أعاد فوز مكرم العكروت الخباز التونسي، بلقب "أفضل خبز باغيت في باريس" لعام 2021، التساؤل بشأن سر استحواذ التونسيين على هذا الخبز الذي أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون دعم حملة تسعى إلى إدراجه في قائمة التراث العالمي غير المادي التابعة لـ"اليونسكو".

يعد مكرم العكروت، سادس تونسي يفوز بهذه المسابقة خلال العشر سنوات الأخيرة، بعد تخطيه منافسة شديدة إلى جانب 170 خبازا من أصل 1107 خباز  محترف في العاصمة الفرنسية، ما سيمنحه شرف تزويد مائدة الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه بهذا الخبز الشهير لمدة عام كامل.

رمز هوية فرنسي بيد التونسيين

ونظرا للأهمية التي يشكلها هذا الخبز الطويل بالنسبة للفرنسيين، باعتباره رمزا ثقافيا، فقد دعا الرئيس الفرنسي إلى حفظ وصفة إعداده ومكوناته.

ولعل التونسيين توصلوا إلى إتقان سر "الوصفة السحرية" لخبز الباغيت، مما يفسر فوزهم المتعاقب على الجائزة.

وهذا ما يؤكده الخباز التونسي الحائز على جائزة أفضل "باغيت" لعام 2018، محمود مسدي، في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية": "نحن كتونسيين نستهلك الخبز بكثرة ونحب تناوله في وجباتنا اليومية، فهو جزء من ثقافة الطبخ التونسي، لذا من الطبيعي أن يكون ذو جودة عالية".

أخبار ذات صلة

"خباز ماكرون".. كيف استحوذ التونسيون على سر"خبز الإليزيه"؟
مهمة ليست سهلة في ألمانيا.. "اصطياد" المعجنات الفرنسية

وعن أهم ما يميز خبز محمود الذي زين مائدة الرئيس ماكرون، يوضح الخباز التونسي أنه "يجب أن يكون عجينه خمر الوقت الكافي، وأن يطبخ جيدا بحيث يكون رطبا ومنفوخا من الخارج، وبداخله ثقوب على شكل فقاعات غير منتظمة، وعند قضمه يكون هشا طيبا، يذوب في الفم بكل سهولة".

وهذا بالفعل ما تلاحظه لجنة المسابقة المؤلفة من 12 متخصصا في القطاع. تتذوق قطع الخبز المختلفة التي تحمل أرقاما من دون كشف أسماء أصحابها الذين حضروها، ثم تضع علامات لها تبعا لخمسة معايير: المظهر والرائحة ودرجة الطهو والتجويفات الداخلية من الخبز، وأخيرا المذاق.

وبعد إعلان الفائز، يتسلم شهادة تقدير ومبلغ 4 آلاف يورو مع اعتماد الفائز لكي يصبح الممول الرسمي لقصر الإليزيه بالخبز كل صباح لمدة عام كامل.

حضور تونسي مكثف في المسابقة

ومن جهتها، تعتبر نائبة مدير الكونفدرالية الجهوية للمخابز، سيلفي ديبري، أن "المسابقة تعرف مشاركة قوية من التونسيين، لأنهم يتواجدون بشكل كبير في باريس ويملكون مخابز في كل أنحاء المدينة".

وبالإضافة إلى أنهم أقاموا شبكة جيدة وطورا من أنفسهم، فهم يتكيفون بشكل جيد مع متطلبات السوق والزبون الفرنسي.

وتؤكد نائبة مدير الكونفدرالية الجهوية للمخابز والحلويات، أن "الغالبية العظمى من مالكي المخابز في باريس حاصلون على شهادة الكفاءة المهنية أو اشتغلوا خبازين لثلاث سنوات في مخابز الغير قبل فتح محالهم".

"سر" الجنوب التونسي

ومن المعروف أن أغلب الخبازين التونسيين في باريس قادمون من الجنوب التونسي، وهو ما يراه محمود المسدي وليد الصدفة فقط، "كل مناطق تونس تقدم خبازين مهرة، وكون أغلبنا من الجنوب التونسي لا يعني أن المنحدرين من باقي الجهات لا يتقنونه أو لا يمتهنون هذه المهنة المنتشرة في تونس. هي مجرد صدفة لا أقل أو أكثر".

وباعتبار أنها حرفة تتوارث من جيل إلى آخر، يمكن أن يكون ذلك عاملا في الحفاظ على الحرفة وأصل صاحبها، ويعتبر محمود خير مثال، لأنه يعمل في مخبز العائلة. "ورثت حب هذه الحرفة من والدي الذي عملت معه من الصغر. واليوم نملك مخبزين في حيين مختلفين من باريس، كما نستعد لفتح مخبز جديد في كندا ودول أخرى".

ألقاب عن سبق إصرار وترصد

وفي المقابل، لا يأتي الفوز على طبق من فضة، فهو نتيجة تعب وعزيمة كبيرة. وهذا حال محمود المسدي الذي حل سابعا في عام 2017، ليضفر باللقب في السنة الموالية. أما مكرم العكروت، الفائز بلقب هذه السنة، فقد شارك مرتين دون أن يحقق الفوز، وقبله طيب الساهل الذي أخفق بدوره ثلاث مرات ليظفر باللقب عام 2020.

وتشير ديبري إلى أن الفائز بالمسابقة، يمكن أن يشارك كل أربع سنوات. ومن لم يحالفه الحظ فمن حقه الدخول في المنافسة متى أراد.

ويختم المسدي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" بالقول، "حلولي سابعا في المرة الأولى، لم يمنعني من تكرار التجربة. أمضيت سنة كاملة في تصحيح أخطائي وتطوير معارفي حول هذا النوع من الخبز التقليدي الذي يعتبر مفخرة فرنسية".