ينطلق غدا المنتدى الاقتصادي الشرقي السابع في فلاديفوستوك في أقصى شرق روسيا، ويستمر لأربعة أيام، ويقام على هامش ختامه اجتماع المجلس الأعلى للتنقيب.

وبما أن الدولة المنظمة هي الأكبر مساحة وفي جوفها الكثير من الموارد والمعادن، وبالنظر إلى الصراع جيوسياسي على حدودها الغربية في أوكرانيا، فإنه من غير المستبعد أن تعد قائمة بالموارد التي بمقدور المخزون الروسي منها تأزيم الأوضاع في الأسواق العالمية تقليلاً أو إيقافاً للتصدير، إن لم تكف أزمات الوقود والحبوب.

فيما يلي استعراض التورية لما صرح به ولما لم يفصح عنه جدول الأعمال. الجلسة الافتتاحية بحد ذاتها مقلقة، إذ تناقش "الاستثمار والتجارة في القطب الشمالي"، وروسيا صاحبة أكبر حدود موازية للقطب الشمالي بمساحة 24140 كيلومترا على ضفاف المحيط القطبي، وتشكل 53 في المائة من مجموع الشريط الساحلي للمنطقة، وتضم قرابة المليونين ونصف من السكان الروس، وبالتالي لها السيادة على المياه الإقليمية المحاذية والمختصرة لخطوط الملاحة البحرية، والأجواء القطبية فوقها المختصرة لمسارات الطيران المدني والتجاري. هذه أوراق مساومة يؤدي الشد بواسطتها إلى تحريم المنطقة ومعابرها البحرية والجوية المختصرة على دول كثيرة، وبالتالي إطالة أمد وتكلفة إبحار وتحليق أساطيل سفنها وطائراتها، رغم الشراكة القطبية التي تضم في مجلسها إلى جانب روسيا كلّاً من كندا والدنمارك وفنلندا، وآيسلندا والنرويج والسويد، والولايات المتحدة، وجميعها في الوضع الحالي مناوئة للأولى في هذه الظروف.

تتناول الجلسة الثانية مزايا واستخدامات النظام الملاحي لبيانات المساحة NSDS، وهو منصة رقمية لبيانات الأراضي والموارد التي تحتويها، والخاصة بالمنطقة الشرقية لروسيا، ويفيد التخطيط الحضري والاستثماري في تلك المناطق، وتوطين المعرفة الإنتاجية والاستثمارية ضمن نظام محلي يخفي المعلومات القيمة عن الأطراف الخارجية، ويخدم استراتيجية روسيا لاستبدال الواردات التقنية، والتعرف على مكامن ونسب الموارد التي لم تستغلها بعد في الاكتفاء الذاتي أو تزويد الأصدقاء بها خلسة، أو تسليح أثمانها ووفرتها ضد الخصوم.

بعد ذلك تُفرد جلسة لمناقشة دور منظمة شنغهاي للتعاون، في الظروف الراهنة ذات الاحتقانات السياسية والاقتصادية، ويبدو أن ثمة مراجعة روسية لعلاقات الدول معها في ظل عضوية المنظمة، وبمباركة صينية. ومن الأسئلة المطروحة كنقاط: "ما الذي بمقدور الدول العربية والجنوب-آسيوية الإسهام به لعمل المنظمة؟"، والمجال مفتوح لابتداع مبادرات ذاتية أو الانخراط في نظيرتها المحملة بالإملاءات للتضامن مع توصيات المحافل الصينو-روسية، المراد تسخيرها في حراك النشوء والارتقاء للمعسكر المحقق للثنائية القطبية في العالم.

بالمثل، ستُفرد لاحقاً جلسة أخرى لمراجعة علاقات روسيا بدول منظمة آسيان، وتعريف أهداف ومبادرات تضامنية ظاهراً واستقطابية أو تحييدية باطناً، ومن عموم عناوين الجلسات والمواضيع، يبدو أن اتضاح ثقل وتأثير السلع الاستراتيجية والجغرافيتين السياسية والاقتصادية للمعسكر الشرقي الصاعد يجري الترغيب فيها والترهيب بها في عالم يركز على الدروس المستفادة من وضع أوكرانيا لتحصين وضع تايوان، ويغفل أن الدروس المستفادة تصب بالمثل في إعادة رسم قواعد الاشتباك الروسية وتبعاتها لصالح الصين فيما تنوي القيام به مستقبلاً.

جدير بالذكر والتأمل أن عنوان المحور الأول للمنتدى جاء بالصيغة التالية: "مكانة روسيا في العالم: الماس يُصنع تحت الضغط"!