اتخذت الولايات المتحدة أخيرا عدة قرارات وإجراءات تخص صناعة الرقائق الإلكترونية، وصفها خبير تحدث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" بأنها تأتي في إطار الحرب الاقتصادية مع الصين، ورغم أنها تحجم قدرات الصين وتجعل أميركا تتربع على عرش تلك الصناعة، إلا أنها تضر الشركات الأميركية أيضا، بحسب تعبيره.

  • في 8 أكتوبر الجاري أعلنت الولايات المتحدة مجموعة من الإجراءات العقابية لتقييد مبيعات تكنولوجيا الرقائق الإلكترونية إلى الصين في محاولة لإعاقة التقدم العسكري الحالي للجيش الصيني.
  • بموجب القواعد الجديدة، سيتم منع الشركات الأميركية من بيع رقائق معينة تستخدم في تطوير الحوسبة الفائقة والذكاء الاصطناعي للشركات الصينية.
  • تستهدف القيود أيضا حظر المبيعات من الشركات الأجنبية التي تستخدم معدات وتكنولوجيا أميركية.
  • منعت الولايات المتحدة سابقا بيع التكنولوجيا لشركات صينية محددة، مثل هواوي، لأسباب تتعلق بالأمن القومي، لكن الإجراءات الجديدة تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث يهدف العديد منها إلى منع الشركات الأجنبية من بيع أشباه الموصلات المتقدمة إلى الصين، أو تزويدها بالأدوات اللازمة لصنع رقائق متقدمة.
شبه موصّل = تمام الاستقلالية! ما علاقة تايوان؟

أخبار ذات صلة

حبة رمل.. تايوان.. وحياتنا

استكمال لما بدأه ترامب

خبير نمو شركات التقنية المقيم في واشنطن، مصطفى البرماوي، قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن قرارات الولايات المتحدة الهادفة لتحجيم قدرات الصين في الحصول على الرقائق الإلكترونية المتقدمة أو حتى تصنيعها، هي جزء من الحرب التجارية الدائرة بين البلدين، واستكمال للحرب الاقتصادية التي بدأتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والجزء الأكبر من تلك الحرب هي التكنولوجيا.

أخبار ذات صلة

رسالة تحذيرية لقطاع التكنولوجيا العالمي من أكبر شركة للرقائق
عبر بوابة أشباه الموصلات.. هل تحقق مصر "المستحيل" في 2035؟

وتابع أنه على سبيل المثال فإن الحرب التي بدأت منذ عهد ترامب شملت فرض عقوبات كبيرة على شركات التكنولوجيا الصينية العاملة في الولايات المتحدة ومن بينها شركة هواوي التي تم منعها من بيع منتجات الجيل الخامس من الشبكات 5G، إلى أي دولة تعتبرها الولايات المتحدة حليفا وخصوصا في المجالات العسكرية، وحتى الآن تعاني شركة هواوي من تلك القرارات وحصل هبوط كبير لنمو الشركة.

جاء إعلان القواعد الجديدة ضد الصين من جانب آلان إستيفيز، وكيل وزارة التجارة الأميركية، الذي أكد أن نيته من وراء هذا ضمان قيام الولايات المتحدة بكل ما في وسعها لمنع الصين من الحصول على "التقنيات الحساسة ذات التطبيقات العسكرية".

صناعة دقيقة

ومن جانبه أوضح البرماوي أن صناعة الرقائق الإلكترونية هي صناعة دقيقة جدا وتتطلب سنوات طويلة من بحوث التطوير التي تتفوق فيها الولايات المتحدة بشكل ملحوظ، كما أن الجزء المتعلق بالصناعة نفسها، فتتفوق فيه الولايات المتحدة وتايوان ودول أخرى، ولكن القيمة المضافة للصين في تلك الصناعة لا تتخطى 10 بالمئة، والصين تحتاج الولايات المتحدة وتايوان وهولندا ودول أخرى، لتستورد منها تكنولوجيا الرقائق الإلكترونية، حيث أن الصين تستورد رقائق إلكترونية أكثر من استيرادها للبترول.

واستطرد أنه نظرا لأهمية صناعة الرقائق الإلكترونية التي تعتبرها الصين ركيزة مهمة لكي تصبح القوة العظمى الأهم في المجالات التقنية والاقتصاد عموما، ولذلك تسعى جهود الولايات المتحدة دائما لتحجيم الصين في هذا المجال، مما يؤثر بشدة على مختلف المجالات في الصين وخاصة المجالات العسكرية التي تعتمد بشكل كبير حاليا على الذكاء الاصطناعي.

أخبار ذات صلة

الصين تنتقد ضوابط أميركية جديدة على تصدير أشباه الموصلات
مخاوف نقص الرقائق الإلكترونية تتواصل في قطاع صناعة السيارات

في 8 أغسطس الماضي وقع الرئيس الأميركي جو بايدن على قانون باسم قانون الرقائق والعلوم "CHIPS"، يخصص مليارات الدولارات كدعم للإنتاج المحلي لرقائق أشباه الموصلات ويهدف إلى جعل الولايات المتحدة أكثر قدرة على المنافسة مع الصين.

تأثير مزدوج

البرماوي قال أيضا إن هذه الحرب سيكون لها تأثير سلبي كبير على الاقتصاد في الصين وكذلك في الولايات المتحدة لأن الشركات الأميركية المتقدمة في تلك الصناعة تم حرمانها أيضا من سوق كبير متمثل في الشركات الصينية التي كانت تستورد منها تلك السلعة، ولذلك انخفضت أسهم شركات إنتاج الرقائق الأميركية لأدنى مستوى في عامين، ولكن الولايات المتحدة للتغلب على ذلك تعمل على ضخ 40 مليار دولار لدعم تلك الشركات ولتصنيع الجزء الأهم من الرقائق الإلكترونية في الداخل الأميركي.

وختم بأنه من المهم معرفة أن بناء مصنع للرقائق الإلكترونية يستغرق عدة سنوات، فضلا عن أن تكلفة إنشاء المصنع الواحد تتخطى 20 مليار دولار، ومن ثم فالقرارات الأميركية سيكون لها بالغ الأثر على خريطة تلك الصناعة في العالم لأن الولايات المتحدة إذا كانت متفوقة في أبحاث تلك الصناعة فتايوان هي المتفوقة في الصنيع، كما أن تلك القرارات ستعمل على زيادة الفجوة السياسية بين الصين وتايوان، مما ينذر برد صيني قوي في ضوء الحرب التجارية المستعرة مع الولايات المتحدة.

بكين انتقدت إجراءات الولايات المتحدة، وقالت إن على الولايات المتحدة التوقف عن معاملة الشركات الصينية بشكل غير عادل.

فيما قال مدير أكاديمية التسويق الرقمي التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمصر، محمد حنفي، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن المسألة بالنسبة لأميركا قضية أمن قومي، وهذا كان واضحا في استراتيجية الأمن القومي التي أعلنتها الولايات المتحدة بداية هذا الشهر، والتي قال فيها الرئيس الأميركي جو بايدن إن الصين تمثل أهم تحد لبلاده، لأنها لديها النية والقدرة على تشكيل النظام العالمي لصالحها، بحسب تعبيره.

وأوضح حنفي أنه "من أجل ذلك قامت الولايات المتحدة بشن حرب مصيرية على الصين، متمثلة في عدد كبير من الإجراءات التي بدأت في تنفيذها من أجل منع الصين من تطوير أو شراء أو تصنيع رقائق أشباه الموصلات، التي تمثل النواة الأساسية لأي جهاز إلكتروني بدءاً من لعب الأطفال ووصولاً إلى الدبابات والصواريخ والأقمار الصناعية".

وتابع أنه من أخطر الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة أن أي شخص يحمل جواز سفر أميركي أو حتى الجرين كارد أصبح ممنوعا عليه أن يعمل أو يشارك في صناعة أشباه الموصلات في الصين، بالإضافة إلى المميزات الكبيرة التي تقدمها واشنطن إلى علماء هذه الصناعة للهجرة إلى الولايات المتحدة.

وأشار إلى أن واشنطن أيضا قررت منع الصين من استخدام برامج التصميم الخاصة بتلك الصناعة وكلها من شركات أميركية، وأيضاً منع تصدير أي معدات أو مكونات خاصة بالتصنيع، والأهم منع الصين من استخدام براءات الاختراع الأميركية لتلك الصناعة.

وعن رد الفعل المتوقع من بكين، أوضح حنفي أن الرئيس الصيني قال إن بلاده ستركز على البحوث العلمية، ولم يتم الإفصاح حتى الآن عما هي الخطوات التي سوف تتخذها الصين تحديدا ضد القرارات الأميركية.

وشدد حنفي على أن كل المؤشرات تؤكد أنها حرب مصيرية بالنسبة لأميركا، وان تلك الإجراءات غير المسبوقة سوف تحد بشكل كبير من قدرات الصين ليس في مجال أشباه الموصلات فقط، بل في مجال التكنولوجيا بشكل أعم وأشمل.

الرقائق الإلكترونية تشعل المنافسة بين واشنطن وبكين