بعد مضي أشهر احتفالية على تفعيل إنترنت ستارلنك التابع لإيلون ماسك لنصرة ضحايا مناطق الصراع والاحتجاجات وتشبيك المحرومين من الإنترنت، عثر عملاء فيدراليون في البرازيل مؤخرا على أجهزة الاتصال بالخدمة بعد مداهمتهم لمنجم غير قانوني في غابات الأمازون تابع لأكبر عصابات البلد المعروفة باسم (القيادة الأولى للعاصمة).

يقول تقرير الأسوشييتد برس حول المواجهة أن ثلاث مروحيات أمنية تلقت وابلا من الرصاص من أعضاء العصابة قبل فرارهم، وتبين أن العصابة تستفيد من الاتصال الفضائي بالشبكة العالمية لتنسيق الجهد اللوجستي وتلقي تحذيرات من المداهمات الوشيكة وتنفيذ وتلقي عمليات الدفع دون العودة إلى المدن.

هذه خطوة تسبق تعلم أفراد الجريمة المنظمة العابرة للحدود كيفية التطويع اللغوي لاستفسارات محركات بحث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي للاسترشاد بما ترسمه من سيناريوهات واحتمالات للتخفي عن القانون أو الوقوع في قبضته. 

صحيح أن الإصدار الرابع من Chat GPT على وشك التفعيل، وفيه محاذير أشد تحول دون توجيه أسئلة محظورة من قبيل (كيف أصنع سلاحا في البيت؟)، أو (كيف أرصد حركة الشرطة في الجوار؟)، لكن مهارات التورية وطرح السؤال البديل ستخرج لنا جيلا من المجرمين ذوي التفكير المتقدم الذي يتحسب لمخاطر إبلاغ البرمجيات عن طلبات المشورة المريبة. 

في المقابل، سيتطلب استباق تلك المهارة غير الحميدة إعداد كوادر التحريات والأمن أيضا للاحتكام الصحيح للذكاء الاصطناعي والتفكير التقمصي محل المجرمين لإبطال مساعيهم. 

المشكلة تكمن في ميزانيات الجريمة المنظمة التي تفوق في أحيان كثيرة موازنات أمنية لدول بأكملها، وكلما تردت أوضاع الدول نشأت فيها قوى إجرامية عظمى، والمشكلة تتفاقم إذا ما رصدنا حالات التسريح الألفي لموظفي شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل (ميتا) التي سرحت عشرة آلاف من كوادرها مؤخرا، بمن فيهم لجنة الأخلاقيات! فماذا لو باع بعض النوابغ من هؤلاء أنفسم على مافيات وكارتيلات أمريكا الوسطى والجنوبية؟ أو حدث الأسوأ وطلبوا اللجوء إلى روسيا مثل سنودن؟ أو …. ضعوا أنتم أعزائي القراء أي فكرة مخيفة هنا لنشوء تطبيق أو محرك بحث في الإنترنت المظلم يسخر جيلا أحدث من الذكاء الاصطناعي منزوع القيم والمحاذير يجابه نظيره القانوني بمرونة أعلى وبلا واعز من ضمير معزز ومبرمج بشريا!

ثم يأتي التساؤل حول فائدة وإمكانية إعارة نسخ مشابهة للأطراف المجرمة المتعاملة عبر الحدود مع نظيرتها الأكبر والمطورة للتطبيق الذكي المتآمر معها على خراب الدول والمجتمعات. وأترك الخيال ليجمح بسلطات الأمن السيبراني في دولنا إذا ما قررت عصابة مخدرات في طرف من العالم الاتفاق مع تنظيم إرهابي في طرف آخر منه لتشتيت الانتباه الرسمي من أجل تمرير المخدرات مقابل السلاح.