شهدت مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم نمواً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، وتسير معظم الدول بخطوات متسارعة نحو تبني خيار المركبات الكهربائية، وسط منافسة شرسة بين الشركات المصنعة لهذا النوع من المركبات، للاستحواذ على الحصة الأكبر في هذه السوق الواعدة.

وأظهرت بيانات حديثة أن عدد سيارات الركاب الكهربائية الموجودة على الطرق في العالم، بلغ 27 مليون سيارة في بداية 2023، مع توقعات بارتفاع هذا الرقم إلى 100 مليون سيارة بحلول عام 2026، بدفع من تبني مزيد من العملاء لخيار وسائل النقل النظيفة.

وساعدت عوامل عديدة في ازدهار سوق السيارات الكهربائية، منها تشجيع الدول على اقتنائها عبر سلسلة من التشريعات، التي تعفي أصحابها من الضرائب، حيث توقع تقرير سابق لبلومبرغ نيو إنرجي فايننس أن يبلغ عدد المركبات الكهربائية على الطرق قرابة 731 مليون سيارة بحلول عام 2040، أو ما يعادل 46 بالمئة من أسطول المركبات على الطرق في حينها.

أخبار ذات صلة

بايدن يقدم دعما "تاريخيا" لعمال صناعة السيارات المضربين
BMW تحصل على موافقة السكان لبناء مصنع للبطاريات في بافاريا

فقدان عنصر مهم في عالم القيادة

وسجلت مبيعات السيارات الكهربائية طفرة قياسية خلال عام 2022، حيث فاقت الـ 10.5 مليون سيارة، لترتفع بنسبة تقارب الـ 50 بالمئة، مقارنة بعام 2021، مع توقعات بوصولها إلى 22 مليون وحدة بحلول عام 2025 بحسب بلومبرغ.

ولكن الاعتماد المتزايد والسريع على المركبات الكهربائية سيقود الكثير من السائقين، إلى فقدان عنصر مهم في عالم القيادة، وهو الصوت الذي يصدره المحرّك في السيارات التقليدية، فمحرك السيارة الكهربائية لا يصدر صوتاً، حيث يعد هذا الأمر محزناً نوعاً ما بالنسبة لعشاق السيارات، الذين يرون أن الهدوء الذي تتمتع به السيارات الكهربائية لا يولّد أي أحاسيس لدى السائق.

سيارة كهربائية أم بالوقود: ماذا يقول المختصون؟

أكبر عيوب السيارات الكهربائية

والصمت الكامل للسيارات الكهربائية بات يعد من أكبر العيوب التي تعاني منها هذه المركبات، وذلك ليس فقط وفقاً لآراء السائقين محبي أصوات محركات السيارات، بل أيضاً بحسب هيئات سلامة المرور على الطرق في العديد من الدول، ما دفع بعضها لإصدار تشريعات قد تبدو مستغربة، إذ تنص على أن السيارات الكهربائية المصنعة مستقبلاً، يجب أن تمتلك أصواتاً واضحة قابلة للتمييز عن بُعد.

فمثلاً رأى الاتحاد الأوروبي أن السيارات الكهربائية هادئة جداً، لدرجة أنها قد تشكل خطراً على المارّة في الطرقات، وخاصة بالنسبة للمشاة وسائقي الدراجات والسيارات الأخرى، الذين يدركون أحيانا، أن هناك سيارة بالقرب منهم من خلال صوتها، وليس من خلال رؤيتها فقط، وهذا ما دفع الاتحاد الأوروبي لإصدار تشريع في عام 2019 يجبر السيارات الكهربائية، على "إصدار ضجيج" يلفت انتباه المشاة.

وبموجب التشريع الأوروبي ترتب على جميع صانعي السيارات الكهربائية، تزويد مركباتهم بجهاز يصدر أصواتاً خلال سيرها على الطرقات، تشبه أصوات المحركات التقليدية، على أن يعمل هذا الصوت أيضاً أثناء رجوع السيارة للخلف.

أخبار ذات صلة

"لوسِد" تعتزم جمع 3 مليارات دولار من خلال طروحات أسهم
"خبر كاذب".. ماسك ينفي بناء مصنع لـ "تسلا" في السعودية

بدورهم يصر المنظمون في أميركا على أن السيارات الكهربائية يجب أن تصدر أصواتاً تسمح للمشاة بمعرفة أنها تقترب منهم، وهذا الأمر يلقى أيضاً ترحيباً من جمعيات حماية الحيوانات الشاردة في العالم، التي رأت أن إصدار السيارات الكهربائية للأصوات يسهم أيضاً في تحذير الحيوانات التي قد تكون على الطرقات في المناطق الريفية.

وحالياً تتكثف جهود مختلف منتجي السيارات الكهربائية، لتزويد سياراتهم بأنظمة تصدر أصواتاً مزيّفة للمحركات، في حين تعمل بعض الشركات على إنشاء موسيقى تصويرية خاصة بالمحرك الذي تنتجه، ما يعكس الهوية الفريدة للعلامة التجارية، وذلك من خلال الإستعانة بموسيقيين مشهورين.

