رغم أصوات القذائف وحِدة المعارك التي تدور في أوكرانيا، إلا أن نبأ استقالة مجموعة من المسؤولين بعد فضيحة تتعلق بالفساد كان له صدى لا يقل قوة عن نيران الحروب.

فالبلاد التي تعاني من تبعات شديدة لاندلاع الحرب منذ فبراير الماضي، لم تسلم من عمليات الفساد، وذلك ما بين معركة شرسة مع روسيا، ودعم غربي مادي وعسكري سخي.

أزمة فساد

خلال الأسبوع الجاري، أعلنت الحكومة الأوكرانية إقالة مجموعة من كبار المسؤولين، كان من بينهم نائب وزير تنمية البلديات والأقاليم والبينة التحتية، فاسيل. إم. لوزنكيتش.

وذكر المكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا، السبت، أن لوزينكيتش، الذي شغل منصبه منذ مايو 2020، تلقى رشوة بقيمة 400 ألف دولار لتسهيل إبرام عقود شراء معدات ومولدات بأسعار مبالغ فيها، في ظل ما تواجهه البلاد من نقص في الكهرباء بعد الضربات الروسية على منشآت الطاقة والبنية التحتية.

أخبار ذات صلة

واشنطن ترصد مساعدات عسكرية من شركات صينية للجيش الروسي
سفير روسيا: إرسال دبابات أبرامز لأوكرانيا استفزاز صارخ

وكشفت الحكومة الأوكرانية على لسان رئيسها، فولوديمير زيلينيسكي، النقاب عن تغير كبير في قياداتها، في محاولة لاستئصال الفساد على أعلى مستوى، كان من ضمن التغيير إعلان نائب رئيس المكتب الرئاسي الأوكراني، كيريلو تيموشينكو، استقالته، بعد ساعات من تصريحات الرئيس الأوكراني.

كما قدم نائب وزير الدفاع الأوكراني، إلى جانب عدد من المسؤولين الكبار، استقالتهم على خلفية قضايا فساد تتعلق بالجيش.

وأعلن زيلينيسكي منع مسؤولي الدولة من السفر دوليا لأي أغراض غير حكومية، بعد صدور تقرير أفاد أن مدعيا عاما سابقا قد سافر إلى إسبانيا في وقت سابق، على الرغم من الأحكام العرفية التي تحظر على الرجال الأوكرانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما مغادرة البلاد.

الفساد.. وتبعاته

في إطار الحرب الروسية الأوكرانية، تركز العديد من دول المجتمع الدولي الضوء على عمليات مكافحة الفساد في أوكرانيا، في وقت تسعى فيه الأخيرة لجذب أموال المساعدات، والمعدات اللازمة بهدف الدفاع عن البلاد.

ويجب على كييف الإثبات بأن أموال المساعدات لن تذهب سدى.

أخبار ذات صلة

إعلامية روسية تحذر: "حرب كبيرة تلوح في الأفق"
بعكس ما يُروج.. 9 بالمئة فقط من الشركات الغربية غادرت روسيا

كما أن مكافحة الفساد في أوكرانيا يعتبر ضرورة قصوى في إطار جهودها للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، أوصت المفوضية الأوروبية أوكرانيا، يونيو الماضي، بتعزيز عمليات مكافحة الفساد، خاصة في المناصب العليا، من خلال تفعيل آليات للتحقيقات الاستباقية الفعالة، ووجود سجلات بالمحاكمات والإدانات للمتهمين.

الفساد يضرب الجذور

أعلن مسؤولو مكافحة الفساد في أوكرانيا، في 22 من شهر يناير، رصدها لوجود "مجموعة إجرامية منظمة" قامت باختلاس أموال كانت مخصصة لإعادة إعمار وتجديد مرافق البنية التحتية الحيوية بالدولة، وتزويد السكان بالكهرباء والمياه ووسائل التدفئة خلال الشتاء الجاري، وذلك من خلال إبرام عقود باهظة الثمن.

وتم اعتقال نائب وزير تنمية البلديات والأقاليم والبينة التحتية، لوزنكيتش، عقب التأكد من تلقيه رشوة بقيمة 400 ألف دولار.

وأعلن أولكسندر كوبراكوف، وزير البنية التحتية، عن إطلاق وزارته لعمليات تدقيق في كافة المشروعات التي تم التعاقد عليها في الفترة الحالية.

ومن جانبه، أقر زيلينسكي بتخليه عن وزير في حكومته الحالية، وأوضح في بيان صدر في 22 يناير، أن الخطوة تمثل إشارة "إلى كل من تنتهك أفعالهم مبدأ العدالة".

وأضاف الرئيس الأوكراني: "التركيز الآن منصب على قطاعات الدفاع والسياسة الخارجية والحرب، ولكن هذا لا يعني أنني لا أرى أو أسمع ما يقال في المجتمع على مختلف المستويات".

أخبار ذات صلة

سلطات زابوريجيا: الجيش الروسي يشن هجوما على اتجاهين
احتدام المعارك في زابوريجيا.. وتقدم القوات الروسية بدونيتسك

واتهم تقرير محلي في أوكرانيا وزارة الدفاع بدفع مبالغ كبيرة مقابل حصص الغذاء المخصصة للجنود.

أسلحة الغرب.. لم تسلم من الفساد

على مدار الأشهر الماضية، توالت التحذيرات من نشاط السوق السوداء للسلاح داخل أوكرانيا.

وقال الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، سولونوف بلافريف، إن الغرب لديه الأدلة على ذلك، مستدلا على علم الغرب بعمليات تهريب الأسلحة بتراجع دعم أوكرانيا بأنواع معينة من المعدات، خشية أن يتم تهريبها وبيعها.

وأكد سولونوف بلافريف أن مسؤولين عسكريين أوكرانيين أقروا بفقدان بلادهم ما يقارب 50 بالمئة من الأسلحة التي وصلتهم منذ اندلاع النزاع فبراير الماضي، مما أثر على سير المعارك وعلى إحراج قادة الغرب المستمرين في إهدار الأموال لدعم نظام كييف.

وتتكرر عمليات الاختلاس والفساد في أوكرانيا منذ عقود، مما دفع الاتحاد الأوروبي لجعل تنفيذ إصلاحات لمكافحة الفساد أحد متطلباته الرئيسية لانضمام أوكرانيا إليه بعد اندلاع الحرب.