من السادس إلى الثامن من سبتمبر الجاري، أقيم في لاس فيغاس المعرض والمؤتمر الوطني للدرونات الجوية التجارية، ومن مخرجاته خطوات يمكن لنواة هذه الصناعة لدينا أن تنطلق، باتجاه مخالف للمعتاد، عن طريق التطوير المدني المفضي للتطبيق العسكري.

غطت عروض ومداولات المعرض والمؤتمر – بعارضيه الذين ناهزوا المائتين – تطبيقات الطائرات غير المأهولة في أدوار تصوير وفحص وقياس المنشآت قيد التشييد، ورفع كفاءة ودقة توصيل الشحنات بالدرونات ذات الأحمال الثقيلة لمسافات أطول وفي ظروف أصعب، وارتفاع نطاق وفاعلية الاستشعار عند فحص خطوط الطاقة ومحطات توليدها وكفاءة بث التقارير إلى مراكز المراقبة. كما تم استعراض دور الدرونات في رقابة الغابات وأعمال التحطيب التجارية، حماية للحياة الفطرية ودرءا لأسباب اشتعال حرائق الغابات ومراقبة جهود السيطرة عليها عند نشوبها وانتشارها. وفيما تبقى من مجالات، نوقشت أدوار وإنجازات الدرونات في مجالات البنى التحتية والنقليات، والتنقيب ونقل المعادن، والسلامة العامة وخدمات الطوارئ، والأمن، والمسح الجوي لإعداد وتحديث الخرائط.

هذا التعداد لاستخدامات الدرونات في كل هذه المجالات، المتأسسة تقنيا قبل كل شيء، قد يحبط الأوساط المخططة والعاملة المعنية في بدايات طموحاتها وسعيها في الدول المتطلعة لصناعة مسيّراتها الوطنية. لكن المناقشات التي دارت في المؤتمر المصاحب ذكرت الجميع بأن أي مسيّرة هي نتاج تجميع آلات منفردة وربطها لتتعدد مهامها وأعمالها. يبين لنا ذلك أن مخرجات التعليم الفني والهندسي لدينا يجب أن تزود سوق العمل بخبراء بصريات وطيران، وكهربائيين وفنيي مواد مجسمة، ومهندسي مجسات وحساسات وأجهزة إنذار، يصنع كل منهم أجهزته على انفراد لتحقيق الجدوى الاقتصادية والمنافسة في المبيعات وتوفير المنتج المحلي وإن بدا في أوله بدائيا، فكل الصناعات المتطورة بدأت من الصفر. يُبنى بعد ذلك مسارٌ موازٍ لدمج الصناعات التي ترفد منتجاتها مجتمعة عملية تجميع الدرون الواحدة مكتملة التجهيزات، وكلما زادت مهارة الطيار عن بعد في التحليق بها وتحريكها لتحقيق أهداف طلعاتها الجوية، كلما اكتسب مهارة أكبر للتحليق بها في مهام عسكرية.

في المؤتمر ناقش الخبراء مستجدات التشريع الحاكم للتحليق بالدرونات وحدود استخداماتها، واستعرض ممثلو كل قطاع يسخر هذه المسيّرات في أعماله دراسات الحالة الخاصة بتطبيقات التحليق بها والاستفادة منها في مجالاتهم، ولنا في جمع التخصصات مصلحة في ابتكار مسيراتنا، وحبذا أقمنا للنشء سباقات درونات لصقل مهاراتهم في المناورات الجوية عن بعد، وتنسيق مزامنة حركتي العين واليد، جنباً إلى جنب مع صقل مهارات التصنيع، لنبلغ هدف كفاءة الإنتاج والتشغيل، وربما التصدير لاحقا.