أصوات غريبة مبالغ فيها

وتقول الدكتورة حسناء حرفوش الكاتبة المتابعة لشؤون السيارات الكهربائية، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الهدف الأساسي من القوانين والتشريعات التي يتم إقرارها في بعض الدول، لإلزام مصنّعي السيارات بضرورة إصدار مركباتهم الكهربائية لأصوات مزّيفة، هدفه الأول ضمان السلامة والتقليل من مخاطر حوادث السير عبر تحذير المشاة وراكبي الدراجات وسائقي السيارات الأخرى، من أن هناك سيارة تقترب منهم، مشيرة إلى أن أرقاماً سابقة جمعتها الإدارة الوطنية الأميركية لسلامة المرور على الطرق السريعة، أظهرت أن احتمال إصابة المشاة وراكبي الدراجات من جراء الاصطدام بسيارة كهربائية، هو على الأرجح ضعف احتمالات الاصطدام بسيارة تعمل بمحرك عادي، في حين تُظهر دراسة أخرى أن السيارات الصامتة تتسبب بحوادث بنسبة 40 بالمئة أكثر.

0+
أكبر منتجي السيارات الكهربائية
 
.

وبحسب حرفوش فإن عدداً من شركات تصنيع السيارات الكهربائية، باتت تقدم مجموعة من نماذج أصوات المحركات المزيّفة، لإضفاء الحيوية على حركة السيارة، مشيرة إلى أن بعض هذه النماذج تصدم الركاب لناحية التضخيم الذي يحصل، حيث يمكن لبعض السيارات مثلاً إصدار صوت شبيه بصوت طائرة مقاتلة، أو حتى صوت شبيه بمحركات سيارات السباقات، وهو الأمر الذي يدفع العديد من سائقي السيارات الكهربائية إلى وصف أصوات سياراتهم بالغريبة والمضحكة، كونها مبالغاً فيها ولا تعكس حقيقة القوة التي تتمتع بها السيارة.

أخبار ذات صلة

"ولاية النفط" الأميركية تفرض ضرائب على السيارات الكهربائية
ماذا يعني تخلي بريطانيا عن جزء من سياساتها الخضراء؟

وتشرح حرفوش أن الأصوات التي تصدرها السيارات الكهربائية، لا تنتج عن السيارة نفسها بل عن نظام محاكاة صوتي يعتمد على مكبر صوت، لافتة إلى أنه إضافة إلى عنصر السلامة تحاول الشركات إعادة نكهة الماضي، لبعض السائقين الذين يفتقدون لتجربة قيادة السيارات العاملة على الوقود، فالإنسان بصفته كائناً اجتماعياً يتواصل باستخدام الأصوات، وغياب صوت المحركات عن السيارات الكهربائية، أوجد حالة من الفراغ لدى الكثير من السائقين الذين تآلفوا على مر السنين مع أصوات سياراتهم.

الضجيج ليس عاملاً سلبياً بالمطلق

من جهته، يقول الخبير في تجارة السيارات محمد موسى، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الصين وأميركا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي واليابان، هي من الدول المؤيدة لمبدأ توليد السيارات الكهربائية لضوضاء اصطناعية، تكون بمثابة تحذير للمشاة، مشيراً إلى أن ميزة انعدام الصوت في المركبات الكهربائية، باتت تعتبر عيباً وخاصة عند سير هذه السيارات بسرعات منخفضة في الأحياء السكنية، إذ لن يكون واضحاً للمشاة وجود سيارة قادمة باتجاههم أو قريبة منهم، وهو ما قد يشكل خطراً عليهم.

وبحسب موسى فإن أصوات السيارات قد تكون أمراً مقلقاً، لراحة سكان المناطق، حيث تتحرك المركبات طوال الوقت، ولكن عدم إصدار السيارات الكهربائية للأصوات، كشف أن الوضع تحول من مقلق إلى خطير على المشاة، ما أظهر أن الضجيج ليس عاملاً سلبياً بالمطلق، وهذا ما أدركته بالفعل هيئات سلامة المرور في عدد من الدول، إذ باتت تصر على تطبيق مبدأ إصدار الضجيج لتنبيه المارة، مشيراً إلى أن شركات مثل فيات ورينو وBMW ومرسيدس وتسلا، هي من الشركات التي تعمل على تصميم أصوات مزيّفة تكون متناسبة مع طرازاتها.

أخبار ذات صلة

كيف يؤثر "إضراب عمال السيارات" على الاقتصاد الأميركي؟
طلاب سويسريون يصنعون أسرع سيارة كهربائية في العالم

أصوات مضحكة بالفعل

وأكد موسى أنه استناداً إلى التقديرات، يُتوقع أن يصل عدد المركبات الكهربائية التي تتنقل على الطرقات في العالم، إلى 731 مليون سيارة بحلول عام 2040، وفي حال بقيت جميع هذه السيارات "صامتة" فإن ذلك سينعكس ارتفاعاً كبيراً في عدد حوادث الصدم حول العالم، مشيراً إلى أن المصنعين مهتمون للغاية، بمسألة صوت السيارات، حيث تفكر بعض الشركات بتوفير أنظمة صوت المحرك المزيف، كعدة قابلة للتركيب على السيارات الكهربائية المباعة في السابق.

وذكر موسى أن بعض الأصوات التي تصدرها السيارات الكهربائية، ليست بالضرورة شبيهة بأصوات السيارة العادية، فهناك سيارات تصدر صوتاً أقرب إلى صوت المكنسة، وهذا ما يجعل الوضع مضحكاً بالفعل.

سوق السيارات العالمي تحت سيطرة هذه الفئة