سندفع جميعنا كمستهلكين ضريبة المضاربة الربحية المبكرة والخارجة عن السيطرة في مرحلة البحث والتطوير العلمي للمنتجات، وتضمينها قسرا لمبادئ الملاءمة البيئية والاجتماعية والحوكمة ESG دون معالجة واقعية.

ليس ذنب مستهلك الأطعمة المعلبة أن تعوض أكبر شركة أغذية في العالم – نستله السويسرية – خسائرها برفع أسعار منتجاتها عليه في الآونة الأخيرة، بعد استثمار فاشل لسنتين ونصف كلفها 2.6 مليار دولار، استحوذت فيه على شركة بريطانية ناشئة اسمها آيميون للطرق العلاجية، بعدما توسمت في أبحاثها إمكانية التوصل لكبسولة تعالج أحد أكثر حساسيات الأكل شيوعا والناجمة عن الفول السوداني.

وليس ذنب مستهلك الأجهزة الذكية والسيارات الكهربائية أن الليثيوم معدن يستخرج مباشرة بإغراق ترسباته بالمياه المالحة المركزة ثم تكريرها، بينما لوبيات البيئة تريد تسخير الطاقة الجيو-حرارية لتبخير المياه فأضافت إلى العملية خطوة تقنية مكلفة رفعت أسعار الليثيوم الذي امتثل منتجوه لهذه الخطوة، وبالتالي ارتفعت أسعار البطاريات والأجهزة العاملة بواسطتها.

وليس ذنب قطاع النفط والغاز أن بطء التطور في علم البصريات وتحويل الضوء لإنتاج تيار كهربائي عالي الكفاءة قد عطل إلى اليوم الاستفادة القصوى من الطاقة الشمسية، التي بلغت مؤخرا حدود 42 في المائة وفي بعض الأحيان فقط. يتوجب على القطاعين التعاون للفائدة الثنائية المستمرة بدل محاولة البديل الساعي للتسيد إلغاء القديم الذي تتجدد الحاجة إليه في الحاضر والمستقبل المنظور.

إذا أراد لوبي ESG الدولي مزيدا من التضامن والامتثال، فليضع شروطا واقعية ومرنة للجدوى الاقتصادية والاستهلاكية، بدل المباهاة بفرض التشريعات وادعاء الشرف البيئي وتعددية التمثيل بصفتها غايات ونصر سياسي مؤقت لإثبات الوجود وإمالة الكفة، وليس كوسائل لغايات أسمى وأنفع للبشرية وللكوكب محورها البحث العلمي المكثف والممول من قبل الصناعات التقليدية لتبتكر بدائلها المستقبلية وتتقمصها.

لم يعد لتكتيك "رمتني بدائها وانسلّت" جدوى أمام الاحتياجات اليومية عند الشدائد، حيث تفشل شيطنة الطعام السريع الرخيص لصالح العضوي الباهظ عند وقوع الأزمات الاقتصادية، تماما كما تفشل شيطنة النفط والغاز عند تقييد الاستثمار فيهما بحجة تحويله لفائدة البدائل، ثم تأخر ذات البدائل في نجدة دعاتها وضحاياهم بالتزامن مع حدوث انفتاح بعد جائحة تلاه نشوب حرب أحد جانبيها عملاق نفطي.