دفعت الأحداث الأخيرة في الشارع الإيراني إلى التساؤل حول الدوافع الحقيقية وراء قرار الحكومة برفع أسعار الوقود في هذا التوقيت، الأمر الذي يكشف أبعادا مختلفة للأزمة السياسية والاقتصادية التي يشهدها البلاد.

فبعد رفع السلطات الإيرانية أسعار البنزين وتقنين توزيعه، خرجت أعداد كبيرة من المواطنين للتعبير عن غضبهم من هذا القرار.

ورفعت الحكومة الإيرانية سعر لتر البنزين العادي إلى 15 ألف ريال، بعدما كان في حدود 10 آلاف ريال، كما تم تحديد الحصة الشهرية للسيارة الخاصة بـ60 لترا في الشهر.

وأثار هذا القرار عدة تساؤلات، فإيران على قائمة أكبر الدولة المنتجة للنفط في العالم، وهي تحديدا في المركز السابع عالميا حسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، كما سبق أن زعمت طهران أنها مكتفية بإنتاجها المحلي من البنزين.

وتعقيبا عن قرار رفع سعر البنزين من جانب الحكومة الإيرانية، قال الخبير في مجال الطاقة أنس الحجي، إنه "بسبب انتشار الفقر، وتوسع فجوة الدخل، والمشاكل الأمنية، وانتشار الفقر، جاء موضوع البنزين كالقشة التي قصمت ظهر إيران".

أخبار ذات صلة

مسؤول أميركي: إيران وراء هجمات أرامكو..وبرنامجها النووي مقلق
العفو الدولية تكشف حصيلة قتلى تظاهرات إيران

وقال الحجي في حديث لسكاي نيوز عربية: " المشكلة الآن هي مشكلة ميزانية وليس مشكلة نقص وقود، لأن الوقود في إيران يمثل عبئا كبيرا جدا على الموازنة، الأمر الذي أجبر الحكومة على رفع أسعار البنزين".

وكلفت التوسعة الأخيرة في مصفاة بيرجيان غلف ستار الدولة 4 مليارات دولار بتمويل محلي بالكامل، ورفعت الطاقة الإنتاجية إلى 105 مليون لتر يوميا من منتجات الوقود، بينما بلغ متوسط استهلاك الوقود حسب أحدث بيانات حوالي 97 مليون لتر يوميا.

مشكلة الوقود كانت منذ القدم تشكل تحديا لأي رئيس حكومة إيراني، وهذا الأمر دفع الدولة إلى التركيز على تحقيق هدف الاكتفاء الذاتي، ففي مارس من عام 2018، تراجعت واردات طهران من البنزين إلى 70 ألف طن مقارنة بـ300 ألف طن في ديسمبر 2017.

وحول تأثر القطاعات المختلفة بالقرار، أوضح الحجي: "قطاع المواصلات سيتوقف لعدم وجود البنزين الذي باعه أصحاب سيارات الأجرة في السوق السوداء إلى كل من يستطيع الدفع".

كذلك أشار خبير الطاقة إلى أن أكثر من نصف سكان إيران هم من الشباب، وبذلك سيستهلكون كمية كبيرة من الطاقة مستقبلا، الأمر الذي يجعل إيران بحاجة إلى مصادر طاقة مختلفة، حتى لا تستهلك نفطها وغازها.

ويبدو أن الحكومة الإيرانية لم يبق لها سوى التوجه لجيب المواطن لسد ثغرة الموازنة العاجزة، الأمر الذي استفز الشعب الإيراني في جميع أنحاء البلاد، ودفعه لتنظيم تظاهرات حاشدة أسفرت بحسب منظمة العفو الدولية عن سقوط أكثر من 106 قتيل على الأقل.