يتخذ المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، خلال أسابيع، قراره بشأن طلب المغرب الحصول على خط ائتمان بقيمة خمسة مليارات دولار، وذلك بعد أن عُقدت جلسة غير رسمية أخيراً لمراجعة الطلب. وكشف الصندوق عن اعتزام مديرته العامة كريستالينا جورجيفا، التوصية بالموافقة على الطلب.

والخط الائتماني أو ما يسمى أيضا بـ "الحد الائتماني" هو اتفاق يبرم بين مؤسسة مالية وطرف آخر، يتم بموجبه تحدد أقصى مبلغ يمكن إقراضه، حيث يستطيع الحصول على الأموال في أي وقت من خط الائتمان ما يتجاوز الحد الأقصى المتفق عليه أو ما يعرف بالحد الائتماني، طالما أنه يفي بالتزاماته كسداد الحد الأدنى في وقته.

بالنسبة للمغرب، التي سبق وأن حصلت في وقت سابق على خط "وقاية وسيولة" بقيمة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، فإن خط الائتمان المرن الجديد المُرتقب يأتي كصمام أمان للتعامل مع أي من الصدمات المفاجئة، وضمن الإجراءات الاحترازية في سبيل مواجهتها.

ويُنظر إليه كذلك في الوقت نفسه على أنه يسهم في تعزيز الثقة بالاقتصاد المغربي، لا سيما بعد رفعه اسم المملكة المغربية من اللائحة الرمادية للاتحاد الأوروبي.

أخبار ذات صلة

بقيمة 5 مليارات دولار.. المغرب يطلب خط إئتمان من صندوق النقد
لماذا اقترض المغرب ملياري دولار من السوق الدولية؟
  • طلب المغرب خط ائتمان "مرن" على مدى سنتين قيمته خمسة مليارات دولار.
  • "أطر السياسة القوية للغاية وسجل الإنجازات بالمغرب" عوامل دافعة لتأييد الطلب، وفقاً للصندوق.
  • خط الائتمان يُمكنه المساعدة في السياسات الحمائية من الصدمات الخارجية.
  • يعتزم المغرب التعامل مع الخط الائتماني كـ "إجرا احترازي".
  • أعلن الصندوق عن استعداده لمواصلة دعم المغرب في مواجهة مخاطر البيئة العالمية شديدة الغموض.

تعزيز الثقة بالاقتصاد المغربي

الخبير والمحلل الاقتصادي المغربي، محمد جدري، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن التوافق بشأن خط ائتمان "مرن" للمغرب على مدى سنتين قيمته خمسة مليارات دولار من قبل صندوق النقد الدولي "من شأنه دعم صلابة الاقتصاد المغربي وثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين الأجانب في الاقتصاد الوطني".

ويشير إلى أن هذا التوافق جاء بعد أن وصلت المفاوضات بين المغرب وصندوق النقد الدولي إلى مستويات متقدمة، لا سيما بعد خروج المملكة من اللائحة الرمادية للاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي كان شرطاً للموافقة على الخط الائتماني.

  • أزال الاتحاد الأوروبي في الرابع والعشرين من شهر فبراير الماضي، اسم المغرب، من القائمة الرمادية.
  • اعتبرت الحكومة المغربية ذلك القرار ذا أثر إيجابي على التصنيفات السيادية للبلاد، وكذا تصنيفات البنوك المحلية.
  • ذكرت الحكومة المغربية أن إزالة اسم المملكة من القائمة الرمادية للاتحاد الأوروبي، ستعزز صورة المغرب ومكانته خلال المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية، فضلاً عن ثقة المستثمرين الأجانب في البلاد.

الخروج من القائمة الرمادية

ويلفت جدري، إلى أن الخروج من القائمة الرمادية "يجعل الاقتصاد المغربي في موضع قوة"، مشيراً إلى أن "الاقتصاد الوطني هو اقتصاد أكثر صلابة في مواجهة الصدمات، ويستجيب لمجموعة من المعايير الصلبة".

أخبار ذات صلة

المغرب.. 500 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لدعم الاقتصاد
المغرب يصدر سندات دولية بقيمة 2.5 مليار دولار

ويضيف الخبير الاقتصادي المغربي، في معرض حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": الخط الائتماني الجديد لن يستعمله المغرب في تمويل عجز الميزانية أو شيء من هذا القبيل، بل إنه سيبقى رهن إشارة المملكة في حالة وقوع أمور غير اعتيادية مثل حدوث انخفاض كبير في السيولة من العملة الصعبة، وبما يعني أنه سيتم استخدامه فقط عند الحاجة القصوى.

تشير بيانات وزارة المالية بالمملكة المغربية، إلى تراجع عجز الموازنة في العام 2022 إلى نسبة 5.1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، نزولاً من 5.5 بالمئة في العام 2021.

ويُذكِّر الخبير الاقتصادي بأن المملكة المغربية سبق وأن حصلت على خط وقاية وسيولة من صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، تم استخدامه لمواجهة تداعيات جائحة كورونا؛ لتوفير السيولة من العملة الصعبة، في وقت أثرت فيه الجائحة بشكل كبير على الاقتصاد الوطني.

الاقتصاد المغربي

تشير أحدث تقارير البنك الدولي بخصوص المغرب إلى تعرض اقتصاد المملكة إلى ضغوطات بسبب صدمات سلاسل الإمداد على الرغم من الانتعاشة القوية التي عرفها الاقتصاد في أعقاب الجائحة. وذكر أن من بين أبرز تلك الصدمات (موجة جفاف شديدة وزيادة هائلة في أسعار السلع أدت إلى زيادة كبيرة في معدلات التضخم).. كما سلط التقرير الضوء على وضع الاقتصاد المغربي كالتالي:

  • من المتوقع أن تتسارع معدلات النمو الاقتصادي إلى 3.1 بالمئة في 2023
  • لكن لا تزال مخاطر التطورات السلبية قائمة بسبب التوترات الجيوسياسية (لا سيما المرتبطة بالحرب في أوكرانيا) والصدمات المناخية المحتملة
  • تراجع معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي من 7.9 بالمئة في 2021 إلى ما يقدر بنحو 1.2 بالمئة في 2022
  • ارتفع عجز الحساب الجاري من 2.3 بالمئة إلى 4.1 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي
  • بلغ معدل التضخم السنوي المغربي ذروته عند 8.3 بالمئة في نهاية العام 2022
  • رفع البنك المركزي المغربي أسعار الفائدة مرتين منذ سبتمبر2022 بمقدار 100 نقطة أساس تراكمية

مصارف خط الائتمان المرن

من جانبه، يشير الخبير الاقتصادي المغربي، هشام بنفضول، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أن خط الائتمان المرن الذي يسعى المغرب للحصول على موافقة صندوق النقد الدولي عليه له عوائد كبيرة، لا سيما أنه مخصص لدعم الدول ذات الاقتصادات المستقرة والتي برهنت سياستها المالية بشكل عام على أنها مبنية على أسس متينة تمكنها من احترام المعاهدات السابقة.

أخبار ذات صلة

المغرب.. عشرون عاما على اعتماد "تيفيناغ" لكتابة الأمازيغية
زيادة الإيرادات تقلص عجز الميزانية بالمغرب خلال 2022

ووافق صندوق النقد الدولي لأول مرة على خط الائتمان المرن للمكسيك في العام 2009، وهي واحدة من خمس دول تلقت الدعم الى جانب كولومبيا وتشيلي وبيرو وبولندا. ويضيف الخبير الاقتصادي: "الدول التي تستفيد من الخط هذا هي دول دائماً ما تحترم التزاماتها المالية إزاء مختلف المؤسسات المالية الدولية".

ويتابع: "الهدف من خط الائتمان هو أن تكون لدى الدولة أموال رهن إشارتها لاستعمالها في أي وقت وبدون شروط مسبقة، وهذا هو الأهم؛ لأن صندوق النقد الدولي دائماً في آلية التمويل لديه تكمن مشكلة الشروط المسبقة التي ربما تغير في السياسة العمومية وتتدخل فيها، وبما يطرح مشاكل كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بسياسات التقويم الهيكلي (..) الشروط عادة لها تأثير سلبي على القطاعات الاجتماعية بما فيها التعليم والصحة".

ويشير بنفضول، في معرض حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن "المغرب يتمتع بمتانة اقتصادية ومالية تجعله يستطيع الاستفادة من خط الوقاية والسيولة السابق إقراره وخط الائتمان المرن الجديد، وبخاصة بعد خروجه من القائمة الرمادية بالاتحاد الأوروبي".

وعن مصارف خط الائتمان، يشير الخبير الاقتصادي إلى أن "الهدف من المبالغ المرصودة أن تكون رهن إشارة الدول لاستخدامها حال ما كان هناك ما يستلزم ذلك، سواء ركود اقتصادي أو الحاجة لتمويل سياسات عمومية (..) لو تطورت الحرب في أوكرانيا إلى ما لا تحمد عقباه أو أن هناك تطورات مناحية أثرت بشكل سلبي على الفلاحة أو أن هناك مشاريع كبيرة تتطلب تمويلات، يتم اللجوء إلى هذا الائتمان عوضاً عن الحصول على قروض تثقل كاهل الميزانية أو الاضطرار لبيع الأصول"، وحال لم يحدث أي من تلك الظروف فلن تصرف تلك المبالغ.

أخبار ذات صلة

المغرب يتوقع نموا اقتصاديا بـ 3.3 بالمئة في 2023
بريطانيا تعزز التجارة مع المغرب بـ 4 مليارات إسترليني

خط وقائي من الصدمات المحتملة على للاقتصاد الدولي

وإلى ذلك، يشير الخبير الاقتصادي المغربي، علي الغنبوري، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أن توجه المغرب لطلب خط ائتمان مرن من صندوق النقد جاء بعد الخروج من اللائحة الرمادية وانعكاس ذلك على الموقع التفاوضي للبلد، في ظل رهن الصندوق حصول المغرب على هذا الخط بضرورة الخروج من اللائحة المرتبطة بمكافحة غسيل الأموال.

ويضيف: كما أن الطلب جاء بعد خروج المغرب إلى السوق الدولية، من خلال طرح السندات، والحصول على تمويل كبير من هذه السوق، وهو ما يثبت الأسس الصلبة التي يتمتع بها الاقتصاد المغربي، وكذلك ثقة المستثمرين الأجانب، وقدرة الاقتصاد على الصمود في وجه الأزمات والالتزام بسداد الديون المستحقة.

  • تمكن المغرب من اقتراض 2.5 مليار دولار من السوق الدولية، بعد أقل من أسبوع على خروجه من القائمة الرمادية.
  • أعلنت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، نادية فتاح العلوي، أن المغرب أصدر سندات اقتراض في السوق المالي الدولي بقيمة إجمالية تعادل 2.5 مليار دولار، مقسمة إلى شريحتين بقيمة 1.25 مليار لكل منهما.

ويوضح الغنبوري، أن خط الائتمان سيتم استعماله كخط وقائي جراء الصدمات المحتملة على الاقتصاد الدولي الذي يمر بمرحلة صعبة تتسم بصراعات جيوسياسية دولية، في مقدمتها الصراع الروسي الأوكراني، والذي يؤثر على سلاسل التوريد والإمداد، خاصة فيما يتعلق بأسعار الطاقة والمواد الغذائية، وبما أثر ويؤثر بلا شك على الاقتصاد الوطني.

ويستطرد الخبير الاقتصادي المغربي: "في ظل حالة عدم اليقين التي يعيشها الاقتصاد الدولي يحتاج المغرب رفع قيمة الموجودات من النقد الأجنبي داخل البلاد، وذلك للوقاية من أي صدمات، وأي حالة لا يقين يمكن أن تنعكس على الاقتصاد الوطني، خاصة أن المغرب مقبل على تنفيذ إصلاحات استراتيجية تهم بالأساس الجانب الاجتماعي، وبما يستلزم رفع كتلة النقد الأجنبي داخل المغرب لتعزيز ثقة المستثمرين، وقدرة الاقتصاد على الصمود في وجه كل هذه التطورات الاقتصادية على الصعيد الدولي وانعكاساتها".

وفي سبيل التخفيف من آثار الصدمات المؤدية لارتفاع الأسعار، اعتمد المغرب سياسة ارتكزت على تقديم دعم عام للمواد الأساسية. ويتبنى استراتيجية لإصلاح شبكات الأمان الاجتماعي، ما أدى لاستقرار الأسعار والخدمات التي تستحوذ على ما نسبته تقريباً 25 بالمئة من متوسط إنفاق الأسر المغربية.

بقيمة 5 مليارات دولار.. المغرب يطلب خط إئتمان من صندوق النقد