ينتظر المستثمرون حول العالم أرقام التضخم الرسمية في تركيا التي ستصدر في 4 يونيو للتقرير بشأن وضع الاقتصاد التركي كمحفز للاستثمار أم لا، فيما تسعى السلطات التركية للتخفيف من حدة تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان الاقتصادية لطمأنة المستثمرين.

وتنهي الليرة التركية الأسبوع على ارتفاع للمرة الأولى منذ فترة، إذ ارتفع سعر صرف العملة التركية مقابل الدولار بأكثر من 5 في المئة هذا الأسبوع، بعد رفع البنك المركزي سعر الفائدة ثلاثة نقاط مئوية مرة واحدة.

لكن الليرة تظل من بين أسوأ عملات الاقتصادات الصاعدة أداء هذا العام، ويظل سعر صرفها متراجعا بأكثر من 15 في المئة منذ بداية العام.

ورغم أن الاقتصاد التركي حقق معدل نمو العام الماضي، أكبر حتى من نمو الاقتصاد الصيني، عند أكثر من 7 في المئة، فإن المؤسسات الدولية لا تتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي التركي بأكثر من 4 في المئة هذا العام.

ويخشى المستثمرون من عودة أردوغان لإملاء آرائه الاقتصادية على صانعي السياسة النقدية، إذا أعيد انتخابه رئيسا في الانتخابات المقررة في 24 يونيو.

القطاع المصرفي

وظل الاقتصاد التركي منذ مطلع القرن وجهة مفضلة للاستثمارات الخارجية، حتى أن السوق التركية لم تتأثر كثيرا بالأزمة المالية العالمية في 2007-2008، لكن ذلك المنحى أخذ في التراجع منذ 2010 تقريبا.

وكان القطاع المصرفي التركي أحد أكثر القطاعات جذبا للاستثمارات الأجنبية المباشرة، لكن تلك الاستثمارات توقفت في السنوات الأخيرة، وبدأ بعضها في الخروج من تركيا نهائيا.

وليس المقصود هنا "الأموال الساخنة" عنيفة الحركة جريا وراء الربح السريع، ولكن القصد الاستثمار المباشر أو فتح خطوط الائتمان والقروض.

ورغم أن الدين الحكومي لا يزيد كثيرا عن 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فإن كثيرا من ديون الشركات المقومة بالدولار تصبح محل خطر مع انهيار سعر صرف العملة، حسب تقرير نشر في صحيفة "دي فيلت" الألمانية.

وحسب أحدث أرقام بنك التسويات الدولية فإن ديون المصارف الأوروبية المستحقة على تركيا تصل إلى 224 مليار دولار (نحو 200 مليار يورو)، أكثرها للبنوك الإسبانية.

وتخشى تلك البنوك من انكشافها على أزمة في تركيا، وبدأت أسهم بعض تلك البنوك الأوروبية في الانخفاض مع انهيار الليرة بنسب تتراوح ما بين 10 و20 في المئة بسبب ديونها في تركيا.

مؤشرات سلبية

ورغم أن الاحتياطي التركي من النقد الأجنبي يصل إلى 135 مليار دولار، ليس بمقدور البنك المركزي التصرف فيه لإنقاذ شركات أو مؤسسات لا تستطيع تسديد أقساط ديونها الدولارية.

فأغلب ذلك الاحتياطي هو احتياطي الذهب للبلاد وأيضا احتياطيات البنوك الخاصة من النقد الأجنبي، ولا يستطيع البنك المركزي التصرف إلا في قدر من المتبقي.

كما أن السياسة النقدية المخففة في السنوات الأخيرة دفعت بمعدل التضخم ليظل أعلى من 10 في المئة، ما يثير المخاوف بشأن مدى فعالية خطوات التشديد النقدي الآن.

وتظل نسبة البطالة أيضا فوق 10 في المئة، مما يعني عدم قدرة الحكومة على زيادة عائدات الضرائب لتغطية العجز في الميزانية، البالغ 50 مليار دولار.

أضف إلى ذلك أن اعتماد تركيا على استيراد الطاقة زاد الضغط على أرقام الميزانية مع تضاعف أسعار النفط مؤخرا (من متوسط 40 دولار للبرميل إلى متوسط 80 دولارا).

وتعمل السلطات التركية الآن على الانتهاء من حزمة قرارات لتشجيع الاستثمار الأجنبي ـ وفي الأساس لطمأنة المستثمرين كي لا تتعرض البلاد لأزمة مالية مفاجئة.