مع بداية شهر سبتمبر، انطلق موسم "مؤونة الشتاء" في الأرياف والمناطق الزراعية في لبنان. هي عادة من العادات القروية المحببة، التي يتوارثها الأبناء عن الأهل والأجداد.
وفي مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان، ينشط المزارعون خاصة في سهل البقاع والأرياف والجبال في إعداد ما تيسر لهم من الثمار والفواكه، التي تجود بها أراضيهم وبساتينهم، وجمعها تمهيدا لخزنها استعداداً لفصل الشتاء.
وتعد هذه العملية عادة قروية قديمة، لكنها تراجعت في السنوات الماضية بعد توفر العديد من المواد الغذائية المعلبة والمستوردة من الخارج، إلا أن الارتفاع الفاحش في أسعار المواد الغذائية، دفع المزارعين والقرويين إلى العودة بشكل لافت لهذه العادات القروية.
وخلال فصل الشتاء، يخف العمل ويحول الطقس والأمطار والثلوج دون الذهاب إلى العمل، كما أنه من المتوقع في فصل الشتاء المقبل أن ترتفع أسعار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية أكثر فأكثر، خاصة بعد الارتفاع الهائل في أسعار المحروقات المرتبطة أصلا بسعر صرف الدولار في السوق السوداء.
ويقول المزارع مرعي أيوب لموقع "سكاي نيوز عربية": "نعد العدة جيدا لفصل الشتاء ونجفف الخضار مثل البامية واللوبياء والفاصوليا والملوخية، ونقوم بتجفيف الفواكه وبخاصة التين المجفف الذي يطبخ بعد تجفيفه على النار مع السكر ثم يخزن في أوعية زجاجية بعد إضافة المكسرات من جوز ولوز حسب الرغبة، ويستعمل التين المجفف مغليا مع الشاي كدواء في فصل الشتاء لنزلات البرد والرشح والإنفلونزا" .
ويضيف أيوب: "نقوم كذلك بتجفيف ثمار العنب لصنع الزبيب الذي يبدو أنه سيكون من الفواكه القليلة في فصل الشتاء. نحن حالياً نقوم ببيع ما تجود به أرضنا من خيرات، أما ما يفيض عن الحاجة نلجأ إلى تجفيفه لكي نبيعه لاحقاً بسعر جيد نستعين بمردوده على شراء ما نحتاجه من المواد الاستهلاكية الأخرى" .
وفي مكان آخر من لبنان ولنفس الأسباب الاقتصادية، تنشط عملية إنتاج الألبان والأجبان البيتية والمربيات.
ففي بلدة شبعا الحدودية، إحدى قرى جبل الشيخ جنوبي شرق لبنان، تقوم القروية نديمة بطبخ مربى التوت على النار في حلة كبيرة وصنع الشراب اللذيذ المصفى الذي يصمد أمام تقلبات الجو ويخزن للاستهلاك خلال العام المقبل.
وتقول لـ"سكاي نيوز عربية": "هذه مهنة الآباء والأجداد اعتمدوها منذ قديم الزمان لمواجهة الأزمات والحروب، وها نحن نعيدها لأن ما يصيبنا الآن يشبه ما أصاب أهالينا وأجدادنا منذ الحرب العالمية مروراً بالحرب الأهلية في السبعينيات وصولا إلى اليوم ولا نتمنى أن تعود تلك الأيام".