولار من التجارة على مدى الأسابيع القليلة الماضية بعيدًا عن طريق الملاحة البحري الحيوي في الشرق الأوسط، والذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي، جنباً إلى جنب مع قناة السويس المصرية.

وقد أدى ذلك إلى خلق عاصفة متعددة الجبهات للتجارة العالمية، وفقًا لمديري الخدمات اللوجستية والتي تتمثل بـ:

  • ارتفاع أجور الشحن بشكل يومي: تكاليف الشحن ترتفع باستمرار بسبب الطرق البديلة الأطول.
  • رسوم إضافية: شركات الشحن تفرض رسومًا إضافية لتغطية التكاليف المتزايدة.
  • أوقات شحن أطول: رحلات السفن تستغرق وقتًا أطول بسبب الابتعاد عن طريق الملاحة الأصلي.
  • تأخر وصول المنتجات الموسمية: هناك مخاوف من تأخر وصول منتجات الربيع والصيف بسبب وصول السفن متأخرة إلى الصين بعد رحلتها الطويلة حول رأس الرجاء الصالح.

يخشى لاري ليندسي، الرئيس التنفيذي لشركة Lindsey Group للاستشارات الاقتصادية العالمية، أن تعود ضغوط سلاسل التوريد التي تسببت في الجزء "المؤقت" من التضخم في عام 2022 إذا استمرت المشاكل في البحر الأحمر والمحيط الهندي.

وقد اضطر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية الأخرى إلى محاربة التضخم المرتفع من خلال رفع أسعار الفائدة، على الرغم من أنه من المحتمل أن يبدأ البنك الفيدرالي بخفضها قريبًا.

أخبار ذات صلة

عمليات التوريد والتجزئة تعاني تبعات تجنب البحر الأحمر
"هاباغ لويد": سفننا ستبقى بعيدة عن البحر الأحمر وقناة السويس

وقال ليندسي: "لا يستطيع بنك الاحتياطي الفيدرالي ولا البنك المركزي الأوروبي فعل أي شيء حيال ذلك، ومن المرجح أن يتغاضيا عن التضخم الذي قد تسببه، مما قد يؤدي إلى خفض أسعار الفائدة على الرغم من الضغوط التضخمية المتزايدة إلى حد ما".

وأثار العنف المستمر ضد السفن التجارية تحذيرًا شديد اللهجة من الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة وتسع دول أخرى الأربعاء. وقالت الدول في بيان مشترك: "سيتحمل الحوثيون مسؤولية العواقب إذا استمروا في تهديد الأرواح والاقتصاد العالمي وحرية تدفق التجارة في الممرات المائية الحيوية في المنطقة".

وفي غضون ذلك، لا يتم استخدام إلا حوالي 20 بالمئة من سعة السفن بسبب الانخفاض الكبير في طلبات التصنيع، وفقًا لخبراء الصناعة. وبدلاً من ذلك، تواصل شركات الشحن البحري في خفض رحلاتها في حين تعمل السعة المحدودة وأوقات السفر الأطول على زيادة الأسعار.

قفزت أسعار الشحن البحري من آسيا إلى شمال أوروبا بأكثر من الضعف هذا الأسبوع لتتجاوز 4000 دولار لكل وحدة تعادل 40 قدمًا (حاوية). وارتفعت الأسعار في منطقة آسيا والبحر الأبيض المتوسط إلى 5175 دولارًا للحاوية.

أعلنت بعض شركات الشحن عن أسعار تزيد عن 6000 دولار لكل حاوية 40 قدمًا لشحنات البحر الأبيض المتوسط بدءًا من منتصف الشهر، مع رسوم إضافية تتراوح من 500 دولار إلى 2700 دولار لكل حاوية.

أخبار ذات صلة

أزمة البحر الأحمر تقفز بأسعار الشحن البحري بأكثر من الضعف
18 شركة شحن تغير مسار سفنها بسبب هجمات البحر الأحمر

"مع الارتفاع المفاجئ لأسعار الشحن البحري، نتوقع أن تتسرب هذه التكاليف المرتفعة إلى سلاسل التوريد وتؤثر على المستهلكين خلال الربع الأول"، بحسب ما صرح آلان بير، الرئيس التنفيذي لشركة الشحن OL-USA.

وأضاف أن الشركات، بالنظر إلى الدروس المستفادة من فوضى سلسلة التوريد في 2021-2022، ستعمد إلى تعديل الأسعار عاجلاً وليس آجلاً.

ارتفعت أسعار الشحن من آسيا إلى الساحل الشرقي لأميركا الشمالية بنسبة 55 بالمئة لتصل إلى 3900 دولار للحاوية (40 قدمًا).

وارتفعت أسعار الساحل الغربي لأميركا بنسبة 63 بالمئة إلى أكثر من 2700 دولار. ومن المتوقع أن يبدأ المزيد من شركات الشحن في تجنب الساحل الشرقي ويفضلون موانئ الساحل الغربي. وبالمثل، من المتوقع ارتفاع الأسعار مرة أخرى اعتبارًا من 15 يناير بسبب الزيادات المعلن عنها سابقًا.

وقال بيتر بوكفار، رئيس الاستثمار في Bleakly Financial Group، "هذه مسألة كبيرة حيث كان انخفاض أسعار السلع هو الذي خفف التضخم إلى حد كبير. وبينما يمكن أن تنتهي المعارك الدائرة في البحر الأحمر في أي لحظة إذا انتهت الحرب في غزة، فإنها تذكر الفيدرالي بأنهم لا يستطيعون التراخي في معركتهم ضد التضخم إذا لم يرغب المركزي الأميركي بتكرار سيناريو ما حدث في السبعينيات"، بحسب CNBC.

انعكاسات الطريق الأطول

تؤدي عمليات تحويل مسار سفن الشحن بعيدا عن قناة السويس المصرية، التي تتصل بالبحر الأحمر، إلى الإضرار بالقدرة الاستيعابية وسعة الحاويات المتاحة.

إعادة توجيه السفن حول رأس الرجاء الصالح تضيف ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع لرحلة الذهاب والإياب، وفقًا لمذكرة من شركة Honor Lane Shipping.

وذكرت المذكرة، "يمر حوالي 25 بالمئة إلى 30 بالمئة من أحجام شحن الحاويات العالمية عبر قناة السويس (بشكل رئيسي في التجارة بين آسيا وأوروبا)، وتشير التقديرات إلى أن إعادة التوجيه على نطاق واسع حول إفريقيا يمكن أن يقلل من فعالية سعة شحن الحاويات العالمية بنسبة 10 بالمئة إلى 15 بالمئة".

أخبار ذات صلة

حقائق عن ردود أفعال شركات الشحن على هجمات البحر الأحمر
أزمتان تجبران السفن على طرق تجارية تعود للقرن الثامن عشر

وأضافت أنه "بينما يستمر هذا الاضطراب، قد تضطر شركات الشحن إلى تقليل عدد موانئ التوقف لموازنة تأثير الطرق الأطول".

بسبب طول وقت الشحن الناجم عن تحويل مسارات السفن، قد يتأخر وصول بضائع الربيع والصيف التي عادةً ما تُشحن قبل عيد رأس السنة القمرية الصينية في فبراير، حيث تغلق المصانع ويذهب العمال في إجازة رسمية بالصين.

ووفقًا لمديري الخدمات اللوجستية، بدأت تصل الآن الحاويات التي كان من المفترض أن تصل إلى الساحل الشرقي في ديسمبر. تشمل هذه المنتجات ملابس الربيع والصيف وحمامات السباحة ومستلزماتها ومنتجات عيد الفصح وأثاث الحدائق ومنتجات المنزل والحديقة.

بسبب هجمات الحوثيين، "فقدت" موانئ الساحل الشرقي لأميركا الشمالية في ديسمبر عددًا من الرحلات، والتي تم تأجيلها بدلاً من ذلك إلى يناير، وفقًا لبيانات من شركة الاستخبارات البحرية eeSEA، ومقرها كوبنهاغن. ستصل السفن بدلاً من ذلك في يناير وفبراير.

لا تتأخر السفن فقط في إيصال حاوياتها إلى وجهاتها النهائية، بل تتأخر أيضاً في العودة إلى آسيا لتحميل المزيد. ونتيجة لذلك، تحث شركة Honour Lane Shipping عملاءها على حجز مساحة حاوياتهم من أربعة إلى خمسة أسابيع مسبقًا لضمان حصولهم على مكان.

يشبه هذا الوضع ما شهدته شركات الشحن خلال الأيام الأولى من تفشي كوفيد-19.

يقول آلان بير، الرئيس التنفيذي لشركة OL-USA: "اعتدنا الحجز قبل أربعة إلى ستة أسابيع خلال كورونا ... كان لدينا الكثير من البضائع، وكانت جميع السفن ممتلئة، لذلك كان عليك التنبؤ بحجوزاتك. الآن بالرغم من وجود سعة كافية، إلا أن السفن متأخرة، لذلك هناك صراع للحصول على مساحة لِحاويتك على هذه السفن".

قال باير من OL-USA: "اعتدنا على حجز أربعة إلى ستة أسابيع أثناء كوفيد"، مضيفا "خلال تلك الفترة، كان لدينا الكثير من البضائع، وكانت جميع السفن ممتلئة، لذلك عليك التنبؤ بحجوزاتك. الآن بينما توجد سعة السفينة، فإن السفن متأخرة، لذلك من الصعب التدافع للتأكد من وصول الحاوية الخاصة بك على تلك السفينة.

تعمل شركات الشحن البحري أيضًا على توسيع خدمات الشحن البري لأولئك الذين يستخدمون موانئ الساحل الغربي بدلاً من الساحل الشرقي. هذه استراتيجية مماثلة نشرتها شركة Hapag-Lloyd خلال أزمة كوفيد، عندما عرضت خدمة العملاء عبر الأرض إلى الساحل الغربي من الساحل الشرقي لأنها كانت أسرع.

ستخلق هذه التحويلات في التجارة فرصًا لشركات السكك الحديدية في الساحل الغربي، Union Pacific وشركة BNSF التابعة لشركة "بيركشاير هاثاواي" Berkshire Hathaway. كما ستكون الحاويات الإضافية بمثابة دفعة لشركات النقل البري التي تخدم تلك الموانئ أيضًا.

يقول بول براشيه، نائب رئيس النقل البري والنقل المتعدد الوسائط في شركة ITS Logistics: "بعد عطلة الأعياد، نشهد توجيه كميات كبيرة من آسيا إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة وعبر قناة بنما إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة لتجنب قناة السويس. نتوقع أن يزداد هذا النشاط مع اقترابنا من موسم الذروة في عيد رأس السنة القمرية".

مجلس الأمن يبحث التهديدات في البحر الأحمر