مزاج مكتئب وشعور بالفراغ.. هكذا يستيقظ أغلب "ضحايا الحزن"، فاقدين الاهتمام بالأنشطة التي كانت ممتعة سابقا.

ومع أن الحزن عاطفة طبيعية نعيشها جميعا، فإنه يكون أعمق عندما تصاحبه خسارة كبيرة، إذا انتهت علاقة حميمة أو توفي شخص عزيز.

ويقول الباحث النفسي دافيد هاوكينز، الذي قسّم درجات الوعي لدى الإنسان، إن "الأشخاص الذين يمرون بحالة حزن شديد يستعصي عليهم فهم دور الحزن، بأنه يساعدنا على تقدير السعادة فيما بعد، لأنهم يشعرون بالعجز والأسف والندم والخسارة، ومع الوقت تتحول نظرتهم للحياة إلى نظرة تشاؤمية، رافضة أي أمل في واقعهم الجديد".

 لكن ما الذي يمنحنا القدرة على التعافي من فاجعة الموت أو تجاوز حدث مؤلم؟

يشير أغلب علماء النفس إلى أن "الاعتراف بالحزن والسماح بالتواجد مع مشاعر الحزن والإفصاح عنها -بدلا من الخوف منها- يعد أفضل شعور طبيعي علاجي"، حيث "قد يحتاج الأصحاء عاطفيا إلى فترة 6 أشهر حتى تعود مشاعرهم إلى ما كانت عليه سابقا".

كما يؤكد العلماء أن التغلب على الحزن بالعمل والانخراط في نشاطات يومية، يجنب الشخص الحزين إيذاء نفسه، من خلال التفكير "المسكين"، واجترار الأفكار السلبية والوساوس.

بينما يحذر خبراء من تحول الحزن الى اكتئاب، عندما يصاحب الشعور بالحزن، عدم القدرة على النوم أو تناول الطعام، أو الاستمتاع بالعلاقة الحميمة، لفترة تفوق بضعة أسابيع، وهذا الاضطراب المزاجي المعقد يحتاج إلى رعاية الطبيب النفسي.

أخبار ذات صلة

اكتئاب مابعد الولادة.. طرق لمرور المرحلة بسلام
نصائح ذهبية لتجنب "اكتئاب الشتاء"

"نموذج وردن" للحزن الصحي

ويركز عالم النفس وليام وردن، في كتابه "علاج الحزن وإرشاد الحزن.. دليل لممارسي الصحة العقلية"، على أن الخسارة والمعاناة والحزن يجب تقبلها باعتبارها "جزءا لا يتجزأ من الحياة".

وأورد الكاتب 4 متطلبات تتعلق بـ"الحزن الصحي" لتمكين الأشخاص الذين يمرون بنوبات حزن من التكيف مع الحياة، هي:

1- قبول واقع الخسارة:

الإنكار يسمح للشخص امتصاص خسارته ببطء، لكن ينبغي مواجهة الخسارة وقبول حقيقة أنها حدثت، فالقبول هو الاستسلام للواقع كما هو، وهو الخطوة الأولى نحو التكيف والمضي قدما.

أخبار ذات صلة

الاكتئاب الموسمي.. متى يبدأ؟ وكيف نعالجه؟
كيف تعرف أنك مصاب بالاكتئاب؟

2- تجربة ألم الحزن:

من غير المفيد قمع مشاعر الحزن والألم، لذا يجب مواجهة الألم الناتج عن الخسارة والسماح للعاطفة بالتسلل للوعي واتخاذ الخطوات المناسبة لمعالجة المشاعر، مثل البكاء، والتعبير عن الغضب، والاستعانة بصديق موثوق أو أحد أفراد الأسرة، واللجوء إلى الكتابة أو الرسم.

3- التكيف مع فقدان أحد الأحباء:

قد يشعر المرء بأن التكيف مع الحياة بعد فقدان شخص عزيز بمثابة خيانة له، وفي الحقيقة، يمكن أن يترك هذا النوع من التفكير الأشخاص عالقين لسنوات في فخ الحزن، لذلك ينبغي التكيف مع الوضع الطبيعي الجديد، مما يستلزم إعادة هيكلة الحياة.

4- استرجاع الذكريات السعيدة مع الأحباء المتوفين:

الفرح والدفء الذي قد نعيشه مع أحد أحبائنا المتوفين يبقى دائما مرافقا لنا، لذلك ينبغي محاولة التفكير في الوقت الذي قضيناه معهم كهدية، بدلا من التركيز على الخسارة.

فالشروع في حياة جديدة، لا يعني التخلي عن تلك اللحظات والذكريات العزيزة، بل هي مصدر للبهجة والقوة.

أخبار ذات صلة

اكتئاب ما بعد الولادة.. دراسة تكشف ما يحدث للآباء
الهواتف وصحتنا العقلية.. دراسة تعلن "المفاجأة السعيدة"

الواقعية بدلا من الإيجابية المثالية

يقول الطبيب والمؤلف ديباك تشوبرا، إن إحدى عيوب الإيجابية ميل الناس إلى تخيل حياة مثالية، بدلا من مواجهة حقيقة أنه لا توجد حياة مثالية.

علاوة على ذلك، فإن ما يحدث عادة هو أن معظمنا يصبح سلبيا عندما نلهي أنفسنا من خلال مشاهدة التلفاز أو قضاء المزيد من الساعات في تصفح الإنترنت، في انتظار أن ينتهي الحزن، ونتصرف كما لو لم يحدث أي شيء.

لذا ينصح تشوبرا بأن نكون "واقعيين"، وهذا يعني "إسقاط الدفاع الرئيسي، الذي نميل جميعا إلى استخدامه، وهو الإنكار، لأننا نشعر بأنه لا يمكننا فعل أي شيء حيال ذلك".

غير أن أفضل علاج للحزن هو السعادة، وأي شيء يقلل من قدرتنا على بناء سعادتنا، يجب تجنبه أو التخلص منه.

ما هو الخوف المرضي من فقدان الأحبة وما دور الطب النفسي؟