تختلف أدوات البنك المركزي الياباني عن غيره من البنوك في مكافحة التضخم وحماية سعر صرف الين، حيث يعتمد سياسة التحكم بعوائد السندات من خلال شرائها أو بيعها بهدف إبقائها ضمن مستوى عائد معين، بحسب خبراء أكدوا أن استمرار تراجع الين أمام الدولار دفع "المركزي الياباني" للبدء ببيع حيازته من السندات الأميركية التي تعد من الأصول الأكثر أماناً.

وسجل الدولار أعلى مستوياته أمام الين في 24 عاماً متجاوزاً مستوى 145 يناً للدولار في نهاية شهر سبتمبر الماضي والذي أنفقت فيه اليابان 2.8 تريليون ين أي 19.34 مليار دولار، للتدخل في سوق الصرف الأجنبي لدعم الين.

ووفقاً لأحدث البيانات الرسمية، سجل معدل التضخم الأساسي في اليابان في شهر أغسطس الماضي 2.8 بالمئة على أساس سنوي، في مستوى هو الأعلى منذ 2014، وساهم في بلوغه خصوصا ارتفاع أسعار الطاقة.

ويقول محلل الأسواق العالمية، رائد الخضر: " بهدف مكافحة التضخم المرتفع، اتخذت البنوك المركزية المزيد من إجراءات التشديد النقدي، ففي حين لجأ بعضها إلى رفع أسعار الفائدة، قررت بنوك أخرى المضي بخطوة أخرى، وهي التدخل في سوق العملات الأجنبية بشكل مباشر، وتختلف سياسة المركزي الياباني عن غيره من البنوك، إذ أبقى على أسعار الفائدة عند -0.10 بالمئة منذ 2016 في الوقت الذي تتسابق فيه البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة، واتبع سياسة التحكم بمنحنى عوائد السندات القصيرة الأجل والطويلة، من خلال شرائها أو بيعها بهدف إبقائها ضمن مستوى عائد معين".

أخبار ذات صلة

المركزي السويسري ينهي معدلات الفائدة السالبة بعد نحو 8 سنوات
خبراء: معدلات الفائدة لا تمثل محركا اقتصاديا في اليابان

ويوضح الخضر في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية: "مع استمرار تراجع الين أمام الدولار الأميركي، قرر البنك المركزي الياباني التدخل لحماية عملته للمرة الأولى منذ 1998، بالبدء ببيع حيازته من السندات الأميركية، والتي تعد من الأصول الأكثر أمانا! ويتزامن هذا الحدث مع مسارعة الفيدرالي الأميركي لرفع أسعار الفائدة بغرض احتواء التضخم المرتفع".

ويشرح الخضر: "من المتعارف عليه أنه عند بيع سندات حكومية، فإن العائد على هذه السندات يبدأ بالارتفاع نظراً لزيادة المعروض منها وضرورة دفع عائد أعلى لجعلها أكثر جاذبية للراغبين بشراء أدوات الدين، وفعلاً فقد شهدت الأسواق ارتفاع قوي لعوائد السندات الأميركية المستحقة عن عشر سنوات حتى وصلت الى أعلى مستوياتها منذ 2008، كما أن عوائد السندات المرتفعة تؤثر سلباً على أسواق أسهم، بسبب تفضيل بعض المستثمرين عوائد السندات المرتفعة وأصول أكثر أماناً عوضاً عن الأسهم التي تعد ذات مخاطرة عالية مقارنة بالسندات".

ويشير محلل الأسواق العالمية أن المركزي الياباني لم يكن البنك الوحيد الذي يقرر بيع جزء من حيازته من السندات الحكومية الأميركية، حيث سبقه في ذلك البنك المركزي الكوري وبنك الشعب الصيني.

بدوره، يرجع الخبير الاقتصادي، حسين القمزي تقليل اليابان حيازتها من سندات الخزينة الأميركية إلى محاولة تعزيز قيمة الين، ويضيف: "قامت اليابان بالتدخل في سوق الصرف العالمي لضبط عملتها، إذ ارتفع الدولار الأميركي بشكل كبير منذ أن بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة في مارس الماضي، ومن المتوقع أن يستمر هذا التوجه ما يمثل ضغطًا هبوطيًا هائلاً على العملات الأخرى ومنها العملة اليابانية".

ويوضح القمزي لـ "موقع اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن "انخفاض قيمة العملة اليابانية يفيد الصادرات ولكنه يزيد تكلفة الواردات في الوقت ذاته، فمعظم السلع في العالم مسعرة بالدولار ما يجعلها مرتفعة الثمن على المصنع الياباني، والآن بعد أن وصلت أسعار والغذاء والمواد الخام إلى مستويات تاريخية بسبب الصراع بين أوكرانيا وروسيا تتعرض البلدان المصنعة في آسيا إلى ضغوط هائلة لضمان الواردات، واليابان عند بيعها لسندات الخزينة فهي تحصل على الدولار الذي تشترى به الين وبذلك ترتفع قيمة الين فيمكنها الاقتراب من سعر الصرف الذي تريده عن طريق الشراء والبيع بالدولار".

التضخم في اليابان.. الأعلى منذ 8 سنوات