مع إقرار الاتحاد الأوروبي لحظر جزئي تدريجي على النفط الروسي ضمن الحزمة السادسة من العقوبات الأوروبية على روسيا على خلفية حربها في أوكرانيا، تتصاعد المخاوف من تعقيد التحديات الماثلة أمام أمن الطاقة العالمي.

عملت موسكو في مقابل العقوبات وكخطوة استباقية وفق خبراء طاقة، على تحويل بوصلتها النفطية من أوروبا نحو آسيا عبر رفع وتيرة مبيعاتها من الذهب الأسود لها، وبأسعار تفضيلية مشجعة وخاصة إلى العملاقين الآسيويين، الهند والصين، واللذين باتا من أهم المستوردين للنفط الروسي لا سيما في ظل الحرب الأوكرانية، وما جرته من عقوبات غربية صارمة على الروس.

ويرى مراقبون أن بكين ونيودلهي ستكونان ربما أكبر مستفيدين من هذه الخطوة الأوروبية، عبر حصولهما على احتياجاتهما النفطية وبأسعار مخفضة في ظل التصاعد المتواصل في أسعار النفط والطاقة عالميا على وقع العقوبات الغربية ضد روسيا.

سلاح الطاقة.. ورقة بوتين الرابحة ضد الغرب

فيما يشير آخرون إلى أن حظر نفط روسيا ولو جزئياً من قبل الأوروبيين سينجم عنه بداهة ارتفاع أكبر في أسعار النفط ومشتقاته من المحروقات في أوروبا وحول العالم، ما سينعكس تخفيفاً لوطأة القرار الأوروبي على الاقتصاد الروسي عبر تعويض النقص الحاصل في مبيعات النفط الروسية بسبب الحظر الأوروبي عبر ضخ مزيد من الواردات المالية لخزينة موسكو.

بعد حظر أوروبا للنفط الروسي..من يدفع الثمن؟

يقول الخبير الاقتصادي والمستشار في قطاع النفط والطاقة، عامر الشوبكي في حديث مع سكاي نيوز عربية :"تتبلور ولا شك ملامح خريطة جديدة للطاقة العالمية ترسم الآن على وقع تجاذبات الأزمة الأوكرانية واصطفافاتها الحادة، وهي تبدو خريطة غير مؤقتة وتتسم بطابع دائم وبعيد المدى، حيث تتحول صادرات النفط الروسي من أوروبا صوب آسيا وخاصة نحو الهند والصين، خاصة أن نيودلهي هي أكبر مستورد للنفط في العالم وبالتالي ستتمكن موسكو من استيعاب الفائض من نفطها المباع لأوروبا سابقا، وتسويقه بسهولة للأسواق الصينية والهندية المتعطشة للنفط، خاصة إذا كان رخيص الثمن، حيث يبيع الروس نفطهم بسعر أرخص بنحو 30 دولاراً للبرميل الواحد عن سعر برميل نفط برنت، في إطار ما يسمونه تخفيضا للدول الصديقة والحليفة".

ويضيف الشوبكي أن "تكاليف نقل النفط الروسي من موانئ البحر الأسود لأوروبا أقل وبكثير من تكاليف نقلها إلى البلدان الآسيوية، عبر البحر الأبيض المتوسط ومضيق قناة السويس، ومن ثم البحر الأحمر للوصول للموانئ الآسيوية، لكن طبيعة الصراع الحادة بين روسيا والغرب تفرض منطقها وخياراتها".

وهكذا فالكميات المرسلة أخيراً من نفط روسيا إلى الصين والهند، كما يشرح الشوبكي :"هي الأكبر في تاريخ إرساليات وصادرات النفط الروسية، وبالتأكيد هذا سيشكل خياراً جيداً ومربحاً لروسيا لتعويض صادراتها النفطية لأوروبا المتراجعة بفعل الأزمة والتي قد تتوقف في أي لحظة لا سيما بعد قرار القمة الأوروبية بدء تطبيق حظر جزئي عليها".

سيمنز للطاقة: أزمة أوكرانيا أجلت مستهدفات المناخ

ويتابع المستشار في قطاع النفط والطاقة :"الأوروبيون باستثنائهم النفط الروسي المنقول عبر الأنابيب من الحظر، والذي جاء مراعاة على وجه الخصوص لهنغاريا التي ترفض بقوة حظر النفط الروسي والذي يصلها عبر أنبوب دروغبا من روسيا، يكشف مرة أخرى حقيقة أن فرض حظر كامل وشامل على واردات النفط من روسيا لدول الاتحاد الأوروبي، يبدو خياراً صعباً كي لا نقول مستحيلاً".

وفيما يتواصل شحن كميات ضخمة وقياسية غير مسبوقة من النفط الروسي على متن ناقلات إلى الصين والهند، طيلة الأسابيع الماضية خاصة بعيد اندلاع الحرب في أوكرانيا، تفوقت بذلك آسيا على أوروبا كأكبر مشترٍ للنفط الروسي لأول مرة خلال شهر أبريل الماضي، وسط توقعات بارتفاع نسبة المبيعات النفطية الروسية في الأسواق الآسيوية خلال شهر مايو الجاري، وفي ظل القرار الأوروبي الأخير.