المملكة المتحدة متفوقة في كل مجالات الرعاية الصحية وعلوم الحياة، تاريخياً وحالياً على حد سواء. لكن تفوقها هذا ليس بعملها لوحدها.

فالتعاون ضرورة أساسية لمعالجة تحديات الرعاية الصحية في العالم، وتتمتع المملكة المتحدة بمكانة بارزة في هذا المضمار، من جانب الحكومة وقطاع الأعمال.

البداية في الداخل

أُنشئت هيئة الصحة الوطنية البريطانية منذ 75 سنة. وكانت أول نظام لتوفير الرعاية الصحية الشاملة مجاناً للجميع في مقر تقديم الخدمة. وقد وفرت العديد من الخدمات "الأولى عالميا" في تاريخها: من إجراء أول تصوير بالأشعة المقطعية للمرضى، إلى أول عملية تخصيب "طفل الأنبوب"، وحتى أول عملية زرع للكبد والقلب والرئة.

وتاريخها في الابتكار مستمر، حيث أنتجت خلال الجائحة عقار ديكساميثازون، وهو أول علاج فعال عالميا لمرض كوفيد-19.

كما تستشرف هيئة الصحة الوطنية المستقبل باستحداث حلول مبتكرة، مثل تكنولوجيا الواقع الافتراضي الموسع في التدريب الإكلينيكي لتحقيق نتائج أفضل للصحة العقلية. ففي 2022 خدمت الأجنحة الافتراضية ما يزيد على 100,000 شخص، حيث مكّنت المرضي من الحصول على الرعاية في بيوتهم، وذلك أدى إلى استيعاب عدد أكبر من المرضى في المستشفيات.

التزامات مستدامة

في العام 2020، أصبحت كذلك هيئة الصحة الوطنية أول هيئة صحية في العالم تلتزم بخفض انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول 2045، من خلال العمل مع الشركاء للحد من انبعاثات الكربون والاستجابة لأثر تغير المناخ العالمي.

وما هذا سوى مثال واحد على التزام المملكة المتحدة بمواجهة هذا التهديد الوجودي. فلا جدال في الارتباط الواضح بين تغير المناخ والنتائج الإيجابية للصحة.

وفي ديسمبر، شهد مؤتمر الأطراف كوب 28 في دولة الإمارات العربية المتحدة صدور "إعلان كوب 28 بشأن المناخ والصحة"، وهو إعلان غير مسبوق أعلنته رئاسة كوب 28 بشراكة مع منظمة الصحة العالمية، وأيدته 123 دولة، بما فيها المملكة المتحدة.

وإذ يضع هذا الإعلان الصحة في محور العمل المناخي، فإنه يهدف إلى الإسراع بوتيرة التقدم في إنشاء أنظمة صحية مستدامة ومتكافئة.

فقد أعلنت المملكة المتحدة عن حزمة من البرامج الصحية المرتبطة بتغير المناخ قيمتها 40 مليون جنيه استرليني، يُخصص منها 18 مليون جنيه استرليني للبرنامج الريادي البريطاني لبحوث الأنظمة الصحية وصمودها في مواجهة المناخ، وجزء آخر يبلغ 20 مليون جنيه استرليني لبرنامج اعتُمد حديثا لبحوث المناخ والصحة.

شراكة قطاع الأعمال

تضطلع الشركات البريطانية بدور استثنائي في دعم هذا الطموح، وذلك بإنتاج أدوية ومنتجات للرعاية الصحية وحلول رقمية أكثر مراعاة للبيئة للحد من تأثيرها البيئي، وبالعمل في شراكة مع الحكومات والشركات في منطقة الشرق الأوسط بهدف تحقيق التغيير.

وتعتبر منصة MyWay Diabetes، من الشركة الاسكتلندية MyWay Digital Health، منصة رقمية رائدة لمساعدة مرضى السكري في إدارة حالاتهم الصحية ومتابعتها عن بُعد، وربطها بالجهاز، وتوفير بيانات الرعاية الصحية المحدَّثة باستمرار. فمرض السكري داء عالمي بالغ الانتشار في منطقة الشرق الأوسط، لذا تعمل الحكومات ومؤسسات تقديم الرعاية الصحية في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية مع هذه الشركة لتطبيق حلول الوقاية التي لا تقتصر على مرض السكري وحسب، بل تغطي كذلك على نطاق أوسع أمراض الأوعية القلبية.

كذلك جمعت الشركة الويلزية Dulas بين الطاقة المتجددة والرعاية الصحية على مدار فترة تفوق أربعين سنة، حيث بدأت بالمبرِّدات التي تعمل بالطاقة الشمسية لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لتخزين اللقاح المبرَّد في المناطق النائية التي لا تتوفر فيها الكهرباء. وتعمل الشركة اليوم في أكثر من 80 بلدا، ولديها مشاريع في أنحاء الشرق الأوسط وباكستان.

الاستثمار في مستقبلنا

الاستثمار في صحة ورفاه أجيالنا المستقبلية مسعى ضروري. وتبادل الابتكار، من خلال نقل المعرفة والاستثمار فيما بين اقتصادات الدول، يضمن أن تعمّ الفائدة على الجميع. فقد توسعت المستشفيات البريطانية - مثل مستشفى Kings College ومستشفى Moorfields - بافتتاح فروع لها في المنطقة، كما استثمرت شركات للرعاية الصحية من المنطقة، مثل مديكلينيك الشرق الأوسط، في المملكة المتحدة.
رؤية الشرق الأوسط

يجذب معرض "آراب هيلث" عشرات الآلاف من الشركات التي تلتقي لسد الحاجة المتزايدة إلى الرعاية الصحية وعلوم الحياة في هذه المنطقة الحيوية. ومن بين تلك الأعداد شركات الابتكارات البريطانية التي يقدم بعضها تكنولوجيا مبتكرة بكل معنى الكلمة، مثل شركة Lifelight - وهي أول شركة على مستوى العالم تقدم خدمة تشخيص الأعراض الصحية الأساسية وفق معايير إكلينيكية دون لمس. فعندما تنظر في كاميرا هاتفك المحمول الذكي لمدة 40 ثانية، تستطيع هذه التكنولوجيا قياس ضغط الدم والنبض ومعدل التنفس.

والشركات البريطانية مستعدة للشراكة مع نظيراتها في منطقة الشرق الأوسط وخارجها لتقديم حلول مستمدة من صفوة ابتكارات الرعاية الصحية والتكنولوجيا الطبية.