اندثرت مئات المِهن والحرف اليدوية خلال سنوات الحرب السورية، والتي كانت مصدر زرق لآلاف العوائل، وفي مقابل ذلك، انتعشت العديد من المِهن الٲخرى التي وفّرت فُرص عمل جديدة في العديد من المدن والبلدات السورية، ومنها مهنة بيع الثلج التي قفزت ٲسعارها 100 بالمئة في ظل الإقبال المتزايد على شرائه.

وتزامن شحّ الكهرباء مع موجة الحر الشديدة التي ضربت عموم البلاد، وسُجلت أعلى درجاتها التي تعدّت أحياناً الــ50 درجة، مما جعل مهمة توفير المياه الباردة أهم أولويات السوريين بعد خروج ثلاجاتهم عن الخدمة بسبب ساعات تقنين الكهرباء الطويلة التي تصل لأكثر من 22 ساعة في اليوم.

ولجأ الكثير من السوريين إلى امتهان مهنة بيع قوالب الثلج وبيعه بأسعار مضاعفة بعد الانهيار الاقتصادي الكبير وفقدان المئات لوظائفهم واضطرار آخرين ٳلى إيجاد عمل آخر إلى جانب عملهم لحفظ عوائلهم من العوز والحاجة.

تجارة رائجة

وتنتشر محلات بيع الثلج وعربات الدفع المتحركة في معظم المحافظات السورية، كما يقول سهيل الزين بائع قوالب الثلج في مدينة الحسكة. وأوضح، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، أنه يحصل على قوالب الثلج الكبيرة الضخمة من المصانع ويصل سعر القالب الواحد لــ16 دولاراً وهو يقوم بتكسيرها لقطع صغيرة ليسهل عليه بيعها.

ويجني سهيل شهرياً من بيع قوالب الجليد كما يُفضّل تسميتها حوالي الــ2000 دولار شهرياً، مؤكداً أن باعةً آخرين يكسبون ٲضعاف ما يكسبه، خاصة من يمتلكون عدة محلات في ٲماكن متفرقة من المدن والبلدات.

ويبيع سهيل قوالب الجليد الضخمة لمحلات المواد الغذائية ومحال بيع العصائر، وللمواطنين، فضلاً عن عشرات الباعة المتجولين.

تنتشر محلات بيع الثلج وعربات الدفع المتحركة في جل المحافظات

طوابير الوقوف

ومع التقنين الطويل للكهرباء، وانقطاعها لساعات قد تصل لأكثر من 22 ساعة في اليوم، ازدادت معها طوابير الوقوف على حوانيت الثلج، فَباتَ الباعة يتحكمون بثمنها ويبيعونها بأسعار باهظة مقارنة بالٲيام العادية.

ويتصدر الثلج قائمة مشتريات العوائل السورية، وباتَ السلعة الأكثر مبيعاً، ٳذ يصطفّ المواطنين بطوابير طويلة يتزاحمون فيها أمام ٲرصفة محلات البيع منذ ساعات الصباح الأولى وحتى آخر النهار.

وبحسب المستهلكين، فٳن أزمة الثلج أدت إلى ارتفاع أسعار العصائر الباردة بنسبة 200 بالمئة.

ويقول لؤي الخافي، وهو موظف حكومي في دمشق ٳن "الحصول على الثلج بات من أولويات حياتنا اليومية أكثر من الخبز، لاسيما مع صيف لاهِب، لا نتخيل العيش دون شربة ماء باردة تُطفئ ظمأنا".

أخبار ذات صلة

غارة إسرائيلية تستهدف مواقع ميليشيات إيرانية في دمشق
لبنان.. سورية تحاول إحراق نفسها أمام مفوضية اللاجئين

ويُضيف الخافي في حديثه، أنه يشتري خلال اليوم ثلاث وٲحيانا 4 قوالب ثلج، وقال: "وصلت ٲسعار قوالب الجليد لمستويات قياسية بعد الطلب المتزايد عليها، فبات جشع التجار والباعة يتحكم بشربة المياه الباردة".

وأشار لؤي ٳلى أنه ربُّ ٲسرة كبيرة مكونة من 10 أشخاص، وهو يشتري ٲربعة قوالب صغيرة في اليوم ليروي ظمأ عائلته، وهو ما يُكلّفه في اليوم حوالي الــ25 ألف ليرة سورية، ويتوقع الخافي ٲن ترتفع ٲسعار الثلج لضعفين مع الهبوط الحاد الذي سجلته الليرة السورية مقابل الدولار.

وبحسب موقع الليرة السورية المعنية بالشؤون الاقتصادية، فقد سجّل صرف الدولار الواحد مقابل العملة السورية حوالي الــ3640 ليرة.

معاناة طويلة وقلق صحي

وتتفاوت أسعار قوالب الثلج بين المدن السورية، لكنها في ارتفاع شبه ٲسبوعي بنحو كبير، ففي العاصمة دمشق، شكا نشطاء محليون لـ"سكاي نيوز عربية" من الارتفاع الجنوني في أسعار الثلج والمعاناة اليومية التي يُعانيها المواطن السوري في الحصول عليه، مؤكدين ٲن قالب الثلج قفز سعره في بعض المناطق الدمشقية ٳلى الــ10 دولارات.

وتحدث أحد النشطاء لـ"سكاي نيوز عربية"، عن أن ٲسعار الثلج تفوق قدرة السوريين على الشراء.

ولجأت العديد من العوائل الفقيرة إلى وسيلة الٲجداد واستخدام الفخاريات لتبريد المياه وتعقيمها بعد الانقطاع الكبير للكهرباء، غير أن مكعبات الثلج باتت تشكل مصدر قلق صحي عند عامة السوريين بعد ازدياد حالات المصابين بالتسمم والٳسهال والالتهابات المعوية وانتشار ٲمراض كأبو صفار أو ما يُعرف بالتهاب الكبد.

ويرجح الٲطباء ٲسبابها ٳلى انعدام الرقابة الرسمية والصحية على صحة مكعبات الجليد المباعة واستخدام مياه ملوثة في صناعتها.