لطالما اعتبر الين الياباني من العملات الرئيسية المعتمدة في العالم، حيث تعد اليابان من أكبر الدول المصدرة في العالم، وما يعزز قيمة عملتها هو الناتج القومي للبلاد الذي يعد ثالث أكبر اقتصاد، بعد الولايات المتحدة والصين وذلك بدعم من قطاعات التكنولوجيا والصناعة وغيرها.

واكتسب الين الياباني لقب الملاذ الآمن بين العملات التي يلجأ إليها المستثمرون للحفاظ على قيمة مدخراتهم بدعم من حالة الاستقرار التي شهدها لسنوات طويلة.

غير أن هذا الواقع تغير في الأشهر الأخيرة حيث اضطرت الحكومة اليابانية للتدخل لإنقاذ الين من التراجع ما كلفها حتى الساعة ما يفوق 50 مليار دولار أميركي، وهذا التغيّر دفع المتابعين للتساؤل عما إذا فقد الين لقبه كملاذ آمن.

قوة الدولار لا ضعف الين

ويقول النائب السابق لحاكم مصرف لبنان د. محمد البعاصيري في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الين الياباني تراجع من معدل 90 يناً للدولار إلى نحو 110 وصولاً إلى 150 يناً أخيراً، مرجعا هذا الهبوط إلى قوة الدولار وليس إلى ضعف العملة اليابانية.

أخبار ذات صلة

الين الياباني يتجه لتكبد خسارة للأسبوع العاشر على التوالي
اليابان تسجل عجزا تجاريا قياسيا في سبتمبر

أسباب قوة الدولار

ويعتبر البعاصيري أن قوة الدولار ترتبط بعوامل عدة منها بُعد الولايات المتحدة عن مسرح الحرب الروسية الأوكرانية، ما يجعلها بمأمن من التداعيات العسكرية والاقتصادية للحرب، توازياً مع ضعف العملات الأخرى تجاه الدولار الأميركي.

وبحسب بعاصيري فإنه وبالإضافة إلى قوة الدولار هناك عوامل أخرى أسهمت بتراجع الين الياباني، أبرزها قرب اليابان من الصين التي تشهد توترات ملموسة كالأزمة مع تايوان، كما أن محاولة لجم التمدد الصيني من قبل أميركا، كان لها تأثيرها على اليابان القريبة بحراً من الصين.

ويختم البعاصيري قائلاً: إن هذه العوامل كلها تظهر ضعف الين مقابل الدولار الأميركي وباقي العملات الرئيسية في العالم، إلا أنه اعتبر أن العملة اليابانية ستبقى عملة رئيسية للتداول على المدى المنظور، وستبقى في نمو مطرد حتى لو شهدت تراجعاً في دورة اقتصادية معينة.

الين سيبقى ملاذاً آمناً

من جهته، يرفض د. علي الادريسي وهو أستاذ الاقتصاد في الأكاديمية العربية للنقل البحري القول، أن الين الياباني فقد لقبه كملاذ آمن، موضحاً أنه لا يزال ملاذاً آمناً، لاعتباره واحداً من أهم عملات الاحتياطي الدولي SDR إلى جانب أربع عملات رئيسية هي الدولار الأميركي والجنيه الإسترليني واليورو واليوان الصيني.

وقال الإدريسي إن التراجع الذي شهده الين للمرة الأولى منذ نحو 32 سنة، سببه الظروف العالمية الراهنة، تضاف إليها جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وغيرها من الصدمات الكبرى كالرفع المستمر لأسعار الفائدة الأميركية.

ويرى الإدريسي أنه مع التوقعات بمزيد من رفع أسعار الفائدة الأميركية، فإن جزءاً كبيراً من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة أو الأموال الساخنة ستستقطبها الولايات المتحدة، وهو ما أثر وسيؤثر بشكل واضح على الطلب بالنسبة للين الياباني.

الاقتصاد لا يقاس بسعر الصرف

وبحسب الإدريسي فإن الين يشهد مرحلة مؤقتة، وسيعود للتعافي من جديد، مع تعافي الاقتصاد العالمي بعد حل الأزمات الراهنة، خصوصاً أن اليابان تعد من أول الاقتصادات العالمية.

ودعا إلى عدم قياس الاقتصاد بسعر صرف العملة، حيث إن اقتصاد اليابان يتمتع بمقومات تساعده على تخطي الأزمة، وبالتالي فإن أي تراجع للين لا يعني ضعفاً ولن يستمر.

ضعف الين.. لم يعد في صالح الاقتصاد الياباني