بعد انخفاض الليرة التركية بنسبة 20 في المئة منذ بداية العام الحالي مقابل الدولار، ألقي باللوم في ذلك على التضخم والتدخل في سياسات البنك المركزي، ورغم رفع أسعار الفائدة في محاولة لدعم الليرة، لا تزال العملة التركية تعاني انخفاضا مستمرا في قيمتها.

ولم ينجح رفع سعر الفائدة المفاجئ، والسياسة الاقتصادية الصارمة في إنقاذ الليرة التركية، وهو ما ينبغي أن يناقشه اجتماع البنك المركزي التركي، الخميس المقبل، لتحديد سعر الفائدة الجديد أو الإبقاء على السعر الحالي.

ونتيجة توقعات بأن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة، هذا الأسبوع، أظهرت بيانات رسمية، الاثنين، أن أسعار المستهلكين في تركيا قفزت بنسبة أعلى من التوقعات، بلغت 1.62 بالمئة في مايو، مما أدى لتسجيل الليرة مكاسب، تراها وكالة "بلومبيرغ" مؤقتة ولن تنقذ العملة التركية من الانخفاض.

وفي استطلاع أجرته الوكالة، توقع محللون ارتفاع التضخم أكثر من 12 في المئة بعدما كان 10.85 في المئة في أبريل.

ونشر البنك المركزي، الأربعاء، ملخصا للاجتماع الطارئ الذي عقد في 23 مايو الماضي، إذ رفع أسعار الفائدة من 13.5 في المئة إلى 16.5 في المئة للحد من انخفاض العملة.

وجاء في الملخص جملة مهمة وهي: "سنراقب عن كثب توقعات التضخم وسلوك التسعير و (العوامل الأخرى) التي تؤثر على التضخم، وإذا لزم الأمر سننفذ المزيد من التشديد النقدي".

وشكّلت هذه الجملة جزءا من بيان لجنة السياسة النقدية في 25 أبريل، لكن إغفالها عن بيان مايو منح البنك المركزي مظهرا حياديا.

وترى "بلومبرغ" أن إعادة هذه الجملة إلى الملخص الذي أصدره البنك، الأربعاء الماضي، يعني أنه يقف على أهبة الاستعداد لرفع أسعار الفائدة، بالرغم من اعتراض الرئيس رجب طيب أردوغان على ذلك، إذ يعتقد أن ارتفاع أسعار الفائدة يسبب التضخم السريع، وأن من واجبه السيطرة على السياسة النقدية.

وعلى هذا الأساس، ستعزز قرارات البنك المركزي، بعيدا عن تدخلات أردوغان، الليرة قليلا، لكنها ستفشل في دعم العملة ووقف انخفاضاتها المتتالية.

ورغم أن أردوغان تراجع عن التدخل في إدارة السياسة النقدية، فإن تصريحاته بشأن التعدي على استقلال البنك المركزي تؤثر سلبا على النشاط الاستثماري.

تصريحات معادية

وأكد المستشار الاقتصادي لأردوغان جميل إرتيم تراجع الرئيس عن التدخل في السياسات النقدية، قائلا الأسبوع الماضي إن البنك المركزي لديه الحرية لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى.

وتقول "بلومبرغ" إنه لا يبدو أن البنك المركزي سيحظى بالشجاعة لرفع أسعار الفائدة، في اجتماع الخميس المقبل، رغم ما قاله مستشار أردوغان.

ولم تصمد العملة التركية طويلا أمام حديث إرتيم، الجمعة الماضية، أمام شائعات بشأن تخفيض التصنيف الائتماني، لتسجل العملة التركية أسوأ أداء في ذلك اليوم من بين العملات العالمية.

جنون اقتصادي

ولا تعد قرارات البنك المركزي المصدر الوحيد لمحاولة انتشال الليرة من انخفاضاتها، حيث أشارت "بلومبرغ" إلى تصريح لأردوغان، الخميس الماضي، قال فيه: "أدعو المواطنين الذين لديهم حسابات بالعملة الأجنبية لتحويلها إلى الليرة التركية. دعونا جميعا نلقن درسا لأولئك الذين يحاولون ضرب اقتصاد واستقرار تركيا من خلال سعر الصرف الأجنبي".

وتفسر "بلومبرغ" تصريح أردوغان بأن: "هذا ليس بيانا بأن تدفقات العملات الأجنبية إلى تركيا يجب أن يتم التحكم فيها، ولكنه تصريح غير بعيد جدا عن هذا المضمون أيضا".

وتقول إن التلميح بالتحكم في العملات الأجنبية المتدفقة، في اقتصاد يعاني من عجز في الحساب الجاري، يبلغ 5.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، هو أمر مخيف.

ووصفت ذلك، إن حدث، بـ"الجنون الاقتصادي" الذي ينبغي عدم اختباره مع اقتصاد مفتوح مثل تركيا التي تعتمد إلى حد كبير على التمويل الخارجي والقروض.

ويظل التوتر الأكبر الذي يلاحق المستثمرين الآن هو إعادة انتخاب أردوغان، ومن ثم حصوله على صلاحيات أكبر بكثير في مواجهة استقلال البنك المركزي والالتزام بفتح الأسواق.

وتعتقد "بلومبرغ" أن رفع معدلات الفائدة لن ينقذ الليرة في ظل تصريحات أردوغان بشأن السياسات النقدية.