تعرضت أغلب الأسواق المالية في المنطقة العربية، الأسبوع الماضي لخسائر عنيفة، وسط التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط في ظل تصعيد الهجمات بين حماس وإسرائيل، والتي ألقت بظلالها على معنويات المستثمرين، بالإضافة إلى تشديد السياسة النقدية والتي لا تزال تضغط على أداء المؤشرات المالية بشكل عام.

في العاصمة السعودية الرياض، محا مؤشر السوق الرئيسية (تاسي)، وهو أكبر سوق في المنطقة من حيث القيمة السوقية، معظم مكاسبه التي سجلها في العام الحالي لتصل إلى حوالي واحد بالمئة منذ بداية 2023.

وتكبد المؤشر الرئيسي خسائر أسبوعية بأكثر من 1.6 بالمئة ما يعادل نحو 179 نقطة ليصل إلى مستويات 10586 نقطة وهو أدنى إغلاق في قرابة 6 أشهر.

وتراجعت مؤشرات 18 قطاعا خلال الأسبوع الماضي، مقابل ارتفاع مؤشرات 3 قطاعات.

وتصدر قطاع الأدوية القطاعات المنخفضة بنسبة 8.4 بالمئة، ثم قطاع إنتاج الأغذية بنسبة 7.3 بالمئة، وقطاع الخدمات الاستهلاكية بنسبة 5 بالمئة، كما تراجع قطاع البنوك بنسبة 2 بالمئة.

أخبار ذات صلة

أسعار النفط.. هل أصبح الوصول لـ100 دولار هذا العام مستبعداً؟
القيمة السوقية لسوق أبوظبي تتخطى حاجز الـ 781 مليار دولار
حديث ولي العهد.. ماذا تستهدف الرياض لاستقرار أسواق النفط؟
إلى أين تتجه سوق الأسهم المصرية على المديين القصير والمتوسط؟

وفي الإمارات، سجل مؤشر أبوظبي المالي خسائر أسبوعية بنحو 2.8 بالمئة، وهي أكبر خسارة منذ يناير الماضي، ليصل إلى مستويات 9482.9 نقطة، ومنذ مطلع العام الحالي بلغت خسائر المؤشر نحو 7 بالمئة.

وفي دبي، سجل مؤشر سوق دبي المالي، خسائر أسبوعية بنحو 4.8 بالمئة، وهي أكبر خسارة أسبوعية من مايو 2022، ليصل إلى 3965 نقطة. لكن المؤشر لا يزال مرتفعا بنحو 19 بالمئة منذ بداية العام الحالي ليكون من ضمن أفضل المؤشرات العربية أداء هذا العام بعد البورصة المصرية.

وإلى ذلك، أوضح خبير أسواق المال، وضاح الطه، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الأسبوع الماضي كان استثنائياً في الأسواق نظراً لتاثير التصعيد بين حماس وإسرائيل.

ولفت إلى أنه تاريخيا أسواق المنطقة تتأثر بشدة في بداية أي صراع جيوسياسي يقع في الشرق الأوسط، لكن في الوقت نفسه في مثل هذه الأيام التأثير السلبي على الأسواق يكون محدوداً، وعادة ما تكون مدته ما بين ثلاث إلى خمسة أيام ثم يبدأ التأثير بالانحسار تدريجيا لتعاود الأسواق بالارتداد.

وأوضح أن أسواق المنطقة خلال الأسبوع وبينما سجلت تذبذباً كبيراً خلال الأسبوع، إلا أن التصعيد بين حماس وإسرائيل لم يكن السبب الوحيد في ذلك، إنما ثمة أثر أيضاً للتطورات التي تشهدها الأسواق الأميركية والبيانات الصادرة، والتي عادة ما تتأثر بها أسواق المنطقة. وأضاف أن أسعار النفط وتذبذبها، كانت عاملاً هاماً لتأثر الأسواق الخليجية.

وأفاد الطه بأنه حال إذا لم يحدث تصعيد جديد الأحداث في هذا الأسبوع ونجاح مساعي التهدئة بفتح ممرات آمنة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية لأهل غزة، سيبدأ تدريجيا هذا التأثير السلبي بالانحسار في أسواق المنطقة.

وفي الكويت، هبط مؤشر السوق الأول إلى 7239 نقطة، مسجلا أدنى إغلاق له في أكثر من عامين، كما تكبد خسائر أسبوعية بنسبة 2.2 بالمئة مع تراجع قطاعات العقارات والبنوك. ومند بداية العام الجاري عمق المؤشر الأول خسائره لتصل إلى نحو 11 بالمئة.

في المقابل، ارتفعت بورصة مسقط، مسجلة مكاسب أسبوعية بنسبة 1.08 بالمئة مع صعود سهم صناعة الكابلات العُمانية بنسبة 10 بالمئة، وارتفاع سهم فولتامب للطاقة بنسبة 9.6 بالمئة.

وفي الدوحة، ارتفع المؤشر الرئيسي لبورصة قطر بنسبة 0.6 بالمئة الأسبوع الماضي، بدعم الأداء الإيجابي لقطاعات البنوك والخدمات المالية والعقارات.

من جانبه، أشار خبير أسواق المال، محمد سعيد، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أن "الصدمة الأولى" هي ما أثرت على الأسواق المالية في الخليج في الأيام الأولى من الأحداث والتصعيد بين حماس وإسرائيل، ثم عادت الأمور إلى الاستقرار نسبياً بصورة تدريجية من جديد مع الوصول إلى نهاية الأسبوع.

لكنه أفاد بأن ثمة مجموعة من المؤشرات الإيجابية التي تسهم في تعزيز أداء مؤشرات أسواق المال في المنطقة بشكل عام، خلال الأشهر المقبلة، بعد تجاوز "الصدمة الأولى" المرتبطة بالأحداث، من بين أبرز تلك المؤشرات ما يرتبط بالاتجاهات المحتملة للفيدرالي الأميركي للتخفيف التدريجي للسياسة النقدية المتشددة التي انتهجها منذ العام 2022 وحتى الآن.

ومن بين المؤشرات الإيجابية التي تدفع إلى ذلك، بحسب سعيد، ما يتعلق بتباطؤ معدلات التضخم في الولايات المتحدة بشكل كبير (استقر مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة على أساس سنوي بعكس التوقعات التي كان تشير إلى تراجعه، في حين تباطأ معدل التضخم الأساسي الذي يتابعه بنك الاحتياطي الفيدرالي والأسواق بما يتماشى مع توقعات الأسواق).

وقالت وزارة العمل الأميركية إن مؤشر أسعار المستهلكين لشهر سبتمبر قد استقر عند 3.7 بالمئة على أساس سنوي، فيما تراجع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي إلى 4.1 بالمئة على أساس سنوي متماشيا مع التوقعات وهي أدنى قراءة في أكثر من عامين.

وأوضح أن من بين العوامل التي قد تدعم المؤشرات الخليجية ما يتعلق بأسعار النفط (في ظل المستويات الحالية للأسعار والتوقعات على المديين القصير والمتوسط).

أخبار ذات صلة

العبار يؤكد.. الوقت الحالي يعد الأفضل للاستثمار في مصر

بورصة مصر 

وخارج منطقة الخليج، تحركت البورصة المصرية في المنطقة الخضراء متجاهلة موجة الخسائر التي ضربت أغلب الأسواق، إذ تمكن مؤشر EGX30 من الارتفاع بنسبة 0.65 بالمئة إلى مستوى 20002 نقطة بسبب تزايد مشتريات الأجانب بشكل ملحوظ ومنذ بداية العام سجل المؤشر مكاسب بنحو 37 بالمئة. فيما تراجع مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة "EGX70" بنسبة 0.78 بالمئة إلى مستوى 3706 نقطة، وحقق مكاسب منذ بداية 2023 بنحو 32 بالمئة.

من جانبه، أوضح رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية، خبير أسواق المال، محمد ماهر، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن البورصة المصرية شهدت ضغوطاً كبيرة على مدار الأسبوع الماضي، متأثرة بالتطورات الأخيرة، مؤكدًا أن أي أحداث سياسية تؤثر على السوق بشكل كبير.

وأشار إلى أن سوق الأوراق المالية شهدت هبوطًا عنيفًا فور اندلاع الأحداث في غزة، وبعدها استردت على مدار اليومين التاليين أداءها الصاعد.

بلغ رأس المال السوقي بنهاية الأسبوع 1.352 تريليون جنيه، مقابل 1.353 تريليوناً بنهاية الأسبوع الماضي، وبما يشكل تراجعاً بنسبة محدودة 0.1 بالمئة. وأغلق المؤشر الرئيسي "إيجي إكس 30" عند 20 ألف نقطة، مرتفعاً بنسبة 0.65 بالمئة.

وأوضح أن جميع قطاعات السوق تأثرت بالأحداث بشكل متقارب، وليست قطاعات محددة، لافتاً إلى أنه عندما حدث تراجع عام بالمؤشرات بداية الأسبوع، كان بالنسبة للمؤشرات القطاعية جميعها، وحينما صعد المؤشر صعدت غالبية مؤشرات قطاعات السوق بأكملها.

وذكر ماهر أن أي تحرك بسوق الأوراق المالية خلال الفترة المقبلة سيكون مرتبطاً بالأحداث في منطقة الشرق الأوسط ومدى سخونتها أو استقرارها، موضحاً أنه حال حدثت تهدئة فستشهد السوق استقراراً بينما إذا حدث تصعيد من جديد ستتأثر السوق بلا شك. وشدد على أنه "لا يمكن التنبؤ خلال هذه الفترة المقبلة بتوجهات البورصة لأن السوق غير مستقرة ومرتبطة بالأحداث".

وتكبد مؤشر فلسطين خسائر أسبوعية حادة بنحو 7 بالمئة، ومنذ بداية العام سجل المؤشر خسائر بنحو 4.9 بالمئة.

المخاوف الاقتصادية دفعت المستثمرين لسوق السندات العربية