النينو والقبة الحرارية" ظاهرتان غاية في الخطورة يمكن أن تتأثر بهما حركة الطيران في العالم، والتي تنبأ بها خبراء المُناخ سابقاً وحذروا كثيراً من عواقب وخيمة سيتأثر بها العالم كله، وتدفع ثمنها بشكل كبير الدول النامية بشكل خاص.

وتؤكد تحذيرات خبراء المناخ والبيئة، تصاعد القلق حيال التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، والتي أصبحت في مسار غير آمن خلال الآونة الأخيرة على جميع جوانب الحياة والقطاعات الاقتصادية كافة، بما في ذلك قطاع الطيران.

التغيرات المناخية تؤثر على حركة الطيران بعدة طرق، وقد يكون لها تأثيرات متنوعة على الأنظمة الجوية وعمليات الرحلات الجوية، ومن بين تلك التأثيرات، كما يشرح محللون لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

  • تأثير على الطقس: قد تزيد التغيرات المناخية من تكرار وشدة العواصف والطقس السيء، ما يمكن أن يتسبب في تأخيرات وإلغاءات للرحلات الجوية.. كذلك قد تؤدي زيادة درجات الحرارة إلى تكون كثافات هوائية مختلفة، مما يؤثر على الطائرات في الطبقات الجوية المختلفة.
  • تغيرات في تيارات الرياح: تؤثر التغيرات في تيارات الرياح على مسارات الرحلات ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تغييرات في الزمن المستغرق للوصول إلى الوجهة.
  • ارتفاع مستوى سطح البحر: قد يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تأثيرات على المطارات الساحلية والمناطق المنخفضة، مما يتطلب تكييفاً للهياكل وتأميناً إضافياً.
  • تغيرات في الطقس العلوي: يمكن أن تزيد التغيرات المناخية من حدوث (الاضطرابات في الهواء)، مما يزيد من احتمالية حدوث اضطرابات في الطيران.
  • تأثير على كفاءة الوقود: تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة استهلاك الوقود للطائرات، مما يؤثر على التكاليف ويعزز الضغوط على صناعة الطيران للتحول إلى مزيد من الاستدامة.

ومن المهم أن تتكيف شركات الطيران والهيئات الرقابية مع هذه التحديات المتزايدة من أجل تحسين سلامة الرحلات وكفاءة الطيران في ظل التغيرات المناخية.

أخبار ذات صلة

كيف يؤثر تغير المناخ على اقتصادات الدول الأفريقية؟
منطقة شمال إفريقيا تئن.. كوارث متتالية لم تعهدها

القبة الحرارية

 نائب رئيس المركز الإقليمي للعلوم وتكنولوجيا الفضاء في الأمم المتحدة، الدكتور علاء النهري، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن التغيرات المناخية، تؤثر بشكل خطير على حركة الطيران، وتحديداً التغيرات المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة، والمخاطر الناجمة عن ما يعرف بـ "القبة الحرارية"، وهي ظاهرة تحدث نتيجة لمنطقة ضغط جوي مرتفع تتكون في طبقات الجو العليا، وهذه المنطقة تقوم بحبس الهواء الساخن أسفل منها، كما لو كانت غطاء أو قبة.

كما يشير النهري إلى أنه في صيف العام 2018 ارتفعت درجة الحرارة في لندن بشكل مهول، ما نتج عنه تعطيل قرابة 62 رحلة طيران، على مدار ثلاثة أيام، بسبب امتناع الطيارين عن الإقلاع، مشيراً إلى أن هذا الأمر يحدث بشكل كبير في دول أخرى تشهد ارتفاعاً في درجة الحرارة في الصيف يتسبب بدوره في تعطيل عدد كبير من رحلات الطيران، وتفاقم هذا الأمر تحديداً خلال السنوات الأخيرة.

ويوضح أن درجات الحرارة تؤثر في سرعة إقلاع وهبوط الطيران، وبذلك تكون هناك حاجة إلى مدرج طيران أطول وهذا بدوره يشكل تكلفة اقتصادية باهظة، لابد من دراستها بشكل جيد، علاوة على تأثير الحرارة على الإلكترونيات ذاتها داخل الطائرات، وقد تحدث مشاكل في تبريد المقصورةوبما يتسبب في تلف كبير جداً في الآلات الداخلية، وخاصة في السنوات الأخيرة مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل متسارع، مشدداً على ضرورة خفض درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية عن ما كانت عليه أيام الثورة الصناعية.

ويلفت نائب رئيس المركز الإقليمي للعلوم وتكنولوجيا الفضاء في الأمم المتحدة، على الجانب الآخر أن لقطاع الطيران دور سلبي في التغيرات المناخية، نظراً لأن الطيران تزيد عن 1.5 بالمئة من إجمالي انبعاثات الكربون الإجمالية في العالم.

"إذا لم نستطع التغلب على درجة الحرارة علينا أن نبحث عن كوكب آخر لأن العيش على كوكب الأرض سيكون مستحيلاً مع ارتفاع درجة الحرارة"، هكذا يقول أستاذ الفضاء حول أزمة الانبعاثات الكربونية وتأثيرها بشكل كبير على حركة الطيران، ويشير إلى أن ظاهرة القبة الحرارية تزيد يوماً بعد يوم. 

أخبار ذات صلة

أسعار الأرز في آسيا تقفز لأعلى مستوياتها منذ 15 عاما
ما هي ظاهرة "إل نينو" وكيف تهدد محاصيل الأرز؟

ظاهرة النينو

كذلك يتحدث عن ظاهرة "النينو" بقوله إنها "الأخطر على الإطلاق على قطاع الطيران؛ لأنها تتسبب في الأعاصير المدمرة، وربما دول أوروبا هي الأكثر تأثراً ولكنها تسطيع التكيف من خلال التطورات ومواكبة التكنولوجيا، بعكس ما يحدث في الدول النامية".

وهو ما يؤكد أيضاً عميد كلية علوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء بجامعة بني سويف ومدير مركز الفضاء بجامعة القاهرة، الدكتور أسامة شلبية، والذي يشير إلى أن التغير المُناخي أصبح أمراً واقعياً؛ إذ إن العالم استيقظ على حقيقة وجودية حادّة يدفع ثمن تغافله عنها لسنوات طوال، خاصة الدول الفقيرة منه، معتبراً أن هذه الدول ليست محصنةً إطلاقاً ضد التغير الطارئ عن التطور التكنولوجي وتتكبد ثمن ما ينعم به غيرها.

ويلفت في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أنه ما من قطاع في مأمن من تأثير تلك التغيرات -بما في ذلك قطاع الطيران- معتقداً في الوقت نفسه بأن الهندسة المناخية تستطيع مقاومة التغيرات المُناخية، على الأقل الحدّ من تسارعها، إذا استُخدمتْ وفق تنسيق دوليٍّ يقوم على منفعة مشتركة، باعتبارها سلاح ذي حدِّين.

ويشار في هذا السياق إلى دراسة نشرتها مجلة Geophysical Research Letters قد كشفت عن أن خسائر صناعة الطيران يمكن أن تصل ما بين 150 مليون دولار و500 مليون دولار سنوياً في الولايات المتحدة وحدها سنويا بسبب آثار الاضطرابات الناجمة عن التغير المناخي.

يعكس ذلك حجم التأثيرات المتصاعدة لتغير المناخ على القطاع، في وقت يسارع فيه العالم الخطى من أجل التغلب على التحديات المناخية في مختلف القطاعات.

أخبار ذات صلة

عالم مناخ يرجّح أن يكون "يوليو" الأكثر سخونة منذ آلاف السنين
نصائح من ذهب للنجاة.. هل يعرف الفلاحون تأثير النينو؟

تغيرات الطقس

من جانبه، يقول الاستاذ بكلية الدراسات البيئية بجامعة عين شمس في مصر، عبدالمسيح سمعان، إن تأثير الطقس على الطيران هو السبب الرئيسي في تعطيله وهو يحدث لفترة قصيرة، عكس ما يحدث في التغيرات المناخية القاسية التي يستمر تأثيرها على الطيران لفترة طويلة جداً، وهو ما يحدث من آن لآخر.

ويؤكد سمعان، أنه يصعب خفض درجة الحرارة خلال فترة قصيرة، وأن الأمر يحتاج لسنوات طويلة من أجل بلوغ الهدف الدولي، وبذلك التداعيات التي تحدث خلال هذه الفترة هي تداعيات خطيرة جداً على كوكب الأرض.

ويشير إلى أن مؤتمر المناخ في الإمارات ينتظر حدثاً مهم وهو إعلان كل دولة في العالم عن حجم انبعاثاتها وحجم الخطوات الجادة التي اتخذتها حيال تخفيض تلك الانبعاثات، وربما تكون تلك الورقة خطوة جادة وهامة نحوالتصدي لتلك الانبعاثات الضارة التي تتسبب في تغيرات المناخ، وتأثيرها على الكوكب.

انبعاثات القطاع

وكما يتأثر قطاع الطيران بالتغيرات المناخية، فإنه يسهم بدوره أيضاً في زيادة الانبعاثات على الجانب الآخر (تشير التقديرات إلى أن الطيران يسهم بما بين اثنين وثلاثة بالمئة من انبعاثات الكربون العالمية)، بينما هنالك ثمة بصيص أمل، بعد اتفاق أكثر من 100 دولة وافقوا أخيراً على هدف مؤقت لخفض الانبعاثات الناجمة عن حركة الطيران العالمية بحلول 2030 من خلال استخدام وقود أقل تلويثا، لكن الصين وروسيا ودولا أخرى عبرت عن تحفظاتها حيال التأثير في اقتصاداتها.

المنظمة الدولية للطيران المدني قالت إن الهدف الذي تم الاتفاق عليه بعد محادثات استمرت خمسة أيام في دبي بقيادة الأمم المتحدة يدعو إلى خفض انبعاثات الكربون خمسة بالمئة عبر استخدام مصادر طاقة نظيفة مثل وقود الطيران المستدام بحلول 2030. وتراوح الهدف بين خمسة وثمانية بالمئة في مسودة سابقة.