أمام أكثر من ستة آلاف عقوبة فرضتها الدول الغربية على روسيا في مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والبنكية والعسكرية والعلمية، تتجه مؤسسات التصدير الروسية إلى أسواق أخرى لتعوض خسارة الأسواق الأوروبية.

وفيما طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعضاء حكومته خلال اجتماع عقده الجمعة الماضي، بوضع خطط مرنة لمواجهة العقوبات الغربية، يرى خبراء اقتصاد أن آثار العقوبات ليست بالحجم الذي رسمته الدول الغربية للاقتصاد الروسي، وأن هناك فرصة كبيرة لتكيّف هذا الاقتصاد مع العقوبات كافة بالتدريج من خلال فتح أسواق جديدة لسلعه وخصوصاً في الصين والهند.

أخبار ذات صلة

أزمة الطاقة تشتد في أوروبا..والقادة منقسمون حول سبل مواجهتها
ألمانيا تلوم أميركا على بيع الغاز بأسعار "خيالية"

بداية لا نستطيع تجاهل آثار ستة آلاف عقوبة على الاقتصاد الروسي على الرغم من أنها أقل مما كانت تتوقعه الدول الغربية، بحسب عامر الشوبكي مستشار الطاقة الدولي، الذي أوضح أن الغرب يستهدف من خلال عقوباته انهيار الاقتصاد الروسي.

وفي حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، ذكر الشوبكي أن العقوبات الغربية سارت بأكثر من اتجاه وفي مقدمتها العقوبات المالية من خلال وضع اليد على نصف احتياطيات البنك المركزي الروسي في الخارج والتي تقدر بأكثر من 320 مليار دولار، بالإضافة إلى عزل البنوك الروسية الرئيسة عن نظام "سويفت"، ومنع روسيا من استخدام أرصدتها في الخارج لسداد ديونها بالعملات الأجنبية.

وفيا يتعلق بالعقوبات المتعلقة بقطاع الطاقة، بيّن مستشار الطاقة الدولي عامر الشوبكي، أنه تم حظر التكنولوجيا التي تستخدمها روسيا في استخراج واستكشاف النفط، مشيراً إلى أن هذه التكنولوجيا ضرورية جداً لاستدامة إنتاج النفط والغاز.

أخبار ذات صلة

بوتين: يجب وضع "خطط مرنة" لمواجهة العقوبات الغربية المتزايدة
عقوبات "الضم".. كيف تؤثر "الحزم الثمانية" على روسيا؟

وأضاف الشوبكي: "كما انسحبت أكثر من 1200 شركة أجنبية من روسيا، إلى جانب فرض حظر على المعدات وقطع الغيار والشرائح الإلكترونية ما ترك تداعيات كبيرة على الاقتصاد الروسي، والعديد من الصناعات ومنها صناعة السيارات إلا أن الأثر لم يصل إلى مستوى طموح الغرب، وهناك فرصة كبيرة للاقتصاد الروسي للتكيف مع جميع العقوبات بالتدريج، حيث حققت روسيا إيرادات من بيع النفط والغاز في النصف الأول من العام الجاري تفوق ما حققته في النصف الأول من العام الماضي بنسبة 55 بالمئة وبواقع 160 مليار دولار نتيجة ارتفاع الأسعار، الأمر الذي ساعدها على تعويض النقص في الإنتاج والتسويق".

وتعمل روسيا على زيادة التبادل التجاري مع الصين بما يعوض بعض الخسائر التي فقدتها من جراء تزويدها بالبضائع الزراعية أو الكهربائية التي كانت توردها في السابق، أما بالنسبة للاقتصاد النفطي فمازالت روسيا في وضع يحقق إيرادات أفضل للخزينة خاصة بعد قرار (أوبك بلس) تخفيض الإنتاج مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، وفقاً للشوبكي.

وتابع مستشار الطاقة الدولي الشوبكي: "ونحن مقبلون أيضا على زيادة في أسعار النفط والغاز في فصل الشتاء نتيجة أسباب عدة منها الحظر على النفط الروسي الذي سيكون بمثابة الصدمة للأسواق في بدايته، بالإضافة إلى عودة نشاط المصافي في الصين والتوقعات بأن ينمو الاقتصاد في الربع الأخير من هذا العام بشكل أفضل مما سيساعد على مزيد من نمو الطلب على النفط وبالتالي ارتفاع الأسعار أكثر، وهناك خطط أيضاً لتمرير كميات من الغاز التي كانت تورّد إلى أوروبا باتجاه الصين عبر خط أنابيب قوة سيبيريا.

أخبار ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يستهدف روسيا بحزمة عقوبات جديدة
عقوبات أميركية جديدة على روسيا بعد ضمها لأراض أوكرانية

بدورها، قالت الدكتورة نيفين حسين شمت، المختصة بالشؤون الاقتصادية الدولية لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "اتفقت دول الاتحاد الأوروبي على فرض حزمة عقوبات ثامنة على روسيا تتضمن وضع سقف لأسعار صادرات النفط الروسية ما يمهد الاتفاق الطريق أمام فرض حظر على نقل أساطيل الشحن الأوروبية للنفط الروسي الذي يبلغ سعره أعلى من مستوى محدد بالنسبة للدول خارج الاتحاد الأوروبي، كما تعمل على تقييد صادرات الكيماويات والأجهزة الكهربائية لروسيا، وتفرض حظراً على واردات المنتجات الروسية التي تقدر قيمتها بـ 7 مليارات يورو".

ومن أهم تداعيات العقوبات حدوث تآكل في الاحتياطي الروسي حيث فقدت الحكومة الروسية خلال الفترة الماضية الكثير من احتياطات البلاد من العملات الأجنبية البالغة 600 مليار دولار والتي تعد بمثابة سلاح بوتين خلال الأشهر الأولى من الحرب، بحسب الدكتور شمت، التي رجحت أن تعانى روسيا من نقص السيولة والنقد بسبب الحرب وإقدام الغرب على خفض اعتماده بالكامل على مصادر الطاقة الروسية وهو سيناريو من المرجح أن يستغرق ما بين عامين وثلاثة أعوام.

وعلى الرغم من محاولات الولايات المتحدة وأوروبا عزل روسيا، تضيف الدكتورة شمت: "فهناك دور كبير ستلعبه علاقات روسيا مع الهند والصين في تشكيل نظام عالمي متعدد المراكز في المستقبل، إذ لا تزال روسيا أكبر مورد للأسلحة إلى الهند، رغم انخفاض حصتها إلى 49 بالمئة من 70 بالمئة بسبب قرار الهند تنويع مصادرها وتعزيز التصنيع الدفاعي المحلي".

وأشارت المختصة في الشؤون الاقتصادية الدولية شمت بأن روسيا تستهدف اتباع برامج الاستيراد الموازي الهادف لاستبدال السلع الغربية التي سحبتها شركات الغرب من السوق الروسية، حيث ستقوم روسيا بتعويض أسواق السلع في ظل العقوبات من خمسة مراكز على الأقل في هذه المنطقة اليابان وشبه الجزيرة الكورية والهند والصين وجنوب شرق إفريقيا وتعد هذه المراكز متساوية إلى حد كبير في تعويض روسيا من السلع".