حذر تقرير صادر عن الأمم المتحدة من استمرار معاناة كافة الدول العربية من ندرة المياه العذبة، ما يعد أكبر تحد تواجهه المنطقة خلال العقود القليلة المقبلة.

وأشار تقرير الأمم المتحدة الرابع عن تنمية المياه في العالم إلى أن حصة الفرد السنوية من موارد المياه في الدول العربية تراجعت خلال العقود الأربعة الماضية بمقدار النصف، مشيرا إلى أن التقلبات المناخية تشكل تحديا إضافيا تواجهه المنطقة العربية.

وحذر التقرير من أن المنطقة العربية حساسة لهذه التغييرات التي من المتوقع أن تؤدي إلى تأثيرات كارثية على الأرض، حيث تشير السيناريوهات التي وضعها بعض علماء المناخ إلى أن زيادة درجات الحرارة بالمنطقة ستؤدي إلى زيادة القحولة وانخفاض نسبة الرطوبة في التربة وارتفاع معدلات التبخر.

كما لفت التقرير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤثر أيضا على أنماط سقوط الأمطار الموسمية، إضافة إلى ازدياد الجفاف الذي تعاني منه بعض الدول العربية، وفي مقدمتها الجزائر والمغرب والصومال وسوريا وتونس.

وقالت خولة مطر، مديرة مركز الأمم المتحدة للإعلام بالقاهرة إن الكلفة الاقتصادية لنوعية المياه السيئة في المنطقة العربية تتراوح بين 0.5 و2.5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.

وأشار التقرير، الذي يصدر كل ثلاث سنوات، إلى أن ندرة المياه العذبة في الدول العربية يجعلها غير قادرة على إنتاج الكميات الكافية من الغذاء لتلبية الاحتياجات الأساسية لسكانها، ما يدفعها إلى استيراد ما بين 40 إلى 50 بالمئة من إجمالي استهلاكها من الحبوب.

وتصل نسبة الاستيراد إلى 70 بالمئة في بعض الدول مثل اليمن والعراق، رغم الحجم الكبير لقطاعاتها الزراعية، ومن المتوقع ـ بحسب التقرير ـ  تفاقم هذا الموقف بسبب تغييرات المناخ.

من جهته، توقع عبد العزيز زكي منسق برنامج علوم المياه في مكتب اليونسكو بالقاهرة، أن يشهد العالم العربي ارتفاعا في درجة الحرارة يتراوح بين درجتين وأربع درجات خلال الأعوام الخمسين القادمة، مؤكدا أن المنطقة العربية تعتبر الأفقر في الموارد المائية على مستوى العالم.

وحذر التقرير من إمكانية نشوب نزاعات إقليمية بين بعض الدول أو محلية بين الجماعات والقبائل في نطاق الإقليم الواحد بسبب عدم كفاية مصادر المياه السطحية في عدة دول عربية، الأمر الذي دفع بعض الدول إلى القيام بعمليات لاستكشاف كميات أكبر من المياه الجوفية على أعماق أكبر ومساحات أبعد تجاوزت حدودها الإقليمية.

واعتبر التقرير أن التحدي الأكبر الذي تواجهه إدارة الموارد المائية في المنطقة العربية هو أنظمة الأنهار الرئيسية الدولية التي يتم تقاسمها من قبل بلدين أو أكثر.

وقال التقرير أنه رغم استجابة الدول العربية للتحديات التي تواجه ندرة المياه العذبة من خلال تحسين إدارة الموارد المائية وزيادة فرص الحصول على إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي، وتعزيز القدرة على التكيف والتوسع في استخدام موارد المياه غير التقليدية، إلا أن هذه الإجراءات ليست كافية للتغلب على صعوبات ندرة المياه في معظم بلدان المنطقة .