معادلات العلاقات بين الدول والدول، أو بين الدول والتنظيمات تخضع لمعايير في السياسة والمصالح، إلا أن الأمر يختلف مع تنظيم، يقدم نفسه عنوانا للمبادئ الإسلامية ويصنف الآخرين من أعداء وأصدقاء وفق معايير أهمها العلاقة مع إسرائيل، والعلاقة مع الولايات المتحدة وغيرها من المعايير التي كانت الجماعة صورتها من قبل.

فجماعة الإخوان استطاعت أن توسع حضورها في الشارع من خلال دعوتها لتحرير فلسطين والحرب على إسرائيل وأيضا معاداتها لأميركا ودعوتها لتطبيق الشريعة، وكان هذا قبل أن تدخل الجماعة إلى عالم الحكم في مصر وغزة، حيث قبلت بأوسلو وخاضت الانتخابات هناك على أساسه، وحكمت مصر، وأبقت على كامب ديفيد وسفارة إسرائيل بل وأرسل محمد مرسي سفيرا جديدا إلى تل أبيب.

قطر منذ منتصف التسعينيات تنفذ مشروعا تسعى من خلاله لأمور تخص شركاءها لكنها كانت تسعى لنفوذ وحضور في المنطقة، فكان فتح الأبواب مع الإخوان ليكونوا أداه من أدوات تحقيق المشروع، فالكلمة للشارع والإخوان هم الأهم في الشارع، ومن خلال تخطيط دقيق تحولت الجماعة إلى سده الحكم، وبخاصه في مصر إضافة الى دول أخرى.

وكما هي عاده الإخوان فإنهم ينحازون ببراغماتية واضحه إلى مصالحهم، حتى لو تعارضت مع ما يعلنون من مبادئ، ولهذا قفزت حماس ومعها الجماعة من حضن إيران ودمشق، وتخلت عما كانت تسميه محور المقاومة، بل وأصبحت في خندق أعداء بشار الأسد لتستقر في حضن الدوحة وتركيا، لكن الدوحة التي تدرك مكانة حماس، وأنها من توجه بوصله الجماعة في علاقاتها الخارجية حافظت على حماس، لأن وجود حماس في قطر أيضا كنز من المعلومات تستفيد منه قطر وأصدقاؤها .

هي التناقضات أن تكون حماس ومعها الإخوان الأقرب إلى قطر، وأيضا تركيا، بينما كلا الدولتين هما الأقرب إلى إسرائيل، فقطر لا تخفي علاقاتها مع اسرائيل رغم عدم وجود معاهدة، وأيضا العلاقة مع أميركا التي كان الإخوان يعلنون في الشارع والمظاهرات وحملات الانتخابات أنها رمز الشر، ويعلنون مقاطعه منتجاتها .

ربما تكون قطر من خلال آراء مستشاريها وحلفاءها عملت باجتهاد على استعمال الإخوان وحضورهم في الشارع، كما عملت على استعمال احتضانها لحماس لتسويق نفسها على أنها نصير لفلسطين، لكن الجماعة لم تكن تمارس هذا بغباء، بل تدرك أن قطر تستعمل الجماعة وحماس، وتمارسه ببراغماتية حتى لو كان ثمنه الشعارات وسقوطها كما كان الأمر عندما حكموا مصر، أو شاركوا في انتخابات السلطة الفلسطينية، أو حتى الوثيقة الأخيرة لحماس .

هي علاقه أقل أشكالها في احتضان الدوحة لقيادات حماس والإخوان، لكنها في أعلى مراتبها في ملفات إدارة حكم مصر وملف ليبيا وسوريا، والخدمة ليست لقطر وسعيها للنفوذ فقط، بل للمشروع الأكبر في الإقليم